لليوم الثالث.. لجان تلقي أوراق انتخابات مجلس النواب تستقبل طالبي الترشح    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد أبو بكر الصديق بالإسماعيلية (بث مباشر)    نقيب الأطباء يُدلي بصوته في انتخابات التجديد النصفي    إدراج 36 جامعة مصرية في تصنيف التايمز العالمي لعام 2026    قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية ورسائل نصر أكتوبر تتصدر نشاط السيسي الأسبوعي    المشاط: السردية الوطنية إطار شامل للإصلاحات والتنمية الاقتصادية    أسعار السمك اليوم الجمعة في مطروح    وزيرة التنمية المحلية والبيئة تشارك فى الجلسة غير الرسمية لتبادل الآراء والرؤى حول مستقبل الاتحاد الدولي لصون الطبيعة    انقطاع المياه 6 ساعات في الهرم وفيصل بالجيزة    وزير الزراعة يؤكد دعم مصر الدائم للأشقاء بالقارة السمراء    استبعاد ترامب، الفنزويلية ماريا كورينا ماشادو تفوز بجائزة نوبل للسلام    فتح معبر كرم أبوسالم لإدخال قافلة المساعدات ال 48    فضل شاكر 13 عاما من الغياب والجدل.. حكومة لبنان تعلق على محاكمته    خطة فليك لإعادة برشلونة على الطريق الصحيح    ضبط مطبعة غير مرخصة بشبرا الخيمة    الداخلية تكشف ملابسات حريق سيارات داخل مجمع سكني بالقاهرة    الداخلية تداهم بؤرا إجرامية لتجار المخدرات والأسلحة وتضبط كميات ضخمة ب90 مليون جنيه    موعد بدء التقديم لحج القرعة 2026 عبر أقسام الشرطة وأون لاين    تكثيف البحث لكشف غموض العثور على جثة سيدة مجهولة بالإسكندرية    افتتاح معرض "سكون يحمل في طياته" ل محمود حامد الأحد    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام 2025    منة شلبي وكريم فهمي يحققان 7 ملايين جنيه خلال يومي عرض بفيلم «هيبتا 2»    باستثمارات 50 مليون جنيه، تشغيل وحدتي الحروق المتكاملة والمناظير بمجمع الأقصر الدولي    احذري، الكحة عند طفلك يمكن أن تتطور إلى التهاب رئوي    «السبكي»: تشغّيل وحدات طبية بمجمع الأقصر الدولي بتكلفة 50 مليون جنيه    الصحة: إجراء الكشف الطبي على 3521 مرشحًا لانتخابات مجلس النواب    «صحة الشرقية»: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن مبادرة «علاج أمراض سوء التغذية»    مساجد المنيا تستعد لصلاة الجمعة اليوم وسط التزام بالإجراءات الدينية والخدمية    سعر الأسمنت اليوم الجمعه 10 اكتوبر 2025 فى المنيا    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة....تعرف عليها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة قنا    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    إذاعة جيش الاحتلال: القوات ستتمركز على خطوط الانسحاب بحلول ظهر اليوم    جهود فنية في الجنوب.. مهرجان المنيا الدولي للمسرح يعلن اختيار 20 عرضًا ب دورته الثالثة    مصطفى شوبير يحرس مرمى منتخب مصر أمام غينيا بيساو    الصومال ضد الجزائر.. مونديال 2026 يشهد عودة الخضر بعد غياب 12 عاما    «دعاء يوم الجمعة» لتفريج الهم وتيسير الحال وسعة الرزق .. كلمات تريح البال وتشرح الصدر    عاجل - تصاعد التوتر في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار: غازة إسرائيلية عنيفة في خان يونس    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    المغرب تضرب موعدا مع الولايات المتحدة فى ربع نهائى مونديال الشباب.. فيديو    «مكنتش أتمنى يمشوا».. وليد صلاح الدين: «زعلت بسبب ثنائي الزمالك»    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    رمضان 2026 في شهر كام ؟ موعد غرة الشهر الكريم وعدد أيامه    رسميًا..موعد العمل بالتوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    طولان يقرر عودة ثنائي منتخب مصر الثاني إلى القاهرة بعد تعرضهما للإصابة    كريم فهمي يحسم الجدل: "ياسمين عبد العزيز صديقتي.. وتشرفني أي مشاركة معاها"    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    بسبب محل.. التحقيق مع مسؤول بحي العمرانية لتلقيه رشوة من أحد الجزارين    خليل الحية: غزة تصنع المعجزات وتؤكد أنها محرمة على أعدائها    ما بيحبوش الزحمة.. 4 أبراج بتكره الدوشة والصوت العالي    «زي النهارده» في 10 أكتوبر 2009 .. وفاة الدكتور محمد السيد سعيد    «أي هبد».. وليد صلاح الدين يهاجم نجمًا شهيرًا: «ناس عايزة تسترزق»    تفاصيل جلسة لبيب مع فيريرا وجون إدوارد    خوفاً من السنوار.. لماذا صوت بن جفير ضد قرار انتهاء الحرب في غزة؟    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع يانيك فيريرا فى الزمالك بحضور جون إدوارد    السيسي يُحمّل الشعب «العَوَر».. ومراقبون: إعادة الهيكلة مشروع التفافٍ جديد لتبرير الفشل    بدء الغلق الكلي بشارع 26 يوليو للقادم من كوبري 15 مايو لتنفيذ أعمال المونوريل    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نقاوم دعاة الفتنة الدينية وتفتيت المصريين؟

أعتقد أن هذا هو السؤال الذي جال بخاطر ملايين المصريين الذين ينفرون بطبيعتهم من دعاوي التفرقة والبغضاء بين المسلمين والمسيحيين أبناء الوطن الواحد وشركاء المعيشة المشتركة‏.‏ والإجابة المباشرة والصريحة هي أن نؤكد جميعا ثوابت الوطن المصري والأسس التي قامت عليها الدولة المصرية الحديثة من ايام الوالي محمد علي إلي عهد الرئيس حسني مبارك‏.‏
الإجابة هي في التمسك بمباديء المواطنة والوطنية المصرية التي ترسخت في ثورة‏1919‏ وتمثلت في نصوص ومواد دستورية حاكمة للحياة السياسية في بلادنا‏..‏ وفي أن نرفض بوضوح وجلاء محاولات تغيير الاساس الدستوري والمدني للدولة ولنظام الحكم‏,‏ وفي أن نرفض أيضا محاولات التشكيك في مبدأ المواطنة الذي يضمن المساواة بين كل المواطنين‏,‏ ومحاولات اعطاء تبريرات دينية للتمييز بين المصريين علي اساس الدين أو النوع‏.‏ وهذه المحاولات كانت موجودة طوال القرن العشرين ولكن الإرادة الوطنية المصرية هزمتها وحصرتها في منطقة هامشية غير مؤثرة وعلينا أن نتذكر اليوم تاريخ مصر والمصريين الذين دافعوا عن الاساس المدني للدولة‏.‏
نتذكر مثلا احداث ثورة‏1919‏ التي انصهر في أتونها المسلمون والأقباط فكان علم الثورة في وسطه هلال ابدلت بنجومه صلبان وخطب الكهنة من علي منابر المساجد والمشايخ امام مذابح الكنائس وعندما اعتقلت السلطات الإنجليزية محمود سليمان رئيس اللجنة المركزية للوفد وإبراهيم سعيد وكيلها عين الوفد مرقص حنا وكيلا للجنة لافشال محاولات الاحتلال تقسيم الشعب علي أساس ديني‏.‏
وعندما عرض الانجليز منصب رئيس الوزراء علي يوسف وهبة‏(‏ القبطي‏)‏ في وقت رفعت فيه الحركة الوطنية شعار عدم التعاون مع الاحتلال اجتمع الأقباط في الكنيسة المرقسية يوم‏21‏ نوفمبر‏1919‏ وأعلنوا فيه أن قبول وهبة لهذا العرض يخالف ما اجتمعت عليه الأمة من طلب الاستقلال التام‏.‏ من ناحية اخري حرص سعد زغلول علي إبراز قيادات قبطية قوية للإشارة إلي وحدة الأمة فانضم واصف بطرس غالي وسنوت حنا وجورج خياط الي الوفد‏.‏
وعندما أجاب سعد عن سؤال بشأن حال الأقباط بعد الاستقلال قال‏:‏ يكون شأنهم شأننا لافارق بين أحد إلا في الكفاءة الشخصية وفي خطاب له بالإسكندرية في‏6‏ أبريل‏1921‏ قال‏:‏ أشكر العلماء والقسس الذين باتحادهم أبطلوا حجة في يد الخصوم طالما اتخذوها سلاحا قاطعا‏.‏ أزالوا الفوارق وأثبتوا أن الديانات واحدة تأمر بالدفاع عن الوطن وأنه ليس لها تأثير إلا في عبادة الخالق جل وعلا أما في الوطن فالكل سواء‏.‏ وفي اليوم التالي بالقاهرة عندما قام سعد بتحية أرواح شهداء الحركة الوطنية حرص علي أن ينتقل من مدافن الإمام الشافعي الي مدافن الكنيسة القبطية‏.‏
لقد وضع المصريون في ثورة‏1919‏ أساسا راسخا للوحدة الوطنية ولمفهوم مدني للعلاقات السياسية يقوم علي مبدأ المساواة بين جميع المصريين فكان شعار الثورة الدين لله والوطن للجميع أو الدين للديان والوطن للجميع‏.‏ وكان مفهوم الوحدة الوطنية يشير إلي معنيين مهمين‏:‏ الأول أن الولاء لمصر هو الولاء الأول الذي يسبق اي انتماءات عشائرية أو قبلية أو إقليمية‏,‏ والثاني أن كل المصريين متساوون امام القانون وفي الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو أي اعتبار آخر‏.‏
والخلاصة أن الدولة المصرية الحديثة نشأت علي رابطة المواطنة التي تجمع بين كل المصريين وهي رابطة ذات طبيعة سياسية‏.‏ لقد فهم المصريون ذلك تماما وكان سلوكهم الانتخابي علي مدي سنوات طويلة سلوكا وطنيا وكم من المصريين الأقباط الذين تم انتخابهم في مجلس النواب في دوائر ذات أغلبية كاسحة من المسلمين وكان المعيار الذي يستند إليه الناخب هو الانتماء الحزبي دون أي اعتبار آخر‏.‏
ويذكر أحمد حسين رئيس جمعية مصر الفتاة أنه عندما ذهب في نوفمبر‏1933‏ لمقابلة مصطفي النحاس باشا رئيس حزب الوفد ومناقشته في برنامج الجمعية والتي كان شعارها‏:‏ الله الوطن الملك‏,‏ أن النحاس أعترض علي الشعار وقال له خذ مثلا كلمة الله التي وضعتها في أول شعارك فلا أراها إلا شعوذة لأن وضع كلمة الله في برنامج سياسي هو شعوذة وفي عام‏1937‏ وكان النحاس وقتها رئيسا للوزراء أعترض علي إقامة مناسبة دينية كجزء من اجراءات تولي الأمير فاروق عرش مصر وهي الفكرة التي وردت في مسلسل الجماعة الذي عرض في رمضان الماضي والتي تضمنت قيام شيخ الأزهر الشريف بتقليد فاروق سيف جده محمد علي‏.‏ اعترض النحاس علي أساس أن ذلك من شأنه أن يوجد سلطة دينية إلي جانب السلطة المدنية المنتخبة من الشعب والمسئولة سياسيا ودستوريا‏.‏
وخاطب النحاس مجلس النواب بقوله‏:‏ إن الاسلام لايعرف سلطة روحية وليس بعد الرسل وساطة بين الله وعباده فلا معني إذن للاحتجاج في هذا الشأن بأن دين الدولة هو الإسلام أو بمكانة مصر لدي الأمم الإسلامية‏.‏ بل ان هذه المكانة الإسلامية تستلزم أن ننزه الدين عن إقحامه فيما ليس من مسائل الدين‏.‏
وأستطيع الاستطراد وأن أعطي عشرات الأمثلة لتبيان أن الدولة المصرية الحديثة قد نشأت علي أساس مدني وأن الجنسية المصرية والعلاقات السياسية بين الحاملين لها ومايترتب عليها من حقوق وواجبات تستند إلي مباديء المساواة والمواطنة وعدم التمييز‏.‏
وعلي مدي سنوات القرن العشرين كانت هناك محاولات لضرب هذا الأساس المدني في مناسبات مختلفة‏.‏ مثل الترويج لإحياء الخلافة في مصر بعد إلغائها في تركيا عام‏1924‏ واقتراح أن يكون الملك فؤاد خليفة المسلمين‏,‏ ومثل قيام جماعات وظفت الدين لخدمة أهدافها السياسية وللوصول إلي السلطة‏.‏ ومع أن الحجم الفعلي لهذه الآراء والتوجهات في المجتمع محدود‏,‏ فمن الأمور المؤسفة أن بعض أدوات الإعلام تبرزها وتسلط الضوء عليها بما يعطيها وزنا وقيما أكبر من قدرها الحقيقي‏.‏
في العقدين الأولين من القرن العشرين استخدم الاحتلال ورقة الأقباط لعدم إعطاء مصر الاستقلال وفشلت المحاولة‏.‏ وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تستخدم قوي داخلية وخارجية نفس الموضوع لتفتيت وحدة الشعب المصري‏.‏ وتتداخل المصالح والآراء ومن مظاهرها تصريحات رعناء وغير مسئولة من بعض الأطراف المسلمة والمسيحية‏,‏ وقوي خارجية تسعي لتوسيع رقعة الفتنة بين الإخوة‏,‏ واتهامات بالإستقواء بالخارج‏,‏ ومحاولات للإثارة الإعلامية والترويج لهذه الصحيفة أو القناة التليفزيونية بحجة جرأتها في تناول الموضوع‏.‏
والموقف اليوم أكثر تعقيدا ولكن لاشك عندي أن المحاولة الراهنة سوف تلقي نفس مصير المحاولات السابقة‏.‏
المزيد من مقالات د‏.‏ علي الدين هلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.