فجاءة تحولت شوارع مصر بجميع محافظاتها إلى ما يشبه معسكرات الداخلية ، وانتشرت قوات الأمن فى كل مكان من أعلى رتبة إلى أدنى عسكرى وكأن الداخلية أعلنت الحرب على المواطنين ، وبسرعة تحول الموضوع إلى شبه حظر تجوال للسيارات وربما الأشخاص فمن يدرى ربما القانون الجديد من بين مواده الكثيرة ما يعاقب المنشأة حتى على مشيهم فى الشارع وخلال اليوم ثم تحرير وتحصيل آلاف من المخالفات وامتنع معظم سائقى التاكسى وعربات الأجرة من النزول إلى أعمالهم ، خشية الوقوع فى المحظور وظهرت شوارع القاهرة والجيزة شبه خالية فى معظم أوقات النهار إلا للضرورة القصوى . واعتبر القانون على المرور فى مصر أن هذا إنتصاراً عظيماً وبداية لعهد جديد ، ولكن يبقى سؤال يحتاج إلى إجابة هل هذا هو الحل وهل هذا هو الغرض من قانون جديد للمرور المزيد من الأعباء على المواطن وفرض رسوم ومغالاه فى دفع المخالفات وفتح ابواب السجون على مصراعيها أمام الفئات المختلفة ؟ فمعظم فئات القانون الجديد الحبس فيها يكاد يكون وجوباً وهل سيساهم ذلك فى تخفيض الحوادث على الطرق أو سيحقق سيولة مرورية . فلو كان الغرض من القانون هو تحقيق الإنضباط فى الشارع فلم نكن فى حاجة إلى مواد جديدة ولا قانون جديد ، والقوانين القديمة إذا كانت نسبة كبيرة من ملاك السيارات غير ملتزمين وتغلب وتغلب عليهم الغوغانية وعدم الإحترام لأداب القيادة والطريق ، فهذا ميراث سنوات طويلة تمتد إلى أكثر من 20 سنة ، وليست وليدة يوم واحد وميراث السنين لا يمكن تغييره فى يوم وليلة حتى لو كان ذلك بالغرامات والمخالفات ، وإذا كانت الحكومة عملت اللى قدرت عليه بتمرير القانون وتطبيقه على المواطن بكل مواده فيجب عليها قبل تنفيذ القوانين وإلزام الناس بها أن تقوم بتنفيذ الفروض الواجبة عليها أولاً فلا يمكن محاسبة الناس ولا يوجد نظام لدى الدولة نفسها ، ومن المسئول عن محاسبتها ومن غير الطبيعى أن تخالف قائد سيارة على كسر إشارة مرور غير موجودة أصلاً ولا نزال نبحث عن ذارع عسكرى المرور للتوقف فى الإشارة وسائق السيارة لازم يركز على الذراع إذا كان مرفوع ولا الراجل بيتاوب من إرهاق يوم عمل شاق فى شمس حارقة ، وفى النهاية يقع المحظور ويدفع الراجل المخالفة ، وإذا كانت إدارة المرور فى الماضى لم تقدر على تطبيق القانون القديم بما لديها من عناصر أبسط ما يقال عنها أنها لا تعرف هى نفسها القانون والموضوع اجتهادى وكل واحد من عسكرى حتى أكبر رتبة له رؤية وتفسير للمواد يعنى الموضوع الواحد له أكثر من حكم بإختلاف الشخص ليه الحكومة إتسرعت فى عرض القانون وتمريره ونشره وتطبيقه بكل هذه السرعة ، وكأنها عايزة تخلص أو تجد طريقة لفرض جباية جديدة على المواطن المرفه اللى عايش عيشة كريمة ومحتاج حد ينكد عليه شوية ، وبالنظر إلى آلية التنفيذ هنلاقى أن النظام يوجب الدفع الفورى للمخالفات وأن أماكن السداد فى أكشاك المرور فى الميادين والشوارع الرئيسية وعليك أن تقوم بالسداد لإستراد رخصك وطبعاً التكدس ظاهر والإنتظار قد يصل إلى ساعة أمام كشك المرور فى وسط الشارع وطبعاً مش هتشيل عربيتك هتركنها فى وسط الشارع مكان المخالفة ما هو خلاص الرخص انسحبت هيعملوا إيه أكثر من كدة ونرجع بعد كدة تلف وراء الظابط علشان تستلم الرخص فى سيناريو أشبه بالسيرك وكأن اللى حط القوانين لم يتوقع ذلك ولم يضع أى آليات للتنفيذ كعادتنا , وعلى الرغم من أن الحكومة أعلنت أنها سوف تقوم بتنظيم الشوارع وإشارات المرور وإزالة المطبات وإصلاح الطرق المكسرة ووضع المزيد من الإرشادات الإلكترونية وطابور طويل من الوعود التى كانت يجب أن يتم تنفيذها قبل فرض الجباية ( قصدى تنفيذ القانون ) إلا أنها كعادتها عملت اللى تقدر عليه وهو قهر الناس ومعملتش الواجب اللى عليها لعدم توافر .. ميزانية وسرعة تطبيق القانون بدون فهم الناس ليه ، وقيام إدارة المرور بتحصيل نصف الحد الأدنى من المخالفات فى البداية أكبر دليل على أن الهدف هو مزيد من الأعباء وجمع الأموال من جيوب الناس ، ليس الهدف هو تنظيم المرور واتحدى أن تصل إلى حلول بتلك الأساليب التى هى فى النهاية قمع وترهيب وعلى الناس الطاعة التامة ، وإذا كانت الدولة تريد الحل الجذرى ، فعليها تفعيل دور المجتمع المدنى فى رفع ثقافة الإحترام فى الشارع وتوصيل وشرح مواد القانون إلى جموع المواطنين وعليها أن تبذل مجهوداً أكبر من خلال الجمعيات الحكومية فى توصيل المعلومة إلى مالكى السيارات فى أماكن تجمعاتهم أو حتى فى أشغالهم فلو كنا نريد حلاً ، فالحلول كثيرة وإن كنا نريد جمع المزيد من المال وخنق الناس فأنتم تعرفون طريقكم الصحيح الآن وبالتوفيق ، ولكن إنتظروا المقابل بمزيد الإختنافات ومزيد من البطالة والجريمة وقطع الطرق ، فالكبت لا يولد إلا الإنفجار ووقتها لن تصلح قوات الأمن بالكامل من تدارك الموقف أو حتى الوقوف أمامه ومبروك على إدارة المرور وكل قانون وانتم بخير .