تستعرض الغارديان تضارب –حتى لا يقال تناقض- الموقف الغربي من ليبيا، فترى أن ما يُعتقد أنه "ملزمة تشد بخناق" نظام العقيد معمر القذافي، قد لا يكون سوى وهم يخفي به الغرب حرجه. وتشير الصحيفة البريطانية في هذا الصدد إلى تصريحات قائد الأركان البريطاني الجنرال سير ديفيد ريتشارد الذي طالب مؤخرا بتوسيع مجال ضربات حلف شمالي الأطلسي العسكرية – لتشمل النظام- بعد أن كان السباق إلى التذكير في بداية هذه الحملة، بأن الهدف ليس هو قلب النظام. وتتساءل افتتاحية الصحيفة عن أسباب هذا التغير في الموقف. هل لأن ألفي غارة جوية لم تأت أكلها، وبالتالي بات خضوع أداء قواته إلى التمحيص والنقد، كما هو الحال فيما يتعلق بالبصرة وهلمند أمرا محتملا؟ أم لأن طائرات التحالف العسكرية تفتقر إلى الأهداف. وتقول الصحيفة إن تضييق الخناق "البلاغي" هذا، أخذ بعدا نوعيا بعد إعلان لويس مورينو أوكامبو المدعي العام المحكمة الجنائية الدولية أن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ونجله سيف الإسلام وصهره ورئيس جهاز الاستخبارات عبد الله السنوسي مشتبه في ارتكابهم جرائم حرب. وتعتبر الصحيفة أن هذه الخطوة التي يعتقد أنها ستكون جزءا من حل المعضلة الليبية، قد تساهم في تعقيدها. فإذا فرضنا جدلا أن هذا الإعلان تتويج لتعاون عدد من المسؤولين الليبيين مع الجنائية الدولية، وعلامة من علامات التصدع الذي تعاني منه "خيمة القذافي"، فإن تذكير أوكامبو باستمرار التحقيق في جرائم الحرب، قد يدفع عددا آخر من المسؤولين الليبيين "الموالين" للقذافي، إلى التفكير طويلا، قبل الإقدام على ثقب المركب الذي يقلهم جميعا. وللخروج من هذا المأزق ينبغي التفاوض على وقف لإطلاق النار. وهنا تجتمع الأضداد، في رأي الصحيفة: "إن سياسة الحلف مرتبكة". وتوضح الغادريان قائلة: "أن تقول لا وجود للقذافي في نظام ديمقراطي جديد شيء. لكن أن تصر على أن تنحي القذافي شرط للمفاوضات، هو سد الطريق أمام كل اتفاق على إطلاق النار. وأن تصر على ضرورة أن يغادر البلاد لكي يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية، هو بمثابة أن تدعوه إلى مزيد من التصعيد العسكري. ولن يؤدي كل هذا إلا إلى الخيار العسكري وما يعنيه من مزيد من الضحايا المدنيين".
وتتبنى الديلي تلغراف في افتتاحيتها نفس الطرح تقريبا غير انها تدعو الحكومة البريطانية إلى الاستجابة لمطلب قائد أركان الجيش البريطاني، وتوسيع نطاق الأهداف العسكرية في ليبيا، "للتخلص من العقيد معمر القذافي"، خاصة وأن مذكرة بإلقاء القبض عليه وعلى ابنه وصهره، للمثول أمام القضاء الدولي، لن تزيده إلا استماتة في الدفاع عن منصبه والتشبث به. تدعو إحدى افتتاحيات الإندبندنت الثلاث الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى اغتنام فرصة أول خطاب عن سياسته الخارجية سيلقيه بعد سنتين من كلمته في القاهرة، ليدشن الطريق نحو اتفاق سلام في الشرق الأوسط. وترى الصحيفة أن الأحداث الأخيرة أبرزت بما لا يدع مجالا للشك ضرورة التوصل إلى حل تسوية ينهي هذا الصراع. وتلمح الصحيفة في هذا الصدد إلى مقتل اثني عشر فلسطينيا خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية اندلعت في مناطق حدودية بمناسبة إحياء ذكرى "النكبة" الفلسطينية، لتخلص إلى أن ما ينبغي أن يلقت نظرنا ليس هو الجهات التي قد تقف وراء هذا التطور الخطير، بل رد الفعل المتشنج لإسرائيل، والذي يشي بعودة الهاجس الأمني ليؤرق بال الساسة الإسرائيليين، كما ينذر بأن ما هو قادم كان أعظم. لقد ساهمت عدة عوامل في جمود عملية السلام منها تشكيلة الائتلاف الحاكم في إسرائيل، ومنها الخلاف الفلسطيني الفلسطيني. وإلى كل هذا انضاف عامل آخر هو قيام الانتفاضات في العالم العربي التي شدت الانتباه لبعض الوقت. وكان وصول هذه الانتفاضة إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل مسألة وقت. وبما أن المد الثوري قد وصل إلى المنطقة فينبغي العمل على ألا يصير الفتيل الذي يفجر الوضع في الشرق الأوسط، حسب الصحيفة. وتقول الفاينانشال تايمز في افتتاحيتها الثانية ينبغي للرئيس الأمريكي أن يؤكد في خطابه يوم الخميس على أن مخطط سلفه كلينتون للسلام هو أحسن ما هو موجود لضمان الاستقرار في المنطقة. وتنصح الصحيفة إسرائيل بالإصغاء، وأن تتخلى عن إصرارها على عدم تقديم أي تنازل كما هو الشأن عندما أعلنت نيتها نسف العملية الانتخابية التي تعد من بين عناصر اتفاق المصالحة الذي أبرمته حركتا فتح وحماس الفلسطينيتان. وتتفهم الصحيفة البريطانية مخاوف إسرائيل من حماس "لكن التجربة أثبتت أن نسف المسار الديمقراطي في العالم العربي يؤدي دائما إلى حمام دم". أضف إلى ذلك –تقول الصحيفة- أن الطريق إلى ثقة العالم العربي وزعاماته الجديدة التي ستتمخض عنها الانتفاضات الشعبية، يمر عبر نزوعها إلى السلم. ومن هذه الزاوية، يعد رد الفعل الإسرائيلي أثناء إحياء يوم النكبة عملا طائشا إسرائيل في غنى عنه خاصة في هذا الظرف الحرج الذي انهارت فيه الكثير من المسلمات الأمنية بالنسبة لإسرائيل ومن بينها الدعم المصري، والانشقاق الفلسطيني. "إن الجيل الجديد من القادة العرب سيكون أقل ميلا إلى الاحتذاء بأسلافه من المستبدين، وإبرام صفقات مع إسرائيل متجاهلا الرأي العام العربي. وعلى إسرائيل أن تبحث لها عن حلفاء في غمرة هذه البيئة الجديدة".