سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تفاصيل صراع الكبار داخل سياسات "الوطني".. ألاعيب "عز" تطيح بمخططات "رشيد".. و"فهمي" ضرب أسهم "نظيف" عند الرئيس.. و"غالي" و"العقدة" صدام ابن الباشا وابن العمدة
الصراع الخفي الدائر الآن بين جمال مبارك وصفوت الشريف والذي بدأت رائحته تفوح لم يكن الأول الذي تحوضه أو تتورط فيه أمانة السياسات التي يرأسها جمال مبارك، ويبدو أنه لن يكون الأخير لهذه الأمانة ورجالها، فالصراع صار مكتوبًا عليها سواء مع الآخرين أو مع بعضهم البعض، والسبب يعود إلى أن هذه الأمانة مكان لتجمع أصحاب المصالح ورابطة "عبده مشتاق" الحزبية لرجال الأعمال. الواقع يؤكد أن الامانة شهدت انشقاقات وصراعات لحقت بأعضائها البارزين وكادت تفقد تشكيلها منذ 2002 إثر انتهاء جمال مبارك من تشكيلها، والخلافات تمثلت في الصراع بين أعضاء الفكر الجديد الذي يمثله جمال ومحمد كمال وبدراوي ومحيي الدين وغالي من ناحية، وعلي الصعيدي وممدوح جبر وزير الصحة الأسبق وعلي لطفي رئيس الوزراء الأسبق الذين يمثلون الجيل الأكبر سنًا والخبرة لكن جمال مبارك استطاع احتواء الصراع في بدايته وإقناع الجيل الأكبر بضرورة وجود الفكر الجديد! وجاء صراع من نوع خاص داخل أمانة السياسات فجره وزير الصناعة رشيد محمد رشيد بسبب قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الذي أراد به "رشيد" تحجيم نفوذ أحمد عز، والتي بدأت عندما طلب "رشيد" بضرورة وجود قانون يحمي المنافسة ويمنح الاحتكار بعد الضغوط التي شهدها رشيد من مؤسسات المجتمع المدني بكل طوائفه فتم انشاء جهاز حماية المنافسة الذي ترأسته مني ياسين، وقام "رشيد" بتحويل شركات الأسمنت إلى الجهاز الذي أحالها بدوره للنيابة العامة وبعد ضغوط "رشيد" حوَّل الجهاز ملف الحديد لبيان مدى احتكار "عز" للحديد من عدمه، ولم تكن مفاجاة ان يتهرب الوزير من التعديلات التي طلبت منه على القانون ولم يصمد في مواجهة "عز" في مجلس الشعب وسافر إلى الخارج مدعيًا أنه في عمل رغم أنه هو الذي طلب التعديل وانتصر "عز" علي غريمه "رشيد". وفي أمانة السياسات لم يتدخل جمال مبارك من قريب أو بعيد في عقد هدنة مع أعضاء لجنة أمانته ولم يستطع حسم الصراع بينها وكانت الفرصة الأخيرة في تقرير جهاز حماية المنافسة حيث أراد "عز" أن يبرئ نفسه أمام "مبارك" ونجله وليس أمام الرأي العام، وجاء التقرير مخيبًا للآمال وتمت تبرئة "عز" من تهمة الاحتكار مما أصاب "رشيد" بالحزن لفوز "عز" بهذه الجولة. صراع آخر داخل اللجنة بين رئيس الوزراء أحمد نظيف عضو الأمانة منذ أن كان وزيرًا للاتصالات وبين الوزير الأقوى المهندس سامح فهمي وزير البترول، بدأت أحداثه عندما طلب "نظيف" من الرئيس "مبارك" قبل التعديل الوزاري المحدود خروج سامح فهمي ومحمود أبوزيد وفاروق حسني من تشكيل الوزارة الجديد، لكن "مبارك" لم يستجب لطلب "نظيف" لعلمه بالصراع الدائر بين الاثنين نظرًا لارتفاع أسهم الأخير لرئاسة الوزراء، والذي ينافسه فيه الوزير "رشيد" لكنه لا يشكل خطرًا مثل سامح فهمي المدعوم من "الرئيس" شخصيًا، فجاء التعديل بخروج محمود أبوزيد فيما سمي بتعديل التخبط وإسناد وزارة الأسرة والسكان لمشيرة خطاب. وهذا التعديل المحدود الذي تم في مارس الماضي أصاب أنصار "نظيف" بالخيبة لكن نظيف كان له مكسب آخر هو تعيين الدكتور محمد نصر علام وزيرًا للري حيث يرتبط بصداقة قوية معه. وهناك صراع مكتوم آخر بين محافظ البنك المركزي فاروق العقدة ووزير المالية يوسف بطرس غالي، تفاصل الصراع ربما يكشف عنها "العقدة" في مذكراته التي يعتزم نشرها في 2011 فور انتهاء فترة ولايته الثانية كمحافظ للبنك المركزي. الصراع بدأ بعد تولي "غالي" وزارة المالية، وفي الوقت الذي يريد فيه "غالي" خفض سعر الفائدة علي الإيداعات يريد "العقدة" الحفاظ علي نسبة التضخم وعدم ارتفاعها وعندما منح "مبارك" درجة نائب رئيس الوزراء "للعقدة" أغضب ذلك وزير المالية الذي يرى أنه الأحق بالدرجة من "العقدة" ولم يهدأ "غالي" إلا عندما تم انتخابه بصندوق النقد الدولي الذي اعتبره أنصاره تعويضًا له عن خسارته أمام "العقدة" وبدأ الصراع يخفت قليلا بين ابن الباشا "غالي" وابن العمدة "العقدة"، ليس لتدخل جمال مبارك بل لطبيعة الأحوال، لكن جاءت الأزمة المالية العالمية لتؤجج الصراع من جديد وظهر ذلك واضحًا في التصريحات المطمئنة بأنه لا تأثير للأزمة العالمية علي الاقتصاد المصري، فيما ظهر "العقدة" على استحياء وقال: إن تأثير الأزمة محدود، وسوف تكشف الأيام عن ذلك التصريح الذي أصاب "غالي" في مقتل، ففي الوقت الذي تبنى فيه سياسة جمال مبارك في الدفاع عن عدم وجود أزمة مثلما يردد جمال ورفاقه يأتي "العقدة" بتصريحات تؤكد أن الأيام القادمة ستكشف عن جوانب مهمة في تلك الأزمة. وتكشف الأزمة عن صراع مؤجج بين الاثنين فغالي يريد خفض الفائدة لتحريك السوق بينما العقدة رجل شغل منصب نائب رئيس بنك "أوف أمريكا" الذي كان يعمل به جمال مبارك ولديه خبرة علمية، فأول اتخاذ قرار علمي لخفض أو إبقاء سعر الفائدة فمع كل خفض جديد يفقد العقدة نقطة لصالح غالي. وهناك أيضا صراع بين الدكتور علي الدين هلال مسئول الإعلام بالحزب الوطني، ومحمد كمال رئيس لجنة الشباب بالأمانة، الصراع كشف عنه الكوتة التي أرادت لجنة السياسات تمريرها والموافقة عليها ونتج عنها تخصيص 64 مقعدًا للمرأة في 32 دائرة، هذه الكوتة كان يرفضها محمد كمال تلميذ "هلال" منذ عامين وقبل تمريرها؛ لكن علي الدين هلال كان معها قلبًا وقالبًا وبعد اجتماع لجنة السياسات خرج كمال ليعلن الموافقة على فكرة كوتة المرأة رغم أنه كان يرفضها من قبل وأعلنها صراحة ل"هلال" في لقاءات بينهما. الصراع بينهما ما زال مكتومًا حيث صرح "هلال" بأن الغرض من إنشاء لجنة السياسات ثلاثة أشياء أهمها: طرح مقترحات السياسة العامة، والثاني متابعة تنفيذ الحكومة لها، وآخرها المقارنة بين المستهدف تحقيقه وما تم تنفيذه، إلا أن محمد كمال لم يعجبه ذلك، فصرح بأن "اللبس" الذي حدث للبعض فيما يخص دور الأمانة سببه أنها شكل جديد على النسق المؤسسي في مصر، لكنها لا تمارس أي دور رقابي أو تنفيذي علي أن أمينها والكلام لكمال حريص علي أن تظل الأمانة في إطارها الحزبي فقط ولا تمتد إلى عمل آخر يدخل في اختصاصات الحكومة، ففي الوقت الذي يرى فيه هلال أن اللجنة تمارس دورًا رقابيًا يختلف عنه كمال بأنها لا تمارس أي دور رقابي.