مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 في مرسى مطروح    البيزنس الأسود لجماعة الأخوان «الإرهابية» تستخدم التبرعات وحصيلة الاستثمارات لتمويل المنصات الإعلامية الموجهة ضد مصر    انعقاد استثنائى وتشريعات مردودة |«الدور السادس» وإعادة القوانين.. «عرض أول» ببرلمان الجمهورية الجديدة    وزير الطيران يبحث مع نظيره البولندي تعزيز التعاون في مجالات النقل الجوي    وزير الإسكان يزف بشرى سارة للمصريين: طرح 25 ألف وحدة جديدة    وزير البترول يكشف ل أحمد موسى موقف زيادة أسعار الوقود    فلسطين تُرحب بجهود ترامب لإنهاء الحرب في غزة    الجهاد الإسلامي: خطة ترامب هي اتفاق أمريكي-إسرائيلي يعكس بالكامل الموقف الإسرائيلي    ترامب: خطتي للسلام في الشرق الأوسط قد تشمل إيران    السفير محمد كامل عمرو: خطة ترامب قد تكون بذرة صالحة للتسوية في غزة إذا ما نُفذت بنزاهة    مصادر عسكرية إسرائيلية: نزوح 800 ألف شخص من مدينة غزة    مجدي عبدالغني يحذر الأهلي بسبب بيراميدز.. ويؤكد: «الزمالك على استحياء هيكون تالت الدوري»    بعد هزيمة الزمالك.. لميس الحديدي ساخرة: قلبي يقطر دما    الأهلي يهزم الزمالك في القمة 131 ويشعل صراع الصدارة في الدوري المصري    نجم الأهلي السابق يشيد بتعامل كوكا مع أخطر لاعبي الزمالك في القمة    مصرع 7 عناصر إجرامية والقبض على 5 آخرين خلال مواجهات مع الأمن بالبحيرة    وزير الإسكان يكشف عن انفراجة بملف أرض نادي الزمالك    أحمد داش يشاهد فيلم لا مؤاخذة بعد 11 عامًا من عرضه الأول    جيريمي سترونج يجسد مارك زوكربيرج في الجزء الثاني من The Social Network    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة الأقصر    سر بسيط من الطبيعة هيساعدك في تنظيم سكر الدم وتعزيز الطاقة    "غرقنا ولازم يمشي"، شيكابالا يطالب برحيل فيريرا عن الزمالك "فورا" (فيديو)    جمال عبدالحميد يهاجم فيريرا بعد هزيمة الزمالك من الأهلي    «ميقعدوش دكة».. مصطفى عبده يتغنى بثلاثي الأهلي بعد الخسارة من الزمالك    عيار 21 الآن بالمصنعية.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر بالصاغة بعد الارتفاع التاريخي    اليوم، الحكم في دعوى التعويض ضد الفنان أحمد صلاح حسني    الأرصاد تحذر: موجة تقلبات جوية تضرب البلاد خلال الأيام القادمة    الداخلية الكويتية: ضبط مقيم عربي خطط لعملية إرهابية تستهدف دور العبادة    فيضان النيل يحاصر «جزيرة داوود» بالمنوفية.. والأهالى: «نستخدم القوارب»    العزلة تتزايد.. إسبانيا تمنع عبور طائرات وسفن أمريكية محملة بالأسلحة إلى إسرائيل    وزير الري الأسبق: إثيوبيا مررت 5 مليارات متر مكعب من سد النهضة خلال الأسبوع الماضي    كان رمزا للعطاء والتفاني، جامعات المعرفة الدولية تنعي رئيسها ياسر صقر    أول حفل مباشر لمغنيات "K-pop Demon Hunters" الحقيقيات على مسرح جيمي فالون    3 أيام عطلة رسمية.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 في مصر للقطاع العام والخاص بعد ترحيلها    يصل إلى 14 جنيها، انخفاض جديد في أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    راحة فورية وطويلة المدى.. 7 أطعمة تخلص من الإمساك    غير الحمل.. 7 أسباب لانقطاع الدورة الشهرية    بسبب خلافات مالية.. تجديد حبس المتهم بقتل صديقه في مصر الجديدة    إلغاء «طموح جارية» من مناهج الإعدادية 2026.. توزيع منهج اللغة العربية والدرجات وخطة التدريس كاملة    الأردن: جماعة الإخوان أنفقت 1% من التبرعات على جهات إغاثية والباقي على أنشطتها المحظورة    "معاريف": رسالة نصية وراء اعتقال رئيس مكتب بن غفير    لاتسيو يكتسح جنوى بثلاثية خارج الديار في الدوري الإيطالي    قرار جديد بشأن بلوغ المعلمين سن المعاش 2025.. (تعليمات عاجلة للمديريات والتأمينات الاجتماعية)    37 عامًا على رحيل فتحي رضوان «المثقف الشامل»    احتكاكات غير لطيفة مع بعض زملاء العمل.. توقعات برج الحمل اليوم 30 سبتمبر    موظف بسيط دخل التاريخ صدفة.. حكاية أول وجه ظهر على شاشة التلفزيون    "التعليم في مصر الفرعونية" ضمن أنشطة ثقافة الغربية للتوعية بمخاطر الأمية    تعاون بين مكتبي مصر والسعودية لدى «الاتحاد الدولي للعقار»    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الثلاثاء 3092025    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الثلاثاء 30سبتمبر2025 في المنيا    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الثلاثاء 3092025    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الخميس 2 أكتوبر    انطلاق المؤتمر السنوي لأمراض الغدد الصماء والسكر بمشاركة نخبة من الخبراء ب«عين شمس»    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    مصرع طفلين غرقا في حادثين منفصلين بدار السلام وجرجا في سوهاج    وزارة الصحة توضح حقيقة شكوى مواطنة من معهد القلب القومي    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجزرة الإسكندرية والعودة لأصول دولة المواطنة - د‏.‏ طه عبد العليم - الأهرام -4/1/2011
نشر في مصر الجديدة يوم 04 - 01 - 2011

نص برنامج الثورة العرابية‏,‏ كما سجله بيان الحزب الوطني الأول‏,‏ علي أن هذا الحزب هو حزب سياسي غير ديني‏.‏ وفي ثورة‏1919‏ بقيادة سعد زغلول‏,‏ عبر المصريون عن ذات الموقف بشعار الدين لله والوطن للجميع‏.‏
والتف المصريون حول حزب الوفد وقيادته المدنية‏,‏ وعجز تحالف السراي الملكي مع الإخوان المسلمين عن النيل من شعبية حزب الوفد‏.‏ ولم تهتز شعبية جمال عبد الناصر رغم العنف الذي تعامل به مع الإخوان المسلمين‏.‏ وقد انتصرت مصر بقيادة مبارك علي الإرهاب المحلي بجرائمه كما ستنتصر علي الإرهاب من الخارج‏.‏ وتبقي المعركة الفكرية لإعلاء الولاء والإنتماء لمصر ودولة المواطنة المدنية مهمة جميع مسلمي ومسيحيي مصر بعد مجزرة كنسية القديسين النكراء بالإسكندرية‏.‏
والواقع أن مبدأ المواطنة كان قرين الدولة المدنية في مصر الحديثة‏.‏ وقد تقبل المصريون أفكار الوطنية المصرية ودولة المواطنة المدنية‏,‏ والتفوا بحماس حول القيادات الوطنية‏,‏ التي حملت هذه الأفكار‏,‏ بعد قرون من الانضواء تحت قيادات دينية‏,‏ وصارت مصلحة الوطن بالنسبة لهم تسبق تمايزهم الديني‏,‏ الذي بقي في وجدانهم أمرا شخصيا بين المرء وربه‏.‏ ويسجل الدكتور طاهر عبد الحكيم‏,‏ في كتابه المهم الشخصية الوطنية المصرية‏..‏ قراءة جديدة لتاريخ مصر‏,‏ أن الدور العسكري السياسي الذي لعبه محمد علي باسم مصر تحت شعار القومية العربية في مواجهة الخلافة العثمانية قد أسهم في استعادة معني الكيان السياسي الوطني المستقل لها‏.‏
وكان إدخال محمد علي اللغة العربية لتحل محل اللغة التركية كلغة للمعاملات الرسمية خطوة مهمة نحو استعادة الملامح الوطنية لمصر‏.‏ وأعادت معاهدة‏1840‏ التي أعطت أبناء محمد علي حق وراثته في حكم مصر لمصر كيانها الجغرافي السياسي المحدد‏.‏ وكان من أهم ما ترتب علي سياسات محمد علي الاحتكاك الواسع بالثقافة الغربية‏,‏ سواء من خلال البعثات الي أوروبا أو من خلال الخبراء الأوروبيين في مصر‏.‏ وقد فتحت البعثات العلمية بابا نفذت منه فكرة دولة المواطنة المدنية‏,‏ خاصة من خلال ترجمات وبعض مؤلفات رفاعة الطهطاوي‏,‏ والشيخ حسين المرصفي‏.‏
وكانت إنجازات الطهطاوي الفكرية تدور حول الوطن والأمة‏.‏ وأصبح الوطن في فهم الطهطاوي حقيقة جغرافية وتاريخية وحضارية‏.‏ ولم ير الطهطاوي مصر كحقيقة حضارية بدأت فقط مع الفتح العربي الإسلامي‏,‏ وبدأ وتلامذته يكتبون تاريخ مصر منذ بداية أيام الفراعنة‏.‏ وكانت إنجازات الطهطاوي الفكرية فيما يتعلق بالوطن والأمة ونظرته المدنية للعلاقة بين الشريعة والقوانين الطبيعية بدايات نسج عليها مفكرو الثورة العرابية‏,‏ وكان لها أثرها في تشكيل إرهاصات هذه الثورة‏.‏ وهكذا‏,‏ يقول بيان الحزب الوطني الصادر في‏4‏ نوفمبر‏1879:‏ إن المسلمين والنصاري واجميع من يرث أرض مصر ويتكلم لغتها إخوان‏,‏ وحقوقهم في السياسة والشرائع متساوية‏.‏
وأما عبد الله النديم فيضع المسألة بوضوح أكثر‏:‏ العيش الكريم في ظل الاستقلال والانتشار الشامل للوطنية هو أفضل من العيش المهين ولو كان في ظل وحدة العقيدة‏.‏ وفي عديد من مقالات وخطب النديم تأكيد علي أن الوحدة الوطنية أهم من الوحدة علي أساس الدين‏,‏ وأن الروابط القومية أقوي من الاختلاف في العقيدة الدينية‏.‏ ولدي مفكري الثورة العرابية لم نعد بإزاء مسلمين وذميين كما كان الحال عند الطهطاوي‏,‏ ومهما كانت درجة التسامح والحرية اللتين كان يطالب بهما للذميين بل نحن بإزاء مواطنين مصريين مدعوون إلي الوحدة والترابط بصرف النظر عن الانتماء الديني‏.‏
وبعد أربع سنوات من صدور كتاب المرشد الأمين للطهطاوي يستهل مجلس شوري النواب الثاني رده علي خطاب العرش بالقول‏:‏ نحن نواب الأمة المصرية ووكلاؤها المدافعون عن حقوقها‏,‏ الطالبون لمصلحتها‏.‏ وكانت كلمة الأمة عندما ظهرت في الفكر الاجتماعي والسياسي المصري في القرن التاسع عشر تعني علي وجه التحديد الأمة المصرية‏.‏ وحسم مجلس شوري النواب الثاني هذا الأمر عندما تحدث أعضاؤه باعتبارهم نواب الأمة المصرية‏.‏
وعندما قال أحمد عرابي لتوفيق في ميدان عابدين‏:‏ نحن هنا باسم الأمة كان يعني الأمة المصرية‏.‏ وحينما تعرض الشيخ محمد عبده لموضوع الأمة‏,‏ في بيان الحزب الوطني‏,‏ كان واضحا وضوحا لا لبس فيه أن الأمة التي يعنيها هي الأمة المصرية‏,‏ وكذلك حينما تحدث عنها عبد الله النديم‏.‏ وفي ثورة‏1919‏ وما بعدها‏,‏ وحينما كان حزب الوفد بقيادة سعد زغلول يتحدث عن نفسه باعتباره وكيل الأمة‏,‏ أو أنه هو الأمة‏,‏ كان يعني الأمة المصرية‏.‏
وفي تطور فكرة الأمة المصرية ودولة المواطنة المدنية لعب الإمام جمال الدين الأفغاني دورا مهما‏.‏ وهو يتحدث عن المصريين باعتبارهم أمة فيقول في كتابه الخاطرات‏:‏ إذا اتحد المصريون ونهضوا كأمة لا تري بدا من استقلالها فبشر المصريين بأحسن المآل ونيل الاستقلال‏.‏ وهو مؤمن بالوطنية المصرية‏,‏ ويذكر من مناقب المصريين أنه كان لهم زمن أحس فيه كل واحد بنسبته من الآخر بأنه‏:‏ وطني مصري‏!‏ ويقول الأفغاني في الخاطرات‏:‏ أما اختلاف أهل الأديان فليس هو من تعاليمها ولا أثر له في كتبها‏,‏ وإنما هو من صنع بعض رؤساء تلك الأديان الذين يتجرون بالدين‏.‏
وأعلن الأفغاني أن التشريعات تتبدل بتطور الزمان‏,‏ وأنه من الخطأ الذي لا يغتفر الجمود والوقوف عند أقوال أناس هم أنفسهم لم يقفوا عند أقوال من تقدمهم‏,‏ وكان يوجه نقده هذا للقائلين بأن باب الاجتهاد قد أغلق بعد الأئمة الأربعة‏.‏ وعند جمال الدين الأفغاني مصدر قوة الأمة هو في تمسكها بالأصول الجوهرية‏,‏ أما مصدر ضعفها فهو تغليب الخلافات الفرعية‏,‏ ولذلك كان يركز علي الوحدة الوطنية في المصالح العامة‏.‏ وكان الأفغاني أول من صاغ عبارة مصر للمصريين التي صارت شعارا للثورة العرابية وللحركة الوطنية التالية لها بقيادة مصطفي كامل‏.‏
وعلي طريق ترسيخ فكرة دولة المواطنة المدنية‏,‏ أصدر الشيخ الإمام محمد عبده أحد أهم أحكامه حين قال‏:‏ علمت أن ليس في الإسلام سلطة دينية سوي سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلي الخير والتنفير من الشر‏.‏ وفرضت هذه الفتوي المهمة الحصار مبكرا علي الدعوي السلفية التي حمل لواءها الشيخ رشيد رضا والقائلة بأن الإسلام دين ودولة‏,‏ كما كانت سلاحا أساسيا في المعركة التي بدأها الشيخ علي عبد الرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم في عام‏1925‏ ضد محاولة الملك فؤاد وهيئة كبار العلماء في الأزهر‏,‏ والشيخ رشيد رضا‏,‏ بدفع ودعم من الإنجليز‏,‏ لنقل الخلافة إلي القاهرة بعد أن أسقطها كمال أتاتورك في إسطنبول‏,‏ ووقف الشيخ رشيد رضا‏,‏ الأب الروحي للإخوان المسلمين‏,‏ بقوة إلي جانب الملك فؤاد‏.‏
وتبقي المعركة الفكرية ضد دعاة دولة الخلافة وزمرة أعداء المواطنة ومن أجل إعلاء الولاء والإنتماء الوطني مهمة مستمرة لمسلمي مصر‏.‏ كما يبقي علي مسيحيي مصر أن يخوضوا معركتهم الفكرية ضد نزعة الدولة الكنسية وزمرة الاستقواء بالخارج علي حساب الانتماء والولاء الوطني‏.‏ ولا أشك قط في انتصار مصر والمصريين لإعلاء دولة المواطنة‏,‏ لأن هذا الانتصار حليفهم طوال تاريخهم الألفي‏.‏ وقد بقيت الوحدة السياسية لمصر‏,‏ فلم تعرف القسمة لا طولا ولا عرضا‏,‏ وبقيت الوحدة الوطنية ركيزتها‏,‏ منذ كون المصريون أول أمة علي وجه الأرض‏,‏ ولم يقوضها التمايز الديني رغم تعدد المعتقدات الفرعونية القديمة‏,‏ كما قدمت نموذجا فريدا لتعايش الأديان السماوية لن ينجح في اختراقه أهل الكهف‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.