عمرو عبد المنعم اتسمت جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها عام 1928م ببرنامج تربوي غاية في الدقة ، والآن التربية هي عصب الجماعة ، كان حرص قادتها ألا تدخل أفكارا غريبة عليها تؤثر على عناصرها فتنقلب عليها ، وكما تعانى بعض التيارات السياسية العربية من مظاهر نفى الأخر، تعانى جماعة الإخوان من نفس هذه الظاهرة ، ومن ضمن الأمور التي أربكت الجماعة وأخذت تدافع عن نفسها في فترات زمنية متعاقبة موقفها من المفكر المرحوم سيد قطب وعلى مدار تاريخها وتعاقب المرشدين عليها ، اتسما موقف الجماعة من سيد قطب بنوع من المراوغة ، تارة بتأيد أفكار الرجل واعتبار أن أفكاره تمثل الجماعة، وأنه ضحى في سبل ما يقتنع به ومات على ذلك ، وتردد مقولة الرجل , ( إن أصحاب الأقلام يستطيعون أن يصنعوا شيئا ً كثيرا ً ، ولكن بشرط واحد، أن يموتوا هم لتعيش أفكارهم ، أن يطعموا أفكارهم من لحومهم ودمائهم أن يقولوا ما يعتقدون أنه حق ، ويقدموا دمائهم فداءا ً لكلمة الحق . إن أفكارنا و كلماتنا تظل جثثاً هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء ، انتفضت حية وعاشت بين الأحياء) وتارة تستجيب للهجوم الذي تتعرض له وتهاجم أفكار الرجل ، وتتهمه أو تحاول أن تنفى تهمة التكفير عنها وكأنها غير مسئولة عن أنتاجه الفكري ، وأنه نابع من مرحلة زمنية عصيبة أفرزت مثل هذه الأفكار التكفيرية ، هذا الارتباك الذي تعيشه الجماعة على المستوى الفكري نابع من خلل في فهم تطورات الأفكار وكيفية التعامل معها . لذلك تعيش الكتب المحظورة أكثر من غيرها محنة كبيرة ، رغم حظرها إلا أنها الأكثر انتشارا وتأثراً على الوجود الفكري والثقافي في ربوع مصر والعالم العربي ،انتشارا وتأثيراً لا يتوقعه صاحب سلطة التحريم ، والذى إتخذا القرار بإعدام كتاب يعتقد أنه تخلص منه نهائيا وإلى الأبد. ربما يكون صاحب الكتاب الوحيد الذي يناله الضجيج في حياته أما بعد مماته فهو الوحيد الذي لا يشعر بأي ردود أفعال ، فمعركة الإسلام وأصول الحكم لعلى عبد الرازق انتهت تاريخياً ولكن سرعان تتجدد كل فترة بكتابات مشابهة تعيد للأذهان هذه المعركة ، الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر لطه حسين معركة ماتت ودخلت دهليز وزارة الثقافة ومضابط مجلس الشعب ولكنها متجددة بصورة أو بأخرى ، نحن هنا لا نستعرض محنة الكتب الممنوعة في مصر ، ولا نناقش مقصات الرقيب التي يمارسها المحترفون في هذا المجال ، ولكن نناقش فكرة المنع والمصادرة التي يرفضها البعض علناً ويمارسها سراً ، وتشهد بعض المكاتبات الشهيرة في القاهرة وبيروت أن أكبر نسبة مبيعات هي للكتب الممنوعة . لقد انتقلت عدوى المصادرة والمنع والحظر إلى جماعة الإخوان المسلمون ، وأخذت تتزايد شيئاً فشياً ، وكأن من يتولى السلطة أيا كان موقعه نخبة وموظفين ، رجال دولة وحكم وجماعات فكرية ، يجب عليه أن تمارس فعل المصادرة فيحظر ويمنع ويصادر ويراقب . وهذا حال ، جماعة الإخوان المسلمين ، فالكتاب عند التيارات الإسلامية وخاصة الكتاب السلفي هام جدا ويشكل وعى لقطاع عريض وكبير لهذه التيارات وأشهر الكتب مبيعاً عند الإسلاميين بعد كتاب الله ، صحيح البخاري وصحيح مسلم ، ثم مختصر منهاج القاصدين ، وإحياء علوم الدين ، ومعظم كتابات سيد قطب ومحمد قطب ، وأبو الأعلى المودودى ، وأبو الحسن الندوى وسعيد حوي وفتحي يكن ، أما الكتابات التي يكرها الإسلاميون على العموم فكتابات على عبد الرازق وطه حسين وبعض كتابات العقاد ، وكتابات محمد حسين هيكل ، أما الجيل الجديد الذي لا بقراء لهم الإسلاميون فهم محمد أحمد حلف الله، وفؤاد زكريا وحسن حنفي ، وبعض كتابات زكي نجيب محمود .