** وتمضي المواكب بالقادمين من كل فج.. ويسجل التاريخ للمنتصرين وللمنهزمين في كل عصر وتمر الحقب بالراحلين إلي صحراء التيه أو إلي كهوف النسيان. كم ظهرت امبراطوريات وسادت ثم بادت واندثرت. كم انتصرت قوميات وأشرقت وأنارت ثم توارت واختفت حتي الامبراطورية التي أطلق عليها ان الشمس لا تغيب عنها. لكنها الامبراطورية إياها تفككت وغابت وأصبحت في ذمة التاريخ وصارت أثرا بعد عين والامبراطورية الأمريكية كما ذكرنا من قبل صفحة من التاريخ وسيأتي اليوم لطيها لتأتي الصفحة التي تليها وعجلة التاريخ دوارة ولا تكف عن الدوران ولو قدرت الامبراطورية الأمريكية لنفسها أن يكون القرن الحالي هو قرنها فقد يكون للأقدار وجهة أخري و"تقدرون وتسخر الأقدار" أو تضحك الأقدار.. والأيام دول هذا لها وذاك عليها والغيب عند الله لا يعلمه غيره ولا يسطر لوح الأحداث سواه. ** ثم نعرج إلي مقصدنا.. ولن نتطوع في الإجابة علي السؤال عنوان المقال لكن "الإجابات" تنهمر علينا كالمطر عبر الكتب والدراسات والأبحاث التي تضخها مراكز التأليف والبحث والتحري والاحصاء الغربية لمؤلفين غربيين إضافة إلي ما نعيشه بالفعل وما نشاهده عبر الفضائيات وكافة وسائل الاتصال وعلي سبيل المثال لا الحصر: * "1" معظم البؤر المشتعلة حول العالم تنال من مكانة الولاياتالمتحدةالأمريكية خارج أراضيها ووفقا لما يراه العديد من العسكريين ان أبواب الجحيم يمكن أن تفتح علي مصاريعها في شرق آسيا حيث انه في 25/7/2010 بدأت مناورات عسكرية أمريكية كورية جنوبية في بحر اليابان واستمرت لمدة أربعة أيام أطلق عليها اسم "الروح التي لا تقهر" شارك فيها نحو 8 آلاف جندي و20 سفينة وغواصة حربية منها أكبر حاملة طائرات في العالم "يو.اس.اس جورج واشنطن" والتي تبلغ حمولتها 97 ألف طن وتعمل بالطاقة النووية إلي جانب 200 طائرة مقاتلة من بينها الطائرات المقاتلة "اف.22 الشبح" والتي لها القدرة علي تجنب الدفاعات الجوية لكوريا الشمالية.. جرت المناورات التي وصفت بأنها استعراض للقوة في ظل معارضة جادة وحادة وشديدة من جانب الصين الحليف الأكبر لكوريا الشمالية هذه المناورات دفعت الصين إلي نقل موقعها المخطط من قبل في البحر الأصفر إلي بحر اليابان شرق شبه الجزيرة الكورية ويري العديد من المتخصصين في الشأن العسكري ان ما قامت به الصين يعد ضربة قاصمة وهزيمة ساحقة للأمريكيين في مواجهة الصينيين الذين نجحوا في توصيل رسالة قوية وواضحة إلي المؤسسة العسكرية الأمريكية مفادها "ان الاسطول الأمريكي لم يعد لديه نفس الحرية التي كان يتمتع بها من قبل في التحرك قرب السواحل الصينية في البحر الأصفر". * "2" الكاتب "وليام بلام" المتخصص في السياسة الأمريكية في كتابه "اغتيال الأمل" الصادر بنيويورك في مايو 2003 يرصد حوالي 68 دولة مارست فيها أمريكا بجيوشها ومخابراتها وعدتها وعتادها عمليات قذرة وذلك منذ الحرب العالمية الأولي.. اشتملت العمليات علي تدبير الانقلابات العسكرية والتحريض علي اسقاط نظاما حكم واجهاض ثورات وتمويل انظمة فاشية أو رجعية أو قمعية. ويؤكد المؤلف أن تلك الألاعيب الدامية التي لعبتها أمريكا في ارجاء المعمورة تكفي للاجابة عن سؤال الكراهية الذي ثار بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 تلك الكراهية التي تصب بتداعياتها نهاية الأمر في أسباب التعجيل بتآكل الامبراطورية الأمريكية. * "3" في كتابهما الصادر بعنوان "لماذا يكره الناس أمريكا" يؤكد "زياد الدين سردار" و"ميريل دين دافيس" ان هذا السؤال تزايد طرحه في استطلاعات الرأي العالمية وأيضا من جانب المعلقين والكتاب عبر قارات العالم الخمس وذلك بعد الحرب علي العراق ومنها استطلاعات الرأي التي اجراها مركز "بيو" ومقره واشنطن في السنوات السابقة وجاء أن السياسة التي اتبعتها ومازالت تتبعها حيال العديد من دول العالم أدت الي تعميق الكراهية تجاه أمريكا. * "4" توصل استطلاع رأي أجرته منذ سنوات هيئة الإذاعة البريطانية في 11 بلدا إلي أن مواقف 60% ممن اجري المسح عليهم : أن أمريكا هي الأكثر خطرا علي العالم. * "5" الرئيس الأمريكي الأسبق "جيمي كارتر" الحائز علي جائزة نوبل للسلام انتقد عشرات المرات- ولا يزال عبر وسائل الاعلام المختلفة احتلال العراق ووصفه بأنه أساء إلي مكانة الولاياتالمتحدة ومصداقيتها في العالم. * "6" في كتابه الصادر عام 2003 بعنوان "حرب أبدية من أجل سلام أبدي.. كيف أصبحنا مكروهين" أوضح المفكر الأمريكي "جورفيدال" بيانا بالتدخلات والاعتداءات العسكرية الأمريكية في بلدان العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين.. كتب أنها تزيد علي مائتي اعتداء وتدخل كما شن نفس الكاتب في مؤلف آخر له بعنوان "الدم من أجل النقط" حملة شعواء ضد "المحافظين" وعد افرادها مجرد عصابة من رجال الأعمال الذين لا يهمهم الا تحقيق مآربهم ومصالح نسبة لا تتعدي 1% من الامريكيين وهم أصحاب الشركات الكبري.. ويشكل ما جاء بكتابي "جورفيدال" اضافة كبيرة الي نظرية العد التنازلي للامبراطورية الأمريكية. * "7" نشرت صحيفة "كوريير ديلاسير" الايطالية أوائل عام 2004 إحصائية لضحايا الحروب الأمريكية من الأمريكيين وغيرهم وقدرت الاعداد بالملايين قابلة للزيادة طالما تمادت أمريكا في محاربة شبح الإرهاب وكأنها تحارب الدنيا بأسرها "لاحظ عزيزي القاريء أن الاحصائية المذكورة نشرت عام 2004". ¼ "8" الديمقراطية تموت خلف الأبواب المغلقة هذه كلمات القاضي الأمريكي "دامون كيث" أطلقها يوم 17/6/2003 عندما رفض عقد جلسات استماع سرية في قضايا ترحيل المهاجرين غير الشرعيين وأيده في ذلك الكاتب الأمريكي "جيم رايت" مستطردا أن هذه الانتهاكات لا تساعد في تحسين الأمن بقدر ما تهدد مستقبل أمريكا وديمقراطيتها. •"9" ما يجري للقوات الأمريكية في افغانستان. منذ احتلالها عقب تفجيرات 11/9/2001 وحتي الآن. يعيد إلي الأذهان ما جري لها في غابات فيتنام في النصف الثاني من القرن العشرين الأمر الذي أرغم أمريكا علي الانسحاب من فيتنام فحملت عصاها ورحلت الي غير رجعة مصحوبة بالخزي والعار والشنار والانكسار.. وفي افغانستان لا يزال الجيش الأمريكي ينزف من عدته وعتاده.. ومن جنوده وضباطه. والألغام والسيارات المفخخة تحصد علي مدار الساعة حصادها. وحتي لا يثور الشعب الأمريكي مطالبا بانسحاب القوات الأمريكية من افغانستان علي غرار ما حدث في فيتنام. فقد انتهجت الإدارة الأمريكية سياسة التعتيم علي ما جري ولا يزال يجري هناك. من هنا انعدمت "الثقة" في احيان كثيرة بين الإعلام الأمريكي من ناحية وبين الإدارة الأمريكية من ناحية أخري لاسيما حول قضايا الأمن القومي الأمريكي. وهناك اكثر من واقعة ضربت هذه "الثقة" في مقتل لعل آخرها قيام البيت الأبيض علي وجه السرعة وبشكل حاد بإدانة نشر اكثر من 91 ألف وثيقة سرية يوم 25/7/2010 ترسم صورة قاتمة للحرب في افغانستان واصفا نشر الموقع الالكتروني "ويكيليكس" للوثائق السرية بأنه تصرف غير مسئول. وقد اكد الموقع المذكور أن يوميات الحرب الافغانية تتألف في معظمها من تقارير دونها الجنود وضباط المخابرات تصف العمليات العسكرية "الصعبة" التي تخوضها القوات الأمريكية في افغانستان. تغطي الوثائق الفترة ما بين يناير 2004 الي ديسمبر 2009 وتصف حالة الارتباك في إدارة العمليات في افغانستان وشكوك الأمريكيين في تعاون المخابرات الباكستانية مع حركة طالبان الافغانية طوال السنوات السابقة.. ولايزال هناك الكثير.. والحديث يتواصل.