عاجل - أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة.. آخر تطورات عيار 21    بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة في الدقهلية    رئيس COP28: على جميع الدول تعزيز طموحاتها واتخاذ إجراءات فعالة لإعداد خطط العمل المناخي الوطنية    إعلام أمريكي: إدارة بايدن تعلق فرض عقوبات على وحدة عسكرية إسرائيلية    رفع المعدل البدني للاعبي الزمالك قبل مواجهة دريمز الغاني    النصر يتعادل مع اتحاد كلباء في الدوري الإماراتي    نائب محافظ القاهرة: حملة مكبرة لرفع الإشغالات بحي الخليفة    مصرع شاب غرقا في بحر شبين بالمنوفية    في الأسبوع الثالث من عرضه.. "فاصل من اللحظات اللذيذة" يقترب من ال 40 مليون    تكثيف أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحي بمحافظات القناة    معركة التنمية    استمرار مجازر الاحتلال وعدد الضحايا يتجاوز 111 ألفا    نائبة تطالب العالم بإنقاذ 1.5 مليون فلسطيني من مجزرة حال اجتياح رفح    الأوقاف تعلن أسماء القراء المشاركين في الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    «المدارس الكاثوليكية».. وبناء الإنسان    بيراميدز يهزم الزمالك برباعية ويتوج بدوري الجمهورية    الزراعة: تنمية سيناء أمن قومي.. ونستهدف استصلاح مليون فدان    تعرف على أعلى خمسة عشر سلعة تصديراً خلال عام 2023    التعليم في أسبوع | إنشاء 8236 مدرسة منذ 2014 حتى الآن.. الأبرز    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    تحرير 8 محاضر.. جهاز مدينة الشروق يشن حملات ليلية لرفع الإشغالات    سيد رجب: شاركت كومبارس في أكثر من عمل    السينما الفلسطينية و«المسافة صفر»    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بأسيوط يفاجئ المستشفيات متابعاً حالات المرضى    وكيل خطة النواب : الحوار الوطني فتح الباب لتدفق الأفكار    محافظ المنوفية: 25 فاعلية ثقافية وفنية خلال أبريل لتنمية المواهب الإبداعية    ميار شريف تضرب موعدًا مع المصنفة الرابعة عالميًا في بطولة مدريد للتنس    مجلس أمناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    شركة GSK تطرح لقاح "شينجريكس" للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    البيت الأبيض يواصل مساعيه للإفراج عن المحتجزين فى قطاع غزة رغم رفض حماس    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    تعديل طارئ في قائمة ريال مدريد لمواجهة سوسيداد    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلاص يعنى خلاص – بلال فضل – المصرى اليوم
نشر في مصر الجديدة يوم 26 - 09 - 2010

2 -قبل حتى أن تنجلى زوابع حجب «القاهرة اليوم» جاء خبر استبعاد الكاتب الكبير الأستاذ إبراهيم عيسى من قناة «أون تى فى» ليضيف خطوطا داكنة مهببة إلى اللوحة السوداء.. مدير القناة ألبير شفيق قال كلاما كوميديا جدا فى البيان الجاد الذى نشرته الصحف، قالك إيه إنه «تلقى إخطارا من إبراهيم عيسى بعدم قدرته على الاستمرار فى تقديم البرنامج خلال الأيام المقبلة لأنه يريد التفرغ لعمله كرئيس لتحرير صحيفة الدستور»، كان الأفضل للأستاذ ألبير لو سكت قبل أن يقول هذا الكلامt، فكل الذين يعرفون إبراهيم عيسى بشكل مباشر أو غير مباشر، يعلمون أنه رجل موسوعى وفياض العطاء وقادر على عمل أشياء كثيرة فى وقت واحد، وأنه كان يقدم ثلاثة برامج مختلفة فى رمضان باسم الله ما شاء الله دون أن ينزل توزيع الدستور عددا واحدا. كانت صحيفة «الشروق» قد نشرت أنها علمت أن هناك ضغوطا مورست على مالك القناة من أجل تهدئة نبرة البرنامج، ولا أعتقد أن «الشروق» يمكن أن تنشر كلاما كهذا دون أن تكون متأكدة منه، ولا أعتقد أيضا أن الأستاذ ألبير سينفى كلامها، هو كان لابد أن يقول ما قاله وخلاص، لزوم الإخراج الشيك للموقف الذى ليس كذلك.
يبقى السؤال: لماذا سكت الأستاذ إبراهيم عيسى على نشر هذا الكلام دون أن يعلق عليه بما يستحقه؟! ربما كان وراء ذلك تقديره للحرج السياسى الواقع على إدارة القناة، ولعله لأسباب إنسانية لم يرد أن يجعل موقفها أصعب، خاصة أنها تحملت ثمن جعْله مذيعا يظهر على الهواء مباشرة لأول مرة بعد أن ظل دائما تحت سكين التسجيل القابل للمونتاج، ربما كان ينتظر الوقت المناسب ليقول حقيقة ما حدث، كدت أتصل به لأسأله، لكنه رفع عنى وعن نفسه الحرج عندما كتب بعد إبعاده فى مقاله اليومى فى «الدستور» الذى عنونه بعبارة «يوم له صبح»، قائلا فى مقاله «يعتقد مسؤولون فى مصر الآن وهم يتبادلون التهانى وإشارات النصر أن قبضة النظام حكمت واستحكمت، وأن مصر كلها بعون الله تحت السيطرة، أجهزة أمنية طبعا مننا وعلينا وتمسك بريموت كونترول حناجر الإعلام الحكومى، فضلا عن عمليات الختان للإعلام الخاص الفضائى»، ثم أكمل فى بقية مقاله الغاضب الحديث عن مظاهرات 18 و19 يناير، منهيا المقال بالحنين إلى «صباح اليوم الذى لم يكن يتوقع فيه أحد أى شىء فيحدث فيه شىء يغير الأيام كلها».
تستطيع بسهولة أن تربط ما حدث لبرنامج الأستاذ إبراهيم عيسى بما كتبه فى مقاله الغاضب، ثم بما كتبه مؤخرا عن أنه إذا تم تخييره بين الرئيس مبارك ونجله جمال، فإنه سيختار الرئيس مبارك بكل تأكيد، فضلا عن تصريحه ذى المغزى (والنغزى) لمجلة الإذاعة والتليفزيون فى الأسبوع الماضى بأنه يحب الرئيس مبارك ويحترمه، لكنه يعارضه سياسيا، وعندما يقول كاتب كبير مثل إبراهيم عيسى تصريحا كهذا وينشر بالبنط الحيانى فى مجلة حكومية وبعدها بأسبوع يمنع من الظهور على الهواء فى برنامج كان سببا فى نجاحه، فإن المعنى واضح ولا يحتاج إلى فكاكة، لا يكفى إعلان حب الرئيس واحترامه، إذا كنت تعارض سياساته، لأ وكمان لا يعجبك ابنه. لم تعد المحبة وحدها كافية دون موالاة، فشروط المرحلة تغيرت.
عموما، وبغض النظر عن أى تفاصيل، هناك حقيقة ساطعة سطوع الفساد فى هذه البلاد، ألا وهى أن الخوف وصل إلى معدلات قياسية لم يصل إليها منذ سنين طويلة.
كاد الناس فيها يصدقون حكاية أزهى عصور الحريات، ماذا تنتظر من الناس عندما يتم خطف طبيب محترم وابن ناس من قلب مطار القاهرة دون أى سند قانونى ودون فتح تحقيق حول ما قاله بعد عودته، التى عبر عنها موقع «اليوم السابع» فى عنوان مضحك «العثور على شادى الغزالى حرب فى مطار القاهرة»، ماذا تنتظر منهم عندما يرون مجموعة من «الشحوطة» ينهالون ضربا على رجل فى عمر آبائهم اسمه محمد عبدالقدوس لا يحمل أسلحة فى الحياة سوى ميكروفونه المشحون دائما وصوته المبحوح وابتسامته المشرقة وضميره النقى، ثم بعدها يرون ما يحدث لبرامج ذائعة الانتشار تتوقف دون إحم ولا دستور؟!
لا تلومنهم إذن لو خافوا على أمانهم، ولا تطلب منهم أن يخرجوا للدفاع عن حرياتهم التى يتم انتقاصها، فلا تنس أنهم لم ينتزعوا هذه الحريات بأيديهم، بل صحيوا من النوم فوجدوها أمامهم وظلوا طيلة الوقت يتعاملون معها بتوجس وعدم تصديق، لا تنس أنهم ظلوا يتعاملون مع أصحاب الأصوات الحرة لفترة طويلة على أساس أنهم يؤدون تمثيلية لحساب النظام، ثم بعد قليل بدأوا يتعاملون معهم على أنهم ناس غير طبيعيين يغامرون برزق أولادهم، ثم بعد قليل بدأوا يتفرجون عليهم ويصفقون لهم: «ربنا يحميكوا.. إنتو والله بتقولوا اللى احنا عايزين نقوله.. بس تفتكروا هيحصل حاجة.. أكيد لأ».
لا تطلب الكثير من شعب أفقدوه الثقة فى كل شىء وأخرسوه سنين طويلة ومسخوا وعيه وأحبطوا إرادته وأغرقوه بأكاذيب تقول له إنهم علموه العزة والكرامة وإنهم منحوه النصر وحققوا له التنمية وأنعموا عليه بالاستقرار، لا تلم الناس إذا حلموا بالحل الجاهز السهل، لا تستكثر عليهم رغبتهم فى أن يحصلوا على بعض حقوقهم: لقمة عيش وفرشة نضيفة فى مستشفى حكومى ومواصلات معقولة وأدنى قدر من البهدلة، لا تندهش إذا أداروا ظهورهم لواقعهم المتردى وقرروا العمل من أجل قضايا تضمن دخول الجنة للمسلمين إذا حرروا «أسيراتنا المسلمات فى أقبية الكنائس» وطعنوا فى عقائد المسيحيين على ميكروفونات المساجد، وتضمن دخول الجنة للمسيحيين إذا تحولوا من مواطنين إلى رعايا للكنيسة وصمتوا على وقاحة آراء الأنبا بيشوى، الذى يعتبر المواطنين المسلمين ضيوفا ويقرر أن يطعن فى معتقداتهم ليصب الزيت على نيران الفتنة، التى يراد لها أن تأكل اليابس بعد أن أكلت الأخضر قبل ذلك.
يا سيدى فليغلقوا.. كل البرامج، وليقرفوا الصحف فى عيشتها حتى تكمم أفواه كتابها بأيديها، ما الذى سيحدث يعنى؟، هل ستخرب الدنيا، هل ستخرج الجماهير زاحفة إلى الشوارع تدافع عن حرية لم تحققها هى أصلا، كبيرك ستسمع أصواتا تشكو هنا وأصواتا تلعن هناك، لكنها ستختفى بعد قليل عندما تعلو أصوات تقول: «هى كانت الحرية فرقت معانا بإيه فى عيشتنا لكى نبكى عليها.. إنت عارف دول كانوا بيقبضوا قد إيه وبيكسبوا قد إيه.. هم يتكلموا ويكتبوا ويقبضوا واحنا زى ما احنا.. يا عم دول كلهم ولاد لذين.. ربنا يولى من يصلح.. وبعدين الراجل كويس مش وحش برضه.. هى البلد دى كده وهتفضل طول عمرها كده.. ربنا يخرجنا منها على خير.. هتشوف الماتش فين النهارده».
لا، عيب، أزعل منك لو قلتها، هذا ليس يأسا ولا تشاؤما، هو بالعكس قمة الأمل، فلم يعد هناك ما هو أسوأ مما نحن فيه، وفى ظل ظروف كهذه لن يحدث التغيير، كاتب أو عشرة أو برنامج أو مائة، التغيير للأسف لن يحدثه سوى انعدام الأمل، لن يحققه سوى خنق منافذ التنفيس وسد مسارب التعبير عن الرأى وتكريه الناس فى عيشتها حتى لا يعود لديها اختيار آخر، وهو ما يمارسه الحزب الوطنى حاليا بنجاح ساحق. أما إذا كنت مهتما بمعرفة موعد التغيير،
فعليك أن تعلم أن التغيير سيحدث عندما تدرك أنت أولا أن التقدم ليس مجانيا، وأن حرية التعبير ليست رفاهية ولا منحة، بل هى فطرة الله التى فطر الناس عليها، ولا سبيل لتطور حياتهم بدونها، وأن الحرية ليست حرية الفرجة والقراءة والكتابة على مواقع النت بأسماء مستعارة، بل هى حرية التعبير والاعتراض والتظاهر والمشاركة السياسية الحقيقية، وإذا كنت لا تؤمن بذلك بعد، وتظن أن لديك ما تخاف عليه، فتأكد أن التغيير لن يحدث على يديك، بل سيحدثه الشباب الحر الغاضب، الذى لم يعد لديه شىء يخسره بعد أن خسّروه كل شىء. هذه هى سُنة الحياة، ومهما بدا أن حكام بلادنا قادرون على التحايل عليها، فلن يستطيعوا التحايل عليها إلى الأبد.
والله من وراء القصد. أو هكذا أزعم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.