أكدت د. سلوى سليمان - أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة - أن الاقتصاد المصرى يواجه حاليا وضعا حرجا يضع الجميع إزاء أزمة حقيقية وتحديات كبري، وأن هذا يستدعى بالضرورة تكاتفا من الجميع فى وقفة جادة ومتعمقة لمراجعة العناصر الرئيسية للمأزق الراهن سعيا إلى الفهم السليم للعوامل التى أدت إليه، وبالتالى التوصل إلى سبل مواجهته وتجاوزه، فنسب النمو التى تعلن عنها الحكومة مرارا وتكرارا لا تؤتى ثمارها على الصعيد الاجتماعي، لأن ناتجها يذهب إلى قلة من أصحاب الأموال، ومن ثم فإن حالة الفقر وما تحويه من تناقضات فى توزيع عائد النمو تمثل تحديا كبيرا لابد من علاجه دون تباطؤ. وأشارت إلى أن عدم استقرار الأسعار وعجز الدولة عن الرقابة على الأسواق تعد أكثر المشكلات خطورة، وهذا بدوره ما يمثل مأزقا خطيرا للمواطنين وللدولة فى آن واحد، ويقدم دلائل على مدى هشاشة الإصلاحات التى تمت، والتى لم تنجح فى إحداث تغيير هيكلى فى القاعدة الإنتاجية كشروط ضرورية وأساسية للاستقرار الاقتصادي، والسيطرة على الضغوط التضخمية، ويزيد من خطورة المسار التضخمى الجديد حدة تأثيره على مستوى معيشة الفقراء وذوى الدخول المحدودة، وما يترتب عليه من مضاعفات اجتماعية تدفع إلى مطالبات بزيادة الأجور من شأن تحقيقها أن تشكل مزيدا من الضغوط على الموازنة العامة. وأوضحت أنه فيما يتعلق بما هو معلن بخصوص زيادة نسب الاستثمار الذى يقترب من 22% من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة ب38% لدول شرق أسيا، فهو معدل لم يزد عما كان عليه فى بداية سنوات الإصلاح عام 1991، حيث كان حوالى 22% أيضا، ليس هذا فحسب بل انطوى هذا التطور على تغيرات هيكلية سلبية مثل هبوط استثمارات الزراعة من 6.7% عام 1991 إلى أقل من 4 % عام 2008 مع ارتفاع استثمارات قطاع البترول والغاز من 9.5% عام 1991 إلى أكثر من 18%. وقالت سليمان: العجز الدائم فى الميزان التجاري، مؤشر خطير، حيث تعدت نسبته 13% من الناتج المحلى الإجمالي، فى حين أن هذا العجز بلغ عام 1991 حوالى 5.6 مليار بنسبة 14.8% من الناتج الإجمالي، وبالتالى يبدو جليا التدهور والزيادة المزمنة فى العجز التجاري، وما لها من أثار مدمرة على الاقتصاد، خاصة وأن هناك اتجاه متزايد للاعتماد على الواردات لسد احتياجات إنتاج السلع المحلية، وهذا يؤدى إلى انكماش اقتصادى ينتج عنه زيادة مستمر فى نسب البطالة، التى تبلغ قرابة 12% مقارنة بنسبة 9.3% عام 1991. وخلصت إلى أن معنى ذلك الحاجة الملحة إلى سرعة مراجعة توجهات السياسة الاقتصادية نحو مزيد من الفاعلية لأدواتها الأخرى المؤدية إلى زيادة نسب كبيرة ومستمرة فى حجم الإنتاج السلعى ومعدلات الإنتاجية، فيكون حفز زيادة الإنتاج بتسهيل توفير المعلومات والخدمات والموارد لمعالجة حالات توقف أو اختناقات قطاعات الإنتاج السلعية وإتاحة مزيد من الخدمات التسويقية وتشجيع وتسهيل إتاحة موارد الاستثمار لاستغلال فرص الإنتاج القائمة على تشابكات الإنتاج والعمل على القضاء على أسباب الهدر والتبديد، ثم ترشيد الإنفاق العام فيما يتعلق ببرامج الدعم الغذائى ودعم الطاقة وتضييق الفوارق بين الدخول، وأخيرا المراجعة الجذرية للأداء الاقتصادى طويل المدى.