وفقا لما نشر بإحدي الصحف فقد أعلن المهندس أحمد المغربي وزير الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية عن دراسة تعديل تشريعي "تدريجي" لقانون الإيجارات القديمة خلال الشهور القليلة المقبلة علي أن يبدأ التعديل بالوحدات التي يستأجرها الأجانب والمحال التجارية والوحدات الإدارية. بالطبع تلك خطوة ذكية من الحكومة حيث قررت ان التعديل سيأتي تدريجيا علي مراحل يبدأ بالمستأجرين الأجانب والمحلات التجارية والوحدات الإدارية كما انها فكرة تستحق التأييد فيما يتعلق بالأجانب خاصة إذا كان العقد لشركة أو مصنع ولكننا نريد أن نذكر الحكومة بأن الوحدات الإدارية والمحلات التجارية ووفقا للتعديل الأخير لقانون الايجارات القديم والذي تم برقم 6 لعام 1997 قد نصح علي زيادة في الأجرة المقررة بمقدار ثمانية أضعاف الأجرة القائمة وقت صدور القانون وليس وقت الإنشاء للوحدات المبنية منذ عام 1941 ومضاعفة الأجرة خمس مرات لما بني بعد ذلك. كما انه أيضا قصر امتداد العلاقة الايجارية القائمة عند وفاة المستأجر الأصلي لمرة واحدة وبشرط أن يستمر الورثة في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي مورثهم. وقد سقط البعض منهم تحت أحكام هذا الشرط وأخلوا وحداتهم بالفعل وبات الآخرون علي وشك أن يلحقوا بهم. كما قرر ثالثا زيادة سنوية في الأجرة بمقدار 2% من آخر زيادة قائمة تعلن علي الايجار السابق وكان هذا القانون قد قرر في البداية ان الزيادة السنوية تكون بمقدار 10% ونظرا للزيادة الكبيرة التي تعلي علي الأجرة كل عام ونتيجة لضغط الرأي العام الذين تضرروا منه فقد رأي مجلس الشعب عدالة مطلبهم ومنطقيته واكتفي بزيادة تراكمية سنوية قدرها 2% فقط وهي القائمة بالفعل حتي الآن وقد بلغت الأجرة الشهرية الفعلية المستحقة لبعض الوحدات مبلغ يجاوز الألف جنيه شهريا بمراحل كما ان وحدات أخري أخلاها ورثة المستأجر الأصلي لأنهم لم يمارسوا نشاط مورثهم المسجل بعقد الايجار. لذلك نتساءل ما هو التعديل المقترح وهل سيقوم بزيادة الأجرة أكثر من ذلك؟ في ظل حالة من الركود الاقتصادي الشديد الذي يعاني منه الكافة وباتت المصروفات الثابتة الشهرية لمحلاتهم بما فيها الأجرة المستحقة عبئا كبيرا يرهقهم كل شهر ويسعون لتدبيره بصعوبة حتي ان البعض منهم قام بإغلاق محلاتهم بصفة مؤقتة ولحين تحسن ظروف البلد الاقتصادية والعامة تخفيفا لمصروفاتهم الشهرية الثابتة تلك ويقومون بتدبير الأجرة الشهرية لوحداتهم المؤجرة من مورد آخر انتظارا لفرج يظنونه قريبا. أم ستقوم بإخضاع العلاقة الايجارية لتلك الوحدات للقانون المدني وتحررها من أحكام القانون القائم الذي ينظمها حاليا.. وتلك ستكون الطامة الكبري. فبداية يجب أن نتذكر ان الاستقرار يمثل للمصريين قيمة عالية جدا ومكونا أساسيا لحياتهم ولشخصياتهم يوازي إن لم يتفوق علي قيم الإحساس بالأمن والأمان. فالمحلات التجارية والتي تخضع لأحكام هذا القانون تنتشر في كل أرجاء مصر معظمها بقالين ومكوجية وقهاوي وعجلاتية وترزية ومطاعم وورش صغيرة وما شابهها أسفل كل مبني أو عمارة أو منطقة تجارية تمارس نشاطا محدودا يلبي احتياجات العمارة ويكاد تلبي أرباحه المصروفات الشهرية للمستأجر وأسرته. وقد تطلب في البداية إعداد وتهيئة هذا المحل للنشاط المختار مصروفات وتجهيزات معينة.. وهناك عدد وأدوات وبضائع لم تباع بعد. فماذا سيحدث إذا وجد كل هؤلاء أنفسهم مهددين بأن يكونوا بالشارع بلا عمل أو مورد رزق وضاعت عليهم ما تكبدونه من مصروفات وما عانوه من أجل أن يكون لمحلهم اسم تجاري وسمعة يحظيان بقبول الزبائن. هل تتخيل الوضع الذي ستكون عليه البلد وكل هؤلاء أصبحوا فجأة تحت رحمة المالك ومزاجه الشخصي كل شهر ألا يسهم ذلك في زيادة عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بالبلاد؟ لذا علينا قبل أن نتعجل بإصدار قانون لا ندري عواقبه أن نقوم بمسح ميداني شامل ومن واقع دفاتر وسجلات السجل التجاري الموجود في كل المحافظات لعدد المحلات التجارية الخاضعة لهذا القانون مستواها وحجم نشاطها التجاري أو الاقتصادي ونوعه ومدي احتياج المواطنين الشعبية منها عامة لها في أماكنها تلك ولدراسة انعكاسات تطبيق مثل هذا المقترح عليهم جميعا وهل يمكن أن يمر بسهولة؟ وهل يحقق العدالة بالفعل وبالتالي يتقبله الشعب؟ أم انه سيكون بداية لهياج شعبي هادر لا يدري أحد عواقبه ويزداد الأمر أهمية إدراك ان معظم المساكن الخاضعة للقانون القديم للايجارات وعلي الأقل بالأحياء الشعبية المنتشرة بالقاهرة الكبري وعواصم ومدن ومراكز المحافظات يبلغ ارتفاعها في المتوسط أربعة إلي خمسة أدوار تشغل المحلات والوحدات الإدارية الدور الأول منها بمعني ان نسبة 25% من المستأجرين ككل سيخضعون لتلك التعديلات فهل أدركنا حجم المشكلة؟! وبالمناسبة ألا يخضع هذا التعديل إذا ما تم لسيف عدم الدستورية ومن ناحية أخري فإن قوانين الاسكان التي تحكم العلاقة بالمساكن القديمة ليست جميعها قوانين استثنائية فمعظمها صدرت في ظل أحوال سياسية واقتصادية طبيعية وعادية جدا فقط كان القائمون علي الأمر في ذلك الوقت يراعون البعد الاجتماعي لحق الملكية وليس اعتبارات الثروة وزيادة أرباح المستثمرين فقط.