نشرت مجلة الشرق الأوسط الإسرائيلية مقالا لكاتب اسرائيلى تناول فيه الإستراتيجية الإيرانية السورية بالإضافة إلى انعكاسات أزمة صواريخ سكود على منطقة الشرق الأوسط ، حيث قال في مقالة أنه في منتصف ابريل 2010 نشرت عدة تقارير في وسائل الإعلام الدولية تفيد بان سوريا نقلت إلى حزب الله صواريخ سكود التي يمكن أن تصل إلى أي نقطة في إسرائيل ، وهذا بدورة يرمز إلى شيء مفيد جدا أبعد من التهديد الملموس الذي يشكله على الجبهة الداخلية الإسرائيلية ، حيث انه لأول مرة تمتلك منظمة مثل حزب الله صواريخ بالستية ، وهي التي يقتصر امتلاكها على القوات العسكرية النظامية التابعة للحكومات ، وهذا يعني أن إيران وسوريا تحاولان معا لجعل حزب الله جزء لا يتجزأ من المنظومة القتالية الخاصة بالمحور الراديكالي الذي سيكون في اختبار كبير في المستقبل القريب ، وأضاف أن التفكير الاستراتيجي لسوريا يرتبط في أساسة بمصير لبنان كدولة ذات سيادة ، في حين أن التفكير الإيراني يهدف إلى جعل حزب الله جبهة عسكرية أمامية في يد إيران إذا ما تعرضت لهجوم من جانب إسرائيل أو الولاياتالمتحدة بسبب برنامجها النووي . عند هذه النقطة ، تلتقي المصالح الايرانية مع المصالح السورية سواء بالنسبة للبنان ومستقبله ، او بالنسبة لإسرائيل وقدراتها العسكرية. وفي الوقت نفسه ، فان سوريا ترى في ايران حليفها الاستراتيجي طويل الأجل في كل ما يتعلق بأي مواجهة عسكرية مستقبلية مع إسرائيل ، فإذا ما أصبحت إيران دولة نووية ، فان سوريا يمكنها إدارة سياستها تجاه إسرائيل و لبنان بمزيد من القوة دون صلة مباشرة لمسألة مستقبل هضبة الجولان ، لأنه سوف يكون من الممكن تحقيق الرؤية "العربية" حسب المخطط السوري الذي يرى في سوريا القلب النابض للعالم العربي وفقا للمفهوم الأيديولوجي السائد بين النخبة السياسية في سوريا ، وأوضح أن هناك نوعان من المصالح الرئيسية في السياسة السورية منذ أواخر ستينات القرن الماضي، من بينهما ووفقا للرؤية السورية التقليدية ، فان لبنان هو جزء لا يتجزأ من سوريا ، وهذا يمثل مصلحة عليا تضاهي في أهميتها دور سوريا في تشكيل القومية العربية العلمانية في الشرق الأوسط. أما الثاني هو بقاء النظام الحاكم في سوريا داخل نطاق الأسرة العلوية ، فلا يدرك أي شخص يعيش في سوريا ماذا سيحدث للعلويين إذا ما اختفي بشار الأسد فجأة نتيجة للأحداث الداخلية أو بسبب أي ضغوط دولية . وزعم الكاتب الاسرائيلى انه في ضوء ما سبق فان العملية السياسية مع إسرائيل تستخدم فقط كتكتيك أو وسيلة للضغط لتحقيق أهداف أكثر أهمية لديها استراتيجية طويلة الأجل ، حيث أن الحصول على هضبة الجولان السورية من دون السيطرة المباشرة على لبنان أو وجود ضمانات واضحة من أجل سلامة الأسرة العلوية وضمان سيطرتها على الحكم ، لا تخدم المصالح السورية حسب رؤية بشار الأسد وهو ما يتوافق مع رؤية تاريخية ترعرع عليها الكثير من السوريين منذ ستينات القرن الماضي . وفيما يخص العلاقات الأمريكية السورية قال الكاتب : لا يمكن فصل السلوكيات السورية خلال الأشهر الأخيرة عن السلوك السياسي الأمريكي لإدارة أوباما بشأن الشرق الأوسط والعالم الإسلامي . فمن جهة ، إدارة أوباما تعكس ضعفا ايديولوجيا امام العناصر المتطرفة في الشرق الأوسط ، ومن جهة اخرى يبدي نظام اوباما تصلب غير عقلاني تجاه اسرائيل فبالاضافة الى الشعور بالخوف من الانفصال والمهانة من سياسات الرئيس أوباما تجاه اسرائيل ، هناك ،فكرة غير عقلانية تسود العديد من البلدان في العالم الإسلامي ، وهي ان الوضع الحالي يسمح للعديد من الدول الإسلامية بانتهاج سياسات راديكالية أكثر اتساقا على حساب الدول الإسلامية المعتدلة . لذلك فمن منظور سوريا ، ان الوضع الحالي يعطي لها الفرصة للعمل في اتجاهين متوازيين الأول هو إجراء نوع من الحوار الهادي مع الولاياتالمتحدة والبلدان الأوروبية ، والثاني مواصلة تعزيز حزب الله بالوسائل العسكرية ثقيلة الوزن ، على الرغم من الحوار الذي تجريه مع أوروبا . وحسب الرؤية السورية فان المحادثات الحميمة مع خطوات الولاياتالمتحدة في العام الماضي ، ليست بالضرورة إشارة واضحة على ضرورة وقف الإمدادات العسكرية لحزب الله أو للحد من التنسيق الاستراتيجي بينها وبين إيران ، بل على العكس فان الاتصالات التي جرت بين المسئولين الغربيين والرئيس السوري بشار ، حفزت سوريا على انتهاج سياسات قوية تجاه لبنان وإسرائيل. وعندما لاحظت بعض الشخصيات اللبنانية المعتدلة ان مغازلة الولاياتالمتحدةلبشار الأسد ناتجة عن تغيرات أيديولوجية عميقة وواسعة ، بحث بعضهم عن طرق للوصول الى القصر الرئاسي في دمشق ، بهدف تكييف الواقع اللبناني مع التغيرات التي فرضت على الشرق بسبب سياسة ادارة اوباما تجاه سوريا وايران . وواصل الكاتب زعمه قائلا : نتيجة لذلك فان الدولتين الصغيرتين (لبنان واسرائيل) ، والتي لا تشكلا تهديدا مباشرا لجيرانهم ، دفعتا ثمنا باهظا من أجل الحفاظ على الإدارة الأميركية الحالية في عام 2010 ، وبعبارة أخرى ، فإن التوجه السوري لإمداد حزب الله بصواريخ سكود كان متناسقا مع الإستراتيجية السورية الشاملة إزاء إسرائيل ولبنان . أدى التقارب بين الولاياتالمتحدة وسوريا وقرار إدارة أوباما تعيين سفير لها في دمشق مرة أخرى إلى إثارة قلق شديد لدى إيران إزاء نوايا سوريا الحقيقية على الساحة الشرق أوسطية . ففي الأشهر الأخيرة ، كانت هناك زيارات طارئة لشخصيات إيرانية إلى دمشق ، حيث كانت تخرج البيانات كل يوم تقريبا للتأكيد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. فعلى سبيل المثال ، نشرت وكالة الأنباء الإيرانية في 22 أبريل 2010 ،تقريرا حول محادثة لرؤساء إيران وسوريا عقدت في اليوم السابق وخلال المحادثة الهاتفية أكد احمدي نجاد للرئيس السوري انه مادامت سوريا وإيران جنبا إلى جنب فان الأعداء مقهورين لا محالة وان العلاقات بين البلدين هي نموذج للعلاقات التي يجب ان تسود بقية العالم ".