قالت دار الخدمات النقابية والعمالية إنها تتعرض لتحرشات إدارية بسبب تحريض رئيس اتحاد نقابات العمال، مؤكدة أنها تتعرض للضغوط الحكومية والإجراءات الإدارية المتعسفة التى تتواصل حلقاتها، وتتصاعد وتيرتها منذ قرابة الشهر حتى بلغت حداً محموماً خلال اليومين الأخيرين، حسب ما جاء في بيان لها اليوم. وكانت الدار قد فوجئت صباح الثلاثاء الموافق 20/4/2010 بلجنة من وزارة التضامن الاجتماعى مكلفة بفحص أوراق المؤسسة وأعمالها.. حيث بادرت اللجنة بالحضور دون أى إخطار سابق فيما بدا وكأنه تفتيش مفاجئ . اللجنة التى تتكون من أربعة موظفين من ذوى التخصصات النوعية المختلفة (إدارى، محاسب، باحث قانونى..ورئيس اللجنة الذى يحمل مسمى "مفتش اجتماعى"!!) تم تكليفها بالتوجه إلى الدار وفحص أوراقها بموجب قرار صادر عن وزير التضامن، ودون إخطار مديرية التضامن الاجتماعى المختصة جغرافياً فى حلوان.-كما أفاد رئيسها- الذى أبرز خط السير الصادر للجنة بفحص أوراق الدر خلال المدة من 20 إلى 22 إبريل. ولعله غنى عن الذكر أن قيام لجنة مشكلة من الوزارة بفحص أوراق إحدى الجمعيات أو المؤسسات إنما يجرى إعمالاً للفقرة الثانية من المادة 20 من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية المعروفة باعتبارها واحدة من المواد سيئة السمعة فى القانون التى تكرس أسوأ صور الانتهاكات لحرية العمل الأهلى، ولعله غنى عن الذكر أيضاً أن مثل هذا الإجراء ذى الطابع الاستثنائى لا يحدث عادة سوى فى أحوال خاصة.. إلا أن أعضاء اللجنة قد امتنعوا-بالرغم من ذلك- عن توضيح الأسباب التى دعت إلى تكليفهم بهمتهم- ذات الطابع الاستثنائى- بينما أصر رئيسها على حق الوزارة "المطلق" فى ممارسة التفتيش على أية جمعية أو مؤسسة فى أية وقت ودون أية أسباب لذلك. .. وسرعان ما كشفت الأسباب عن نفسها.. حيث وردت إلى مديرية التضامن الاجتماعى بحلوان مكاتبة محالة من المكتب الفنى لوزير التضامن الاجتماعى مروراً بإدارة الجمعيات المركزية فى الوزارة.. المكاتبة التى تحمل تأشيرة الوزير تطلب بحث الشكوى المقدمة من السيد/ حسين مجاور رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ضد الدار، والتى يطلب فيها إلى وزير التضامن الاجتماعى وضع حد "للتجاوزات والمخالفات" التى تقوم بها هذه المؤسسة (الدار). إن هذه "التجاوزات والمخالفات" التى عدها السيد/ حسين مجاور ممارسة للأنشطة النقابية المحظورة بموجب المادة 11 من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية هى تناول الدار لقانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وما ينطوى عليه من تعارض مع اتفاقيات العمل الدولية، حيث أرفق رئيس الاتحاد العام بشكواه صورة من ورقة الدكتور أحمد حسن البرعى عن مدى توافق قانون النقابات مع معايير العمل الدولية والتى تم تقديمها فى سيمينار الدار (25، 26 مارس الماضيين). مجدداً...تنطلق صفارات الإنذار فى الأجواء المحيطة بالدار.. على امتداد الأيام الماضية تنطلق الأكاذيب والافتراءات.. وتتردد حملات التشهير ، وتبدو الأحاديث فى محافل اتحاد العمال وكأنها بلاغات إلى أجهزة الأمن، وتتكثف التحركات والاتصالات بين وزارة التضامن الاجتماعى وإداراتها، وتتوالى مكاتباتهم التى تحمل تهديدات واضحة وسافرة. ومجدداً.. تتبدى كل مساوئ قانونى النقابات العمالية والجمعيات الأهلية فى آن واحد.. العصف بالحقوق الدستورية الأصيلة فى تكوين النقابات والجمعيات، فرض الوصاية على الحركات الاجتماعية والمبادرات الشعبية.. حرمان الناس من حقهم فى تكوين منظماتهم التى تعبر عنهم وتدافع عن مصالحهم. فى مجتمعنا الذى باتت تتبدى فيه كل يوم وساعة الحاجة الملحة إلى تفعيل آليات المفاوضة المجتمعية.. فى مجتمعنا الذى يضطر فيه العمال والموظفين.. الأطباء والتجاريين، وذوى الاحتياجات الخاصة إلى الاعتصام على الأرصفة، والمبيت فى الطرق أياماً وشهور لكى يعثروا على آلية للتفاوض بين قاعات مجلس الشعب.. فى مجتمعنا الذى يئن من انعدام التوازن، وتتهدده مخاطر الفوضى والعنف. فى مجتمعنا هذا.. ما زالت قوانين المصادرة والهيمنة مستعصية على التغيير، مازالت العقلية الشمولية تستنكر على الناس حركتهم المستقلة، ومبادراتهم الحية.. مازالت تبحث عن محرض تحت رصيف مجلس الشعب، وتعد مناقشة القوانين تجاوزات ومخالفات ومحظورات.. مازالت لجنة من موظفى وزارة التضامن الاجتماعى يترأسها "مفتش اجتماعى" يحق لها اقتحام مقرات المنظمات والتفتيش فى أوراقها، ومازال هؤلاء الموظفون مقتنعين- أشد الاقتناع- بأن الجمعيات والمؤسسات لا يحق لها أن تمارس أى نشاط- من أى نوع- دون إخطارهم واستئذانهم!!. ومجدداً.. توجه الدار رسالتها إلى كل من يؤمن معها بحق الناس جميعهم فى بناء منظماتهم والتعبير عن مصالحهم والمفاوضة بشأنها.. إلى كل من يأمل معها فى فتح الطرق والقنوات المسدودة.. وتدعو كافة القوى الحية والفعاليات الديمقراطية ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية إلى التضامن معها وإلى مطالبة الأجهزة الحكومية بكف يدها عن دار الخدمات النقابية والعمالية، واحترام حقوق الإنسان الأساسية التى تكفلها الاتفاقيات الدولية الموقع عليها من الحكومة المصرية، وإتاحة الفرصة أمام منظمات المجتمع المدنى لممارسة دورها الذى لا يتكامل ..بل ولا يستقر أى مجتمع حى بدونه.