*الجمال مخاطبا حماس: دخلنا غزة لكي لا تكون فضيحة لنا ولكم *هنية: نقول بشكل واضح انتم منا ونحن منكم انتم اهلنا ونحن أهلكم *بحر العلوم: قضيتنا سياسية بامتياز وليست قضية مساعدات وخبز ونريد الحرية والعدالة *السماري: البرلمان العربي مستمر في عمله كما هو مسطر له ونأمل بتطوير المساعدات كادت تحدث أزمة حقيقية بين البرلمان العربي والحكومة المقالة بقطاع غزة لحركة حماس، يوم الخميس الماضي، أثناء توجه وفد من لجنة تسيير قوافل البرلمان العربي حاملاً معه مساعدات طبية في إطار سياسة البرلمان لفك وكسر الحصار المفروض على القطاع بناءً على قرار اتخذه في الدورة غير العادية له يوم 5 يونيو الماضي لتفعيل القرارات التنفيذية لمواجهة الحصار الإسرائيلي. بداية الرحلة بمشاركة تسعة نواب من البرلمان العربي، توجه الوفد من أمام مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، عبر أحد حافلات نقل الركاب "الباص" وفي تمام الساعة الحادية عشر قبل الظهر إلى قطاع غزة، وهم الدكتور عبد القادر سماري رئيس لجنة تسيير قوافل البرلمان العربي الى غزة "الجزائر"، اللواء سعد الجمال نائب رئيس اللجنة والمنسق العام للقافلة، ورئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري، وكل من أعضاء اللجنة: الدكتورة فادية ديب "سوريا"، البشير رجب الطوير "ليبيا"، عائشة المناعي "قطر"، والأمانة العامة، فيما تغيب النائب الكويتي علي الدقباسي العضو السادس باللجنة. كما شارك من البرلمان العربي القاضي رياض الإسماعيل "سوريا"، محمد معلم عبد الرحمن نظيف "الصومال"، مدني برادعي "الجزائر"، وعلي حسن حمد "جيبوتي"، كما انضم للقافلة عبد المنعم اسماعيل المغربي نائب رئيس اتحاد المحامين العرب. وضم الوفد من مكتب البرلمان العربي بالأمانة العامة للجامعة العربية، المستشار طلعت حامد الأمين العام المساعد للبرلمان العربي، وجميل جمعة عبد العزيز، ومعتز عز الدين حسن. ورافق القافلة من شركة المروة للتجهيزات الطبية والمقاولات، أحمد محمد ابو الفتوح، وملهم احمد فتوح عبد الهادي، حيث قاموا بتجهيز المعدات الطبية المنقولة إلى قطاع غزة. أزمة الفصائل كانت الأمور تسير بصورة طبيعية، إلى حين بدأ الصوت يعلو ما بين ركاب الحافلة من البرلمانيين العرب وهم يتناقشون ويتجادلون فيما بينهم بصوت بدى فيه نبرة أزمة، وعرفنا بعدها أنها بسبب مبادرة وفد القافلة بدعوة الفصائل الفلسطينيةبغزة بشكل أحادي على الإفطار، وهو ما تلقته سلطة حركة حماس بالقطاع بشئ من الحساسية، حيث اعتبرت أن البرلمانيين العرب دعوها للإفطار كفصيل عادي لا باعتبارها مسيطرة على القطاع، واستشعرت أن تلك الدعوة استفزازية لها وتحديًا لشرعيتها وسيادتها، مطالبة الوفد بالرجوع عن تلك الفكرة وترك ترتيبات الزيارة للمراسم لديها، على أن تقوم حماس من جانبها بدعوة تلك الفصائل على الإفطار. من جانبهم أوضح البرلمانيون العرب للصحفيين المتواجدين معهم، انهم ما قصدوا الا خيرًا وانهم اعتبروا انفسهم اصحاب بيت لا ضيوف ومن ثم بادروا بدعوة الفصائل على الإفطار بشكل محايد. غزة تمنتنع تم الوصول إلى معبر رفح البري في حوال الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، وكان لايزال كلا الجانبين متمسكًا بموقفه، في حين انهت السلطات المصرية والأمن القومي بالمعبر اجراءات جوازات سفر العابرين الى غزة، حتى سمح لوفد قافلة البرلمان بالعبور إلى ميناء رفح البري "الجانب الفلسطيني"، في حوالي الساعة 8:20 مساءًا. ماذا حدث خلال كل تلك الفترة؟..في الحقيقة ظلت الاتصالات مع الجانب الحمساوي مستمرة للتقريب معه، وظل تمسكه برفض هذه الطريقة في دعوة الفصائل، وعطلت حماس دخول البرلمانيين العرب إلى القطاع الى ما بعد آذان المغرب، حيث قامت القافلة بالإفطار عند معبر رفح داخل حافلة الركاب التي كانت تقلهم، بعد أن كان مقررًا لهم الإفطار بمطعم "الروتس" هناك، حيث قاموا بحجز إفطار ل 100 فرد، فيما افطر ممثلي الفصائل الفلسطينية وحدهم دون وفد البرلمان. أصر الجانب العربي خلال اتصال هاتفي للمستشار طلعت حامد الأمين العام المساعد للبرلمان العربي مع أحد مفوضي حماس للاتصال، على أن وفد القافلة أعد زيارة بسيطة للإفطار مع الجميع بشكل اعتبره حياديًا دون أن نخص حماس وحدها بالزيارة، وأكد عدم رغبة الجميع في عمل برنامج زيارة تتولاه حماس أوغيرها أثناء تواجدهم بغزة، وأوضح للجانب الحمساوي أنه تم الاتصال بجميع الفصائل في مكان حددته القافلة مسبقاً دون الذهاب إلى أي من المؤسسات التي تحكمها حماس. شرعية حماس والسؤال الذي يطرح نفسه الآن لماذا تشدد الجانب العربي في ترتيباته ولماذا أصرت حماس على موقفها ورغبتها هي؟ والإجابة أن هناك من يرى أن البرلمان العربي تعرض لضغوط سياسية من بعض الحكومات العربية التي لا تعترف بحركة حماس كسلطة واقعة على القطاع، فعندما قام وفد البرلمان بزيارته التضامنية إلى غزة على خلفية الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية، يونيو الماضي برئاسة رئيسة البرلمان العربي هدى بن عامر "ليبيا"، ذهبوا إلى المجلس التشريعي الفلسطيني وإلى مقر إقامة رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية واستقبلوا بالورود ضمن برنامج كان فيه ايضًا لقاءًا مع فصائل فلسطينية ووضع نصب تذكارية وإن لم تحضر جميعها في المرة السابقة، لكن الأمر بدأ يهدأ لنفس السبب تقريبًا وهو عدم الاحتكاك المباشر بمسؤولو حماس أثناء تلك الزيارت حتى لا يفهم بأنه انحياز لهذا الطرف على حساب آخر، وهو ما حاول الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، القيام به أثناء تنفيذ برنامج زيارته التاريخية للقطاع بعد زيارة وفد البرلمانيين بأسبوع واحد، لأن زيارته كانت أكثر سياسية لأنه يمثل 22 دولة عربية كمنسق أو مفوض لهم، بخلاف زيارات البرلمانيين أو النشطاء السياسيين أو المجتمع المدني وغيرهم، واستطاع بقدر كاف ان يمسك العصا من المنتصف، لكن لم يمتلك وفد البرلمان العربي لتسيير قافلة المساعدات الطبية القوة الكافية لتمرير مبادرتهم أو مخططهم أو مقترحهم أيًا كان الإسم، وذهبوا ليلعبوا دورًا سياسيًا شعبويًا بدافع عاطفي لكنه أدى إلى حالة من الاضطراب بين الجانبين العربي البرلماني والحمساوي تداركه الطرفين بسرعة رغم ما حدث. لم يرد البرلمانيين العرب التأكيد على إظهارهم شرعية حكم حماس على القطاع في زيارتهم الثانية للقطاع خلال العام الحالي، لذلك اقترحوا تقديم الدعوة بأنفسهم لكل الفصائل بما فيها حماس المسيطرة، لهم مراعاةً لحالة الانقسام الفلسطيني الدائرة الآن بين شريكي الحكم المتنافرين حماس وفتح حتى لا يتعبر تعزيزًا لاقصاء فتح والإعتراف بحماس على سيطرتها على القطاع منفردة، فكانت قناعتهم تلك المرة ان يقوموا بامساك العصا من النصف بان يظهروا تضامنهم مع الشعب الفلسطيني بغض النظر عن من يحكم وهو ما اعتبرته حماس تحديًا لشرعيتها ومنعت حينها دخول القافلة حتى تمت اتصالات مكثفة من اللواء سعد الجمال "مصر" وعبد القادر السماري رئيس لجنة تسيير القوافل الى غزة "الجزائر"، والمستشار طلعت حامد، وابراهيم المغربي وكان الأخير مستاءًا من طريقة تنفيذ سير القافلة إلى غزة وقيام الوفد بدعوة الفصائل على الإفطار دون رغبة حماس، واعتبر ذلك نوع من عدم اللياقة في التصرف، لسببين اولهما ان الدعوة جاءت متأخرة قبل الإفطار بساعات قليلة وذلك لم يعطي فرصة للتنسيق الجيد بين الجانبين، ثانيًا انها طلبت من صاحب البيت بعزومته في بيته ودعوة آخرين معه، معتبرًا ان ذلك الترتيب كان ينبغي ان يتم عن طريق الجانب الحمساوي حتى يرفع الحرج. انفراجة دقت ساعة الحقيقة في الثامنة والثلث، معلنةً عن مرور سحابة الصيف دون أن تنال من تضامن الشعب العربي وبرلمانه مع أهل غزة وكل من يمثلون فلسطين على مختلف انتماءاتهم وتياراتهم، مؤكدة عدم السماح بخلق فجوة جديدة بين حماس ومحيطه العربي رغم أي تحفظات، ثم قبل الطرفين بزيارة وفد البرلمان القطاع، وذلك بعد اتصالات متتالية مع السلطات المصرية وكذلك كبار المسؤولين في حماس من قبل اللواء سعد الجمال الذي كان له دورًا محركًا في تدارك الموقف، وعدم الرجوع بالوفد بخفي حنين بطريقة كانت ستكون محرجة لكلا الجانبين، وهو ما كان يخشى بعده أن يسفر ذلك عن تداعيات سلبية على مستقبل العلاقة بين الجانب الحمساوي والعربي وخاصة المصري، بل والأهم على مستقبل تسيير المساعدات إلى القطاع. استقبال استقبل وفد قافلة البرلمان العربي في حوالي الساعة الثامنة والثلث مساءًا، وكيل وزارة الخارجية بحكومة حماس الدكتور احمد يوسف، ومجموعة من عناصر الحركة في صالة استقبال رفح الفلسطينية، حيث بدى على الوجوه ملامح الترحيب التقليدية ولكنها عبرت ايضًا عن ضيق واختناق وربما احراج من قبل البعض، وجلسا في استراحة الاستقبال لمدة قصيرة دون ان تكون هناك اية كلمات للإعلام. عتاب الجمال استقل الوفد الباص التابع للقطاع متوجها الى المجلس التشريعي وفق برنامج حماس على الرغم من أن الوفد كان مصرًا ومتشددًا في رفضه أي برنامج مسبقًا، لكن ربما كانت فرصة لتوضيح مشاعر كلا الجانبين وتعبيره عن موقفه في عتاب رقيق من باب الحرص على مصلحة الأمة العربية. حرص أحمد يوسف "حماس" بالجلوس بجانب اللواء سعد الجمال، وكان بجانبهما عبد القادر السماري أحد مهندسي دعوة الفصائل التي سببت شبه الأزمة، حيث قام الجمال بلوم "يوسف" بنبرات بدى عليها الغضب والإستياء والتعجب، وايضًا محاولات حفظ ماء الوجه، مخاطبًا إياه قائلا:"نحن ندخل بإذن إلى غزة لأننا دخلنا عن طريق معبر رفح الفلسطيني وانتم تكونون في استقبالنا"، وقال منفعلا: "أنتم من حماس"..وتابع "نحن نقول لكم اننا أصحاب بيت وتقولوا لنا لن تدخلوا، لكن رغم ذلك كان علينا دخول القطاع لكي لا تكون فضيحة لنا ولكم". فيما عبر يوسف عن مشاعره بصوت خافت بدى عليه الحرج مستندًا إلى تحدي شرعية حركته قائلا:" أن الكل يريد أن ينزع شرعيتنا.."، فيما كانت مداخلات السماري لترضية الجانبين وتهدئة الموقف للخروج من عنق الاشكالية. الاحتلال والمساعدات استقبل احمد بحر العلوم نائب رئيس المجلس التشريعي الضيوف بشكل حميمي ولعله استشعر أن قرار منع حماس لوفد قافلة البرلمان العربي دخول القطاع لسبب دعوتهم الفصائل بالشكل السالف ذكره، لم يكن ايضا لائقًا، في الوقت الذي اعتبرت من جانبها تلك الدعوة غير لائقة أيضًا. جلس الوفد في باحة المجلس التشريعي المقصوف من قبل الاحتلال، وبدءاو في تبادل كلمات الثناء على بعضهم البعض ولم تخلوا الكلمات من بعض جمل العتاب الذي لم يخلوا ايضًا من الاستدراك لتقريب وجهات النظر حتى لا تجرف بعض الكلمات ورائها مياه عكرة غير صالحة لوضع القضية الفلسطينية القائم. وقال بحر العلوم مخاطبا وفد البرلمان العربي موجها صوته نحو ميكروفونات الاعلام العربية والأجنبية:"باسم اخوتنا في الفصائل ان قضيتنا سياسية بامتياز وليست قضية مساعدات وخبز، نريد الحرية والعدالة لأطفالنا ولقضيتنا وسرعة تحرير القدس وحق العودة وذلك رغم المؤامرة الدولية منذ انسحاب 2006، لمعاقبة الشعب الفلسطيني من أجل ديمقراطيته وحريته". وتابع قائلا:"يا أبناء العروبة وإخواننا بكم نصول ونجول يجب ان نعمل لطرد الاحتلال ومن حقنا عليكم ان تكونوا معنا وانتم معنا ان شاء الله". فلسطين لا غزة عبد القادر السماري رئيس لجنة تسيير قوافل البرلمان العربي لكسر الحصار عن غزة، أكد "أن هذا اللقاء لن يكون الأخير ..ومن وجوهكم الطيبة نستلهم منكم الصمود". وأوضح أمام مسؤولي حماس والفصائل الفلسطينية كذلك بمقر المجلس التشريعي "أن البرلمان العربي هو نبض الشعب العربي لا المؤسسات والحكومات، بل يمثل العربي من خارج العالم العربي ..قضيتنا الأساسية ليست غزة فقط بل كل فلسطين"، مشيرًا إلى أننا كبرلمانيين قد نختلف في الرؤى والمناهج ولكن نتفق من اجل استقلال هذه الأرض المقدسة". وشدد قائلا ومعبرًا عن موقف اللجنة :" لا نعتبر انفسنا وفدًا عاديًا مثل الآخرين، بل نعتبر أنفسنا أهل الأرض ونسمح لأنفسنا أن نقول نريد هذا ولا نريد هذا في إشارة إلى الفصائل التي دعتها اللجنة ولا أحد يزايد علينا حتى لو أراد البعض ان تكون غزة هي القضية المحورية بل هي جزء من القضية الفلسطينية والاستكبار العالمي ضد الأمة الإسلامية". وأشار السماري إلى "أن زيارة وفد البرلمان العربي يونيو الماضي، كانت رمزية وحاولنا أن نلتقي كل الفصائل ولم نستطع فرأينا من باب حرصنا على حضور الجميع أن ندعهم بأنفسنا ونريد أن تكون قلوبكم متسعة لنا للبرلمان العربي الذي يمثل كل عربي". واعتبر أن القضية أبعد من الأمور الإنسانية فلن تنتصر فلسطين بلقمة أو جهاز طبي..نسعى لتصفية القلوب فلا يمكن لبلد أن ينتصر إذا كانت قلوبهم متفرقة" مذكرًا بقول الله تعالى:"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، متهكمًا على وضع العرب بالقول "ونحن حتى ضيعنا ريحنا". وختم كلامه قائلا:"نحن مع فلسطين ظالمًا أو مظلومين ولن نكون ظالمين لأنها تأتي من القوى الغاشمة".
كسر الحصار والفرقة اللواء سعد الجمال، رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري استهل كلامه أمام ضيوف المجلس التشريعي الفلسطيني، بآيات من القرآن الكريم بادئًا بقوله تعالى :وجاهدوا في الله حق جهاده..." وشكر قادة حماس وشعب غزة على حسن الضيافة قائلا "أشعرتمونا أننا لسنا غرباء على تلك الأرض وإن كنا اليوم قد أتينا بهدف نسعى إليه جميعًا وهو كسر الحصار على شعبنا وأبنائنا وأطفالنا بقطاع غزة وتحدي الحصار الإسرائيلي تلك الإرادة الغاشمة، لا سيما في هذه الأيام التي طالعنا منذ أيام قليلة تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي "ليبرمان"،التي أشار فيها إلى خطته لسلخ قطاع غزة وتصويره للعالم على أنه تم انتهاء الاحتلال فيه، ونحن ندرك هدفهم ". وتابع: هذا مشهد جديد من مخطط قديم نعلمه في عالمنا العربي بدأ منذ إنشاء مركز "جافا" للدراسات بتل أبيب، والذي تم في عهد شارون بالتخلي الأحادي الجانب من غزة دون تفاهمات عربية او فلسطينية تمهيدًا لعزل القطاع عن فلسطين بغية تمزيق الشعب الفلسطيني، ومخطط ليبرمان هو استكمال لهذا المشروع. وأكد على أن البرلمان العربي لن يقبل إلا فلسطين واحد أرضًا وشعبًا بدون تمزيق، وستظل فلسطين هي الضفة الغربيةوغزة معًا". ثم تطرق للنقطة محور الرحلة بشأن دعوة البرلمان للفصائل بشكل احادي موضحًا بالقول:"اتينا لهدف كسر الحصار وتسيير القوافل وإن كان خرج أخواننا عن هذا الهدف ووصفوا أنهم ليسوا غرباء ولا توجد حساسية لأنهم اتوا قبل ذلك..وأنهم عندما يدخلون معبر رفح الجانب الفلسطيني ويقفون على المعبر ويعطى لهم الإذن، هذا ليس فيه مساس بإخواننا هنا، ومن ثم توجه إخواننا في شهر رمضان وفي بلدنا هذه بأن نجتمع على إفطار واحد بدعوة منا لأننا لسنا غرباء كما قلت". وقال انه أوضح لخليل الحية قيادي بحركة حماس خلال الهاتف ذلك، وانه لا حساسية ولا حرج أن يأتي أي فلسطيني من غزة أوالضفة أو أي بلد ويدعو أصدقائه وإخوانه من أي بلد في بلده العربي الثاني"، مشددًا على أن هذا الغرض هو ما كان في خلدنا ونوايانا وأنه ما أتينا إلا لأجل أن نشعر أهلنا في غزة بأحضان أمته العربية من خلال البرلمان العربي". مدح مصر استمع بحر العلوم لتلك الكلمات وسارع بلباقة لتجميل صورة حركته بعدما رمى وفد البرلمان بالكرة في ملعبه، بالتأكيد على أن وفد البرلمان العربي ليس غريبًا بل ومن أهل هذه البلد، وقال :"انتم تحتضنون القضية الفلسطينية وهذا يجسد معنا الأخوة ..وما نسمعه منكم يدل على أن هذه الأرض ليست للفلسطينيين بل للأمة العربية"، ثم ذهب ليخص مصر بالمديح، بالقول:" ان مصر هي الوازنة والتي تحتضن القضية الفلسطينية منذ عشرات السنين". لقاء شكلي بالفصائل من الممكن أن نعتبر أن حماس وازنت الأمور حفظًا لخاطر الضيف العربي، بعد أن حققت رغبتها الذاتية في استقبال وفد القافلة بالمجلس التشريعي وبحضور الفصائل، بل وأوصلته الى مطعم الروتس في الساعة الحادية عشر والنصف مساءًا، حيث كانت الفصائل في انتظار الوفد للمصافحة والحديث معهم بعد انتظار دام عدة ساعات، ولكن رئيس اللجنة سرعان ما انهى اللقاء نظرا لضيق الوقت والاستعداد للعودة برًا، وهو ما قوبل من قبل بعض أفراد الفصائل بالاستغراب الذي قال كنا ننتظر ساعات طويلة منذ الإفطار، لكن نفاجئ وبعد التأخر ينصرف الوفد بتلك السرعة بعد التقاطه صورة أو صورتين تذكاريتين..متسائلاً لماذا أتيتم إذن؟!. في حين أخذ عبد القادر السماري محاولة توضيح الأمور لهم، قائلاً بأن هذا المأزق كان خارجًا عن إرادة الوفد بسبب الموقف بينها وبين حماس الذي أهدر وقتًا كثيرًا. في منزل هنية وفي طريق العودة فوجئنا بتغيير المسار إلى مكان اقامة اسماعيل هنية بمخيم الشاطئ في حديقة صغيرة وبسيطة تجمع فيها اتباعه وبعض من اقاربه وجيرانه وابنائه الصغار الذي اضفوا على جلسته مع وفد البرلمان العربي وبعض الوفود الزائرة الأخرى بهجة الأطفال ولطفهم. ثم تكلم هنية كلمة عامة وشكر للبرلمانيين جهودهم ثم عاود البرلمانيون المغادرة إلى أرض مصر. وقبلها أعرب عن سعادته الكبيرة جدا لهذه الزيارة بما تنطوي عليه من دلالات وبما تحمل من رسائل ومضامين هي رسالة الأمة الواحدة ورسالة المصير المشترك ورسالة القضية المحورية لهذه الأمة وهي قضية فلسطينين. وقال هنية: "كلما استقبلناكم ايها الاخوة على ارض غزة او فلسطين بشكل عام استحضرنا هذا العمق العربي الاستراتيجي لشعبنا ولقضيتنا وصرنا اكثر ثقة بالمستقبل وبالنصر وبالتحرير والعودة والاستقلال، وصرنا اكثر يقين بأن الشعب الفلسطيني بشكل عام وغزة بشكل خاص ليست وحدها في مواجهة أعاصير الاحتلال والعدوان والحصار المستمر، وليست وحدها وهي تواجه هذه التحديات الكبيرة التي تنوؤ عن حملها الجبال الرواسي، لذلك نستشعر قيمة وعظمة هذه الزيارة ودلالتها ووصولكم الميمون الكريم المرحب به من كل أبناء الشعب الفلسطيني بلا استثناء من الحكومة الفلسطينية والبرلمان الفلسطيني والقوى والفصائل الفلسطينية من الشعب كله". وتابع حديثه:" إننا نقول بشكل واضح انتم منا ونحن منكم، انتم اهلنا ونحن أهلكم، لذلك نحييكم أيها الأخوة والأخوات ونعرب عن تقديرنا العالي الكبير لهذه الزيارة ولهذه الجهود المباركة التي سوف تصب في النهاية نحو رفع هذا الحصار بشكل نهائي وإلى الأبد عن قطاع غزة كخطوة على طريق انهاء الحصار عن القدسالمحتلة". انصروا القدس ولفت انتباه الحاضرين إلى أهمية قضية القدس وليس غزة فقط قائلاً: "القدس أيضًا تعيش حصارًا قاسيًا بل وتتعرض لمذبحة سياسية ميدانية وأمنية وعلى كل الصعد، القدس اليوم تتعرض للتهويد وتتعرض للاستيطان وللحفريات تحت المسجد الاقصى، وإبعاد النواب ووزير القدس وهدم منازل الشعب الفلسطيني في القدس لطردهم من مسقط رأسهم، وأيضًا حرمانهم من البقاء والعيش في مدينة القدسالمحتلة". وقال: "لطالما قلنا أيها الأخوة والأخوات بأن القدس في خطر ولكني أقول لكم اليوم أن القدس تمر في أخطر المراحل وفي أصعب المراحل وأقصى الظروف"، لافتًا إلى أنه من الصحيح في غزة نعاني من الحصار والعدوان والاحتلال، ولكن هذه المعاناة هي بالنسبة لنا نسبية إذا ما قسناها بما تتعرض لها القدس وما يتعرض له الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي كافة أماكن وجوده بحرمانه من العودة الى ارضه ودياره التي هجر منها. وناشد الحاضرين بنصرة القدس، قائلا: "إذا كان لنا من رسالة ونظن انها موجودة، لكن نذكر بها "أن اخواننا البرلمانيين وأن ابناء الأمة وفعاليات الأمة العربية والإسلامية يجب أن تتفعل مجددًا لحماية القدس واستعادة هوية القدس لأن هوية القدس الآن مستهدفة، وليتنا نعمل الى جانب عملنا لرفع الحصار عن غزة بأن نضع ايضًا القدس على جدول اعمال البرلمان العربي والفعاليات العربية والنشاط السياسي والاعلامي والجماهيري والانساني والمادي ايضا للقدس". وأوضح أن صرخة القدس تصل إلى أبعد مدى وأهلنا في القدس يتحدثون ربما يوميًا معنا حول ما يتعرضون له، ويقول اخواني انتم في غزة تستقبلون وفودًا يومية من الأخوة العرب والمسلمين ومن أحرار العالم ليتكم تجعلوا القدس على سلم الأولويات.. "ونحن نقول لهم هذا واجبنا وبه مسؤوليتنا ونحن ايضا اخواني واخواتي نحملكم هذا الأمانة أمانة القدس واهل القدس وسكان القدس والمرابطين في بيت المقدس واكناف بيت المقدس" . وقال اذا كان لنا من تعبير فإننا نعبر عن تقديرنا الكبير لهذا الجهد والعمل والتوصيف الإداري الذي شرحه اخونا الفاضل عبد القادر السماري رئيس اللجنة من حيث تقسيم الساحة العربية لتكون اكثر فعالية في قضية الحصار، ونحن نعتقد ان الاحتلال الاسرائيلي ربما نجح بعض الشئ الآن في استيعاد التداعيات التي اعقبت قافلة الحرية، بحيث يحاول ان يضلل الرأي العام العالمي والعربي والإسلامي بأنه قام بعملية تخفيف كامل للحصار عن غزة . ونبه بالقول: "ان ما قام به الاحتلال الاسرائيلي شيء شكلي ولا يتصل برفع الحصار والقضايا الرئيسية في الحصار"، مشددًا على أن المسائل الأساسية في رفع الحصار متصلة بإعادة الإعمار ومتصلة بفتح المعابر بشكل نهائي ومتصلة بحرية الحركة ذهابا وايابا لكل ابناء الشعب الفلسطيني ومتصلة بإعادة تفعيل تنشيط وعمل المصانع الوطنية التي دمرت والتي اوقفت بسبب هذا الحصار، ومتصلة بأن يكون هناك توفير لكل مستلزمات الحياة للشعب الفلسطيني، لذلك القضايا الجوهرية المتصلة بالحصار مازالت قائمة والمشكلة مازالت كما هي وان ادخال بعض التحسينات البسيطة من قبل الاحتلال هي لتضليل الرأي العربي وإيهام العالم انه استجاب لهذا المطلب العالمي بشأن الحصار، وخاصة بعد قضية قافلة الحرية وما اعقبها من تداعيات سياسية وتداعيات حقوقية وقانونية وميدانية وامنية على الاحتلال الاسرائيلي". مؤكدًا أنه إذا أردنا أن نضع لغزة عنوان في هذه المرحلة فهو إنهاء ورفع الحصار عن غزة عبر اربع مفاتيح، هي تستمر القوافل البرية والبحرية لتصل الى غزة، واستثمار حالة الغضب الشعبي العربي والاسلامي والعالميبسبب العدوان الاسرائيلي لرفع الحصار، ضرورة ملاحقة قادة الاحتلال وتقديمهم الى المحاكم الدولية لما ارتكبوه من جريمة نكراء في غزةوالقدس وقافلة الحرية وغيرها، بالإضافة إلى تطوير مسألة الأمور التي تدخل إلى غزة خلاف المواد الغذائية والطبية والأجهزة الطبية، ومن وقود ومحاطات لتوليد الكهرباء التي تنقطع قرابة 16 ساعة يوميًا، ومواد بناء لاعادة الإعمار. واوضح هنية في ختام كلامه أن هذا العمل المتوازي بخطوطه الأربعة الى جانب تعاوننا معكم واخواننا جميعا وتعاوننا مع اخوتنا واشقائنا في الضفة الغربية الى حين التئام هذا الوضع الفلسطيني وانهاء هذه الحالة والانقسام على أسس صحيحة وسليمة كل هذا يمكن ان يصب في النهاية على إنهاء هذا الحصار مجددًا. تعهد من جانبه تعقيبًا على كلام اسماعيل هنية، تعهد رئيس لجنة تسيير قوافل البرلمان العربي لكسر الحصار عن غزة الدكتور عبد القادر السماري باستمرار تدفق قوافل البرلمان قائلاً :" ان شاء الله البرلمان العربي عموما واللجنة على الخصوص سوف تستمر في عملها كما هو مسطر لها وأملنا ان نلتقي قريبا ان شاء الله في اعمال اخرى فيما في مثل ماذكرتم ".
درس مستفاد في نهاية عرض تلك المتابعة التي حرصت على نقلها للقارئ العربي بكل شفافية ومصداقية بعون الله ، تتضح لنا اشكالية العلاقة بين الشعب الفلسطيني وفصائله من ناحية والدعم العربي المجزء بالنسبة للفصائل والشامل لكل الشعب الفلسطيني في الشق الأخر، وهذا محور هام ودقيق لعدم حل تلك القضية وانجاز المصالحة..حماس أرادت أن تعلن أنها الشرعية الوحيدة بالقطاع وأن لها مطلق السيادة، وأن تواجد أناس في غزة يكون على أسس سياساتها، حتى لو اعتبرت نوايا الآخرين حسنة للم الصف الفلسطيني وفي شهر رمضان الكريم ردًا على دعوة قافلة البرلمان العربي للفصائل على الإفطار . لكن هل يختلف تفسير قادة حماس في المستقبل عن هذا المنظور الجدير بالنظر فيه مع اشقائهم العرب الذين قدموا كشعوب عربية لا كمطبقين لأجندات لا ترغب في وجود تلك الحركة على حساب أخرى، بل يمدون يد المساعدة للشعب الفلسطيني.. لقد نحى السماري نحو هنية في المدح والثناء إلا أنه عاتبه بلطف على قرار منع الوفد بالدخول إلى القطاع دون الإشارة لذلك صراحةً قائلا لهنية:"قد تأتي منا مبادرات يجب أن تصبروا عليها".. أما نحن فنتسائل هل من مبادرات عربية جديدة أحادية مع غزة وسلطة حماس؟ الإجابة تفرض نفسها هنا كدرس مستفاد ..فإذا اعتبرنا هذا السيناريو الذي تم ليس استفزازيًا، بل كان يتسم بالبراءة، لأن الوفد البرلماني العربي أحب أن يستغل أجواء شهر مقدس، إلا أنه كان يجب أن تدرك القافلة أنها خارجة لتسيير قوافل إغاثة وهي الأولى لها، بمهمة واحدة "كسر الحصار"، ومن الضروري أن تكون البداية موفقة أو مقبولة على الأقل للرأي العام، خاصة وأنه على مدار اربعة أيام متتالية كان يتم الترتيب خلال اجتماعات لجنة البرلمان العربي بكامل هيئتها لتسيير القوافل إلى غزة، ثم فجأة تظهر فكرة تدخل في مصطلح "اللغم السياسي" تصبح قرارًا أثناء تنفيذ مهمة سابق الإعداد لها كادت أن تتسبب في مشكلة يقع فيها الجانبين لولا لطف الله . ربما الإطار البرلماني هو إطار شعبي وليس إطار حكومي صرف، لأن الحكومات لها سياسات أخرى. وإذا كنا قد قررنا أن يستقل البرلمان في قراره عما تريده حكوماتها، فليس من الصحيح أن تمارس ضغوطًا حكومية على برلمانيين لاتخاذ موقف سياسي محل جدل ونقاش مستمر، يسحب منها دورها المفترض أن يكون أكثر ثقةً وقربًا من جميع الأطراف. أبرز النقاط:: * قافلة المساعدات الطبية تكلفت فقط 150 الف دولار وكان مقررًا لها أن تكون غذائية ولأن الجانب المصري لم يوافق لأن المواد الغذائية عبر معبري العوجة وسالم أبو كارم، فغيرت الشحنة. * هناك حرج من الذهاب لحماس منذ المرة السابقة لزيارة البرلمان التي اثارت حفيظة الجانب العربي الرسمي باعتبارها حكومة انقلاب غير شرعية على حد وصفها . * قبلت حماس المعونة ورفضت استقبال وفد البرلمان العربي في البداية وانتظرت لتفريغ الشحنة قبل ان تنطلق في الساعة 8:20 مساءًا إلى رفح الفلسطينية، وذلك لأن الوفد طلب من الفصائل الفلسطينية ارسال ممثلين عنهم لحضور افطار مع الوفد وتم الطلب من حماس الحضور، وهو ما قابلته حماس بحساسبة شديدة، حيث طلبت من الوفد عمل افطار لديها ثم عمل برنامج للزيارة ولكن المسؤولون عن القافلة رفضوا ذلك، في حين كان هناك نوع من التضارب في الآراء، ومنهم من اعتبر ان تنفيذ ارسال القافلة لم يكن على المستوى المطلوب ولم يتسم باللياقة ولا الدبلوماسية. * دخلت الأزمة في منعطف جديد وخشي البرلمانيون من ان يؤثر هذا الالتباس الخطير في الموقف بين الطرفين ومن ثم عملت اتصالات الجانب البرلماني مع كبار المسؤولين في مصر وحماس على تقريب وجهات النظر وتمرير الوفد والقافلة معه الى القطاع. لقطات:: * منزل اسماعيل هنية الصغير يقع في مخيم الشاطئ وهو واحد من المخيمات الثمانية للاجئين الفلسطينيين الذين يقيموا في قطاع غزة يسكنه مائة الف تقريبا من اللاجئين الفلسطينيين الذين بالأساس قدموا من المدن والقرى والمخيمات في فلسطينالمحتلة عام 48 مثل الفلسطينيين الموجودين في مخيمات لبنان ومخيمات سوريا والأردن والجاليات الفلسطينية في مصر وغيرها من الأماكن العربية وغيرها. * ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء لمدة تصل إلى 16 ساعة يوميًا بسبب امتناع اسرائيل عن امدادهم بالوقود والطاقة..سألني احد الفلسطينيين عن اماكنية امداد مصر قطاع غزة بمولدات للكهرباء، واعربت له عن امنيتي في حل مشكلتهم وفي النهاية لم يسعني الا ان ادعو الله واقول "ربنا يحنن قلب مصر والدول العربية عليكم"..في حين فر بعض الفلسطينيين من منازلهم جالسين على الطريقة المصرية امام بيوتهم هروبا من حرارة الدور ومنهم من اتجه لصلاة التراويح، بل ذهب البعض للعب العاب البلاي ستيشن والجلوس على المقاهي التي باتت مفتوحة في ليالي رمضان المنيرة حتى ولو اطفأت المصابيح. * قام وفد البرلمان العربي بإقامة صلاتي الظهر والعصر قصرًا بمنطقة المساعيد قبل العريش، وقد أم المصلين اللواء سعد الجمال منسق لجنة تسيير القوافل الى غزة.