الثورات والموارد التى حبا الله بها الدول العربية مثل البترول فى الخليج والمناخ الجيد فى مصر ، والثروة الزراعية الهائلة فى السودان وغيرها الكثير من الموارد والثروات التى كانت كفيله وحدها لخلق كيان عربى قوى يصعب على أى قوى أخرى اختراقه أو حتى التدخل فى شئونه ، وعلى الرغم من كل هذه الثروات وعلى الرغم من الإرتفاع المهول لسعر برميل البترول والذى تخطى خلال الفترات الأخيرة كل الحدود ، حتى أن البعض يتنبأ بوصوله إلى حد ال 200 دولار فى القريب العاجل ، وزيادة اسعار البترول يترتب عليها تضخم ثروات دول البترول وتحقيق فائض غير متوقع ولم يحلم به أكثر المتفائلين ، ولكن مع كل هذه الثروات والموارد هل نجحت الدول العربية فى تحقيق الإستقرار الإقتصادى ؟ .. وهل نجحت فى استثمار تلك الثروات الطائلة فى بناء مجتمع عربى له مكانة عالمية ؟ .. للأسف لا .. ولاحظنا خروج معظم هذه الثروات إلى الغرب ، وخاصة أمريكا لإستثمارها هناك ، حتى أن دول البترول أصبحت صاحبة النصيب الأكبر من الأموال المستثمرة فى أمريكا وأوروبا ، لكن بعد أحداث سبتمبر 2001 والقرارات الأمريكية فى مواجهة العرب وصعوبة التنقل والإقامة لمعظم العرب فى أمريكا وبعض دول أوروبا ، بدأت الصورة تختلف وبدأت رؤوس الأموال تبحث عن بلاد أخرى للإستثمار فيها ، يتم الإستثمار فى بلاد قد يصعب على صاحب رأس المال نفسه الدخول إليها وفى الوقت نفسه التى تحولت وجهة الإستثمارات فى الغرب زادت عائدات البترول فزادت معها الثروات واتجهت بعض الشئ إلى دول الجوار العربى ولكن على إستحياء وحذر وليس فقط لعدم الثقة المتبادلة بين الدول العربية وبعضها وظنها انه قد يأتى اليوم التى تقوم فيه حكومات تلك الدول فى مصادرة تلك الأموال أو حين تاميم الشركات كما حدث فى عهد الرئيس الراحل عبد الناصر ، ولكن أيضاً لمعرفة المستثمرين العرب وفهمهم الكامل بأن العائدات على الإستثمارات فى الدول العربية ليست على نفس المستوى فى دول الغرب ، وذلك لأسباب الأنظمة المعمول بها فى حكومات تلك الدول ولإفتقار معظم الدول العربية لحنكة الإدارة للمشروعات والشركات الضخمة لنجد أنفسنا فى النهاية أمام معادلة صعبة يجب أن تبحث لها عن حل سريع إلا وهى امتلاك العرب لكل أسباب النجاح والثروات الطائلة ومساحات الأراضى الشائعة فى بعض الدول الكبرى مثل مصر والسعودية والعراق والسودان وغيرها . وللأسف انصرف الجميع إلى الإستهلاك فقط حتى أن دول العالم شرقها وغربها لم تجد أمامها أنسب منا نحن العرب لكى تفرغ فيها كل ما تنتج وان تأتى إليها بكل سلاسل محلاتها ومتاجرها المتخصصة فى بيع السلع الإستهلاكية والمطاعم لتغير طبيعة شعوبنا وتتحول بفعل فاعل إلى مستهلكين على طول الطريق ، ويزيد اتفاقنا على الكماليات ليزيد معها التضخم وتزداد الحياة صعوبة فى الدول الفقيرة ، وإذا كانت بعض دول الخليج قد تحولت بإستثماراتها إلى الدول العربية فى الأعوام الأخيرة إلا أنها لم تضع ذلك فى خطة مسبقة للإستثمار الذى يهدف إلى تحقيق ربح مع إقامة كيان قوى وتحولت معظم المشروعات ، إما للإستثمار العقارى الذى يستهدف عليه القوم أو من لديهم القدرة على دفع الملايين أو سلاسل المتاجر العالمية ليزيد نمط الإستهلاك ، وإذا كنا نريد كياناً عربياً قوياً فعلينا الإتفاق أولاً على وضع خطة للإستفادة بما لدينا من ثروات مالية وطبيعية على أن يكون الهدف النهائى هو بناء استثمارات عربية قادرة على تقوية الكيان العربى .