ينتهز الفرنسيون أي فرصة لإظهار ولائهم ومساندتهم لإسرائيل ونفاق الجالية اليهودية بكل الوسائل, وأحيانا يختلقون الفرص والمناسبات ويفتعلون أحداثا لتأكيد غرامهم بتل أبيب. في الأسبوع الماضي أصدرت هيئة السكة الحديد في فرنسا, بيانا أعلنت فيه عن أسفها واعتذارها عن دورها في ترحيل عشرات الآلاف من اليهود إلي معسكرات الاعتقال النازية في أثناء الحرب العالمية الثانية, وأعلن المدير العام للهيئة, أننا نبدي أسفنا العميق ونعتذر بشدة لترحيل هؤلاء المعتقلين, ولم يعلن رئيس السكة الحديد الفرنسية أسباب هذا الاعتذار المفاجئ والذي جاء بعد سبعين عاما من ترحيل المعتقلين, لكن بعد البحث وراء هذا السلوك الإنساني, وتعذيب الضمير المفاجئ, تبين أن الانتهازية الفرنسية البحتة والحرص علي الفوز بصفقة إنشاء خط سكة حديد فائق السرعة في ولايتي فلوريدا وكاليفورنيا, كانت وراء هذا الاعتذار الذي تأخر كثيرا حتي جاء الوقت المناسب لإعلانه, فقد كان شرط فوزهم بهذه الصفقة الاعتذار عن نقل المعتقلين اليهود من باريس الي معسكرات الاعتقال النازية في أثناء الحرب الثانية. والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتحدث كثيرا عن القيام بدور فرنسي في الشرق الأوسط, ويطالب بوطن للفلسطينيين, لكنه مثل الأمريكيين, يمتدح إسرائيل بالباطل في كل مناسبة ولا يمارس أدني الضغوط عليها لتتراجع عن سياسة القمع التي تمارسها ضد الفلسطينيين. وفي الصيف الماضي, أقام عمدة باريس برتراند دولانوي احتفالا كبيرا بمناسبة إطلاق اسم دافيد بن جوريون علي واحد من أكبر ميادين العاصمة الفرنسية, وحضر الاحتفال رئيس إسرائيل شيمون بيريز, وأعتقد أن عمدة باريس لا يغيب عنه أنه عندما يكرم مؤسس إسرائيل وأحد عتاة الإرهاب في العصر الحديث, الذي قاد عمليات قتل مئات العرب, فإنه يكرم الجريمة والإرهاب, لكن لا قيمة للمبادئ أو الأخلاق أمام هدف مسيو دولا نوي في الحصول علي أصوات اليهود الفرنسيين ومساندتهم له ولأعضاء حزبه في الانتخابات البلدية التي كانت ستجري بعد شهر من موعد الاحتفال الكبير. علي العرب أن يبحثوا عن أصدقاء جدد بدلا من الأمريكيين والأوروبيين, والأفضل أن يصادقوا أنفسهم ويتعلموا مما يجري أمامهم في السر والعلن.