تخيم حالة الانقسامات والتناحرات على لجنة السياسات بالحزب الوطنى لتكشف بوضوح عن شكل الخريطة السياسية لملامح مرشحى الوطنى فى الانتخابات القادمة سواء الشورى أو الشعب أو حتى المحليات فتناحرات وصراعات الكبار داخل الأمانة يفرز لنا أسماء ووجوهًا لها دور فى صناعة الأحداث المثيرة فى القلعة السياسية المغلقة. ومن أبرز الصراعات المعلنة الصراع الذى أدى للإطاحة بمحمود ابوزيد وزير الرى من منصبه وهذا الصراع دار بين أبوزيد وأمين أباظة وزير الزراعة بمواقف وتصريحات أبوزيد حول جدية شركة المملكة للتنمية التى يمتلكها الأمير السعودى الوليد بن طلال أحد المساندين لجمعية جيل المستقبل وكان أبوزيد رفض المميزات الممنوحة له من وزارة الزراعة وذلك لامتلاك الوليد 120 ألف فدان فى توشكى، وهو ما أجج الصراع بين الرجلين.
وأشار كلام أبوزيد إلى أن وزارة الزراعة لم تستفد شيئًا برغم العقد المبرم بين الوزارة والأمير مما دفع أمين أباظة لصد هجوم أبوزيد ضد صديق جمال مبارك فقال: إن محاولات افتعال أزمة حول تمليك 120 ألف فدان مشروع توشكى لشركة المملكة ليست فى محلها ولا داعى لها. وكان يقصد أمين أباظة من كلامه هذا محمود أبوزيد وزير الري وقتها وتأتى عدم مساندة أمين اباظة لرجله فى الوزارة وفى الأمانة إرضاء لجمال مبارك رئيس الاثنين فى لجنته. ويأتى صراع حسام بدراوى عضو الأمانة ورئيس لجنة التعليم بالحزب الوطنى لتؤكد الانشقاقات داخل الأمانة، فهذا الصراع ضد وزير التربية والتعليم السابق يسرى الجمل، وغذى الصراع رئيس الوزراء أحمد نظيف عندما تجاهل طلبات الجمل بتعديل بنود فى مشروع قانون الثانوية العامة ليظهر الجمل بأنه مسئول عن إثارة الرأى العام بسبب بنود غامضة بالمشروع ورفض الجمل وضع بند فى الشكل النهائي للمشروع يلزمه بتغيير مناهج الثانوية العامة وإعادة هيكلة المدارس الثانوية بمصر إلا بعد اعتماد نظيف زيادة مالية للوزارة تبلغ 19 مليار و200 مليون جنيه، وهو ما رفضه رئيس الوزراء وانتقل الملف للدكتور حسام بدراوى رئيس اللجنة التعليم بالحزب ولم يبدِ اعتراضه على النظام الجديد المعلن من يسرى الجمل لأن الوزير السابق اعتمد فى وضعه على دراسات أعدتها لجنة التعليم بالحزب التى يرأسها بدراوى، وتأجج الصراع عندما غير بدراوى رأيه بعدما حضر جلسة عرض النظام الجديد على الرئيس مبارك وعندما وجه الرئيس تعليماته للعمل بضرورة إزالة أى بنود فى النظام الجديد يمكن أن تؤدي إلى بلبلة الأسرة المصرية ومنها تقليص دور مكتب التنسيق فى دخول الجامعة.
ومن بعدها تحول بدراوى عن رأيه مما أغضب الجمل ولم يستطع جمال مبارك رأب الصدع الذى نشأ من سحب الملف برمته لينتقل إلى بدراوى وأمانة السياسات. الانقسامات داخل الامانة لا تقف عند حد يبدو فيه أن جمال مبارك فقد السيطرة عليها وظهر ذلك واضحًا فى قضية هشام طلعت مصطفى عضو الشورى حيث انقسمت الأمانة إلى فريقين الأول يؤيد دفع الدية لأهل سوزان تميم بينما رفضت مجموعة أخرى التسويات وطالبته بسير العدالة فى طريقها حيث تم طرح دفع 20 مليون جنيه على سبيل الدية مقابل العفو عنه وسقوط حق الدم خاصة أن القانون الإماراتى يقبل بمثل هذه التسوية فيما رأى بعض أعضاء الأمانة الآخرون ضرورة متابعة سير القضية لكى لا تشكل التسوية إغراء لرجال الأعمال لارتكاب مثل هذه الجرائم. أما الصراع الدائر بشدة فبطلاه هما وزير الإعلام أنس الفقى وعبدالله كمال عضو الأمانة ومجلس الشورى ورئيس تحرير روزاليوسف الذى اتخذ شكل التحدى العلنى للوزير. ففى حين صمتت جميع الصحف الحكومية عن انتقاد وزير الإعلام بدأ عبدالله كمال بتوجيه انتقادات مباشرة له ولا يكف كمال عن تأجيج الصراع ومما زاده غيظًا أن الفقى لا يرد على ما يكتبه فى جريدته اليومية ومجلته الأسبوعية، وكان آخرها محاولته كشف العلاقة بين وزير الإعلام عضو لجنة السياسات وجريدة معارضة مثل صحيفة الفجر فيما نشر عن أسهم لوزير الإعلام بينما كتب مقالاً ملوحًا بأن لديه وثيقة عقد يكشف امتلاك الوزير الفقى أسهم فى جريدة الفجر بالتوكيل المؤرخ فى 2 / 1 / 2007 بمحضر تصديق رقم 7 / 4 لسنة 2007 مما دعا وزير الإعلام إلى انشغاله فى التحقيق مع مساعدى مكتبه ومدى إخلاصهم له وصحة تسريب المستندات من مكتبه لعبدالله كمال. ويحارب وزير الإعلام فى جبهتين فى وقت واحد حيث دخل معركة مع توفيق عكاشة صديقه فى أمانة السياسات ومارس ضغوطًا قوية على عكاشة بسبب إنشائه قناة فضائية خاصة يمتلكها الأخير.
وواقعة أخيرة نرصدها كانت بين جمال مبارك شخصيًا وهانى هلال وزير التعليم العالى تؤكد أن جمال مثلما لديه القدرة على اختيار وزير فى حكومة نظيف فإنه يستطيع توجيههم فى أى وقت وأى موقف بل والإطاحة بهم لدرجة تصل إلى حد التلويح بغضبه مما يفعله الوزراء. حدث ذلك مع هانى هلال عندما اشار له جمال مبارك بالنزول من على المنصة التكريم بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة بعد أن ترددت أنباء عن عزم هلال فرض رسوم على الجامعة الأمريكية وهى رسوم مخالفة وما أن اشتكت الجامعة لجمال حتى اتخذ ضده إجراءات عقابية بدأت من نزوله من على المنصة وانتهت بحرمانه من فعاليات ختام مئوية جامعة القاهرة مما جعل هلال يمارس سلطته على زميله فى أمانة السياسات عبدالله بركات رئيس جامعة حلوان سابقًا بعدم المد له فى رئاسة الجامعة ليظهر هلال بأن لديه سلطاته يستخدمها ضد بركات خوفًا من منافسته على رئاسة كرسي الوزارة.