ولم يكتف البهاء بسرقة الزعامة والطريقة من الباب ، وفعل نفس الشىء - من بعد الباب - مع أخيه يحيى صبح الأزل، حين سرق الأفكار والتوجهات والأسلوب وجعل لنفسه السيادة والأولوهية. وما رأى أتباع البهاء إذا قلنا أن بهائهم وضع فى أقدسه قانونا زمنيا لتوالى الرسل والأنبياء، وهو أن يكون بين الواحد والآخر ألف عام، حين قال فى أقدسه: " من يدعى أمرا قبل إتمام ألف سنة كاملة إنه كذاب، فقد نسأل الله بأن يؤيده على الرجوع إن تاب إنه هو التواب، وإن أصر على ما قال يبعث عليه من لا يرحمه إنه شديد العقاب، من يؤول هذه الآية أو يفسرها بغير ما نزل فى الظاهر إنه محروم .." إلى آخره . وما سبق يعنى أنه هذا الحكم الظاهر لا يحتمل التأويل ، فلماذا استثنى البهاء نفسه من هذا الحكم وهو يعلم تمام العلم أن الباب سبقه فى إعلان نفسه نبيا وأنه (البهاء) أقره على هذا الإعلان وسانده إلى أن (طقت) الفكرة فى يافوخه فادعى هوالآخر النبوة والألوهية!! ولجأ البهاء إلى التأويل الذى منع الأخرين عنه ، فأقنع أصحابه أنه قد مرت ألف سنة بينه وبين الباب، ويقول فى كتاب البديع " كان المشركون أنفسهم يرون أن يوم القيامة خمسون ألف سنة فانقضت فى ساعة واحدة افتصدقون يا من عميت بصائركم ذلك وتعترضون أن تنقضى ألف سنة فى سنين معدودة ".. فهل رأيتم استخفافا بالعقول مثل هذا؟. وفى مؤتمر جماهيرى فى صحراء بدشت ادعى أتباع الباب (والبهاء واحد منهم) أن صاحبهم أتى بشريعة نسخت شريعة الفرقان (القرآن)، قالوها بتبجح عار من الأدب، ويشاء الله أن يزيد ضلالات المضلين المضلّلين فتأتى الفكرة الشيطانية كما أسلفنا للبهاء ويبدأ تنفيذها خلال هذا المؤتمر ، وبعد قليل يعلن نفسه أنه الموعود، ويضع كتابا يدعى فيه أنه أتى بشريعة منزلة وأحكام غير تلك التى وردت فى البيان والقرآن . والبهائيون يدافعون عن أنفسهم ويقولون إن خصومهم يتهمونهم بأنهم ابتدعوا عبادات خاصة بهم من صلوات يتجهون بها نحو قصر البهجة فى عكا عند أدائها وزكاة وصوم على طريقتهم وحج إلى قصر البهجة المذكور. ولا ينكر البهائيون كل ما سبق، بل يقولون إنهم يفعلون ذلك كأتباع دين مستقل عن باقى الديانات، ولهم عباداتهم وممارساتهم الخاصة. والطريف أيضا أن نفس النص الذى يقدم البهائية على أنها دين خاص ويدافع عنها جاء فيه الآتى : " وانتقل عبد البهاء (عباس أفندى) إلى حيفا حيث عرف بخدمته ومساعدته للفقراء والمساكين، وحض أتباعه على معاشرة الأديان بالروح والريحان وحضر الصلوات فى المساجد والكنائس والمعابد مثبتا اعترافه بوحدة الأديان ومصدرها. فلماذا يفعل عبد البهاء هذا؟.. لأنه يدرك أن ما دعا إليه أبوه هو ديانة تلفيقية لاترقى بأى حال من الأحوال لما يتنزل من السماء، بل لا نبالغ إذا قلنا إن البهاء غيّر فيها لمجرد التغيير حتى يدعم دعواه، وأنه أحيانا وضع أحكاما هزلية لا يملك المرء حيالها إلا الضحك سخرية، ونحن لن نتقول عليه ولكن لندع نصوصه هى التى تشهد. فى كتاب الأقدس جاء هذا الحكم: "وأن تكفنوه فى خمسة أثواب من الحرير والقطن، من لم يستطع يكتفى بواحدة منهما، كذلك قضى الأمر من لدن عليم خبير، حرم عليكم نقل الميت أزيد من مسافة ساعة من المدينة أدفنوه بالروح والريحان فى مكان قريب". ولا بد إزاء الأحكام "الحانوتية" السابقة أن تتلبس المرء الدهشة ويسأل نفسه: لماذا شغل السيد البهاء نفسه بمسألة تكفين الميت أو نقله مسافة لا تزيد على ساعة من المدينة، خاصة أنه لم يقل لنا هل نحسب المسافة سيرا على الأقدام أم البغال أم السيارة أم الطيارة أم...؟.. والله إنه لأمر محير ويستحق أن توضع فيه الكتب. وورد فى ألواح البهاء: "ألبسوا السمور كما تلبسون الخز والسنجاب وما دونهما، إنه ما نهى فى القرآن ولكن استنبه على العلماء إنه هو العزيز العلام". وها هو السيد البهاء فى اشتغال نفسه بالأقمشة والألبسة ومتابعتها حتى بعد وفاة أصحابها، يستصدر حكما بأن تؤول (ترجع) للوراث الذكر حين يقول فى أقدسه: "وجعلنا الدار المسكونة والألبسة المخصوصة للذرية من الذكران دون الإناث والوراث إنه لهو المعطى الفياض . ولا مانع أن يضفى البهاء على أحكامه بعض الغموض ، فإذا فهمنا الشطر الأول من حكمه الخاص بالسفر والصلاة فلابد أن نسأل : ماذا يقصد السيد البهاء بالشطر الثانى والروح والعظام؟. ويقول أيضا البهاء: "إن الذى وجد عرف الرحمن، وعرف مطلع هذا البيان، إنه يستقبل بعينه السهام لإثبات الأحكام بين الأنام". إن كلام البهاء أغرانى أنا شخصيا أن أؤلف له من عندى على مثال العبارة السابقة واستكملها فأقول : " فاتعظوا يا أيها اللئام حتى لا تغفل أعينكم وتنام عن تلكم الأحكام ". وحتى إضافتى أنا يمكن أن تفهم بسهولة ، وأقسم أننى أستطيع أن أضع عشرات الجمل والسطور مثلها بدون أخطاء فى الإملاء أو فى أبسط قواعد اللغة، كما يفعل البهاء، ولكنى أخاف الله وأتحسب عقابه وأستعيذ به أن أضل أو أٌضل. ونستطيع أن نمضى مع البهاء والبهائيين إلى أقصى مدى فى مناقشة كتبهم وما تحتويه ونثبت عليهم كذب دفوعهم وإنكارهم المقصود (لمن يعلم منهم) بتلك الشرائع والعقائد الباطلة، والتى يمكن أن نوجزها فيما يلى: العقائد - يعتقدون بوحدة الأديان حتى تلك الفلسفات الإلحادية ويقولون إن أصلها ومنشأها واحد. - يعتقدون باستمرار الوحى، لكنهم يشترطون أن يمر ألف عام بين المرسلين واستثنوا فقط من هذه القاعدة المدة الزمنية بين الباب والبهاء، أو خدع الأخير أتباعه وأوهمهم أن المدة انقضت معجزة من الله، وعلى هذا الأساس السابق يفسرون المقصود بختم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم للرسالة والنبوة بأن اللفظ (خاتم) هو المعنى المادى للكلمة والخاتم هو ما يلبس فى الأصبع ويتزين به ! - يؤمنون بالمهداوية 0 المهدى المنتظر) وبالتالى لا ينكرون نفس العقيدة فى الأديان الأخرى مثل اليهودية التى تنتظر المسيح المخلّص. - لا يؤمنون بالجنة أو النار لأن الجنة والنار على الأرض، وحسب أعمال العبد تحل روحه فى جسد آخر بصورة أخرى وهى فكرة عاقبة الأعمال أو (الكرما) التى تشيع فى فلسفات الهند والصين، وهذه الفكرة تسقط مسئولية الفرد عن أعماله وتسقط الحكمة الإلهية فى خلق الله "كل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه" فصدق الله وكذب البهاء. - لا يؤمنون بالملائكة والجن. - لا يؤمنون بالحياة البرزخية بعد الموت، بل يقولون إنها المدة التى انقضت بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وانبعاث الباب. - يؤمنون بصلب المسيح وبتجسده وبناسوت ولاهوت المسيح، وهو نفس ما ادعاه الباب والبهاء وبثاه فى ثنايا كتبهم التى تعبر عن عقيدتيهما . - يؤمنون بالقيمة العددية للحروف (كل حرف له عدد يساويه) لأنهم تربوا فى وسط باطنى تأويلى يشيع فيه الحروفيون ولهذا السبب فسروا العدد 19 لأنه يكافئ كلمة: واحد وحساب عدد حروفها كالتالى : الواو=6 الألف=1 الحاء=8 الدال=4 فيكون المجموع 19 ولنتوقف هنا قليلا لننبه إلى فتنة الكلمة وفتنة العدد، أما الكلمة التى افتتتنوا بها فهى (واحد) وليست (أحد) والواحد يصدر عنه واحد من ذاته وماهيته - كما يقول الفلاسفة - وعنه يتسلسل الوجود بواسطة ، والواحد هو أول العدد ويثنى ويجمع على الكثرة فيقال (أحدان) ويجمع (وحدان). أما (أحد) فهى من الوحدانية، أو كما يقول اللغويون: التى معناها أنه يمتنع أن يشاركه (الله) شىء فى ذاته، أو صفاته، وأنه منفرد بالايجاد والتدبير العام بلا وساطة. لكن لفظة الواحد تناسب عقيدة البهاء أكثر من لفظة أحد، فافتتن بها وجعل قيمة حروفها العددية (19) عددا لشهور السنة وأيام الشهر وأيام الصوم، وقد انطمست الغشاوة على عين البهاء فلم يتنبه لقول الله تعالى : " سأصليه سقر، وما أدراك ما سقر، لا تبقى ولا تذر، لواحة للبشر، عليها تسعة عشر، وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين أمنوا إيمانا" سورة المدثر: (26-31) ومرة أخرى صدق الله العظيم وكذب البهاء الذى حاول أن يوظف العدد فى كل شىء وأى شىء (كتب عليكم تجديد أثاث البيت فى كل تسعة عشر عاما). وافتتن البهاء والبهائيون أيضا - كما أسلفنا - بالعدد 9 فجعلوا نجمتهم المقدسة ذات 9 رؤوس وبنوا معبدهم المسمى مشرق الأذكار من 9 جوانب عليه قبة مكونة من 9 جوانب، وجعلوا مجالسهم المحلية تتكون من تسعة أفراد، وجعلوا الهيئة العليا التى تدير محفلهم تتكون أيضا من 9 فهل عميت أبصارهم وبصر بهائهم عن قول الله تعالى وقوله الصدق: (وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدون فى الأرض ولا يصلحون). أترى البهاء لم يقرأ هذه الآيات الواضحة الصريحة التى لا تحتاج إلى تأويل، بينما تسعف فى تأويل آيات أخرى من الذكر الحكيم فجعل المقصود بقول الله تعالى (وإذا العشار عطلت) جمع الوحوش فى حدائق الحيوان، وجعل (وإذا النفوس زوجت) اجتماع اليهود والنصارى على دينه، وجعل (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة) الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فى (الحياة الدنيا) والإيمان بالهاء فى (الآخرة). .. وللحديث بقية