الاسلام دين نشر الحضارة يدعو إلى الألفة بين الشعوب ونشره للقيم الانسانية، ونبذ العنف والتطرف، ورفض الإسلام مبدأ التقليد الأعمى وأمر بإعمال العقل والتفكير مع الدعوة الى العلم..هذا ما يؤكد عليه كتاب "مهمة الأسلام فى العالم " للأستاذ محمد فريد وجدي، والصادر كملحق مع مجلة الأزهر الشهرية. ويقول الدكتور محمد رجب البيومى عن محمد ووجدى فريد : لقد "وضع أمامه هدفًا مرموقا يجهد فى الوصول إليه، ورأى الإسلام لعصره غرضا تتجه إليه السهام ويتناوله أعداؤه بالافتراء والتشكيك. أما الكتاب فهو يتكون من ثلاثة عشر فصلا ويقع في 144 صفحة، ويأتي الكتاب ضمن سلسلة وعد الدكتور البيومي باستكمالها قريبا عبارة عن ثلاثة أجزء وهي : مهمة الإسلام في العالم يتبعها الروح الإسلامية وتأثيرها وأخيرا السيرة المحمدية تحت ضوء العلم والفلسفة. وقد جاء الفصل الأول من الكتاب ليحمل عنوانه "مهمة الدين الاسلامى فى العالم" ليعلن من خلاله عن أصول الإسلام الاعتقادية، حيث أكد أن الإسلام كدين ليس بجديد، حيث إنه الدين الأول الذى أوحاه الله إلى نوح، ثم تتابع وحيه إلى جميع المرسلين من بعده، فإذا كان الناس يرون أمام أعينهم أديانًا مختلفة فى هذه الأصول، فإنما حدث ذلك التحريف من قبل قادتها حيث حملت الدعوة إلى الله ما لا تحتمله من أهوائهم وأوهامهم بغيًا منهم. وفي الفصل الثانى الذي جاء تحت عنوان "إعلان الألفة العامة بين الشعوب"، فأظهر المؤلف أن الدين الإسلامي دعا كافة الشعوب إلى التآلف بين جميع الأجناس، مشيرا إلى أن الاتصال بين الشعوب والأمم قبله كان صعبا للغاية بحيث يتعذر على الأمم جميعا أن تقوم على دين واحد، وكانت الحكمة الإلهية أن يكون خاتم الأديان يحتوي جميع المؤهلات والمقومات التى تجعله عامًا وصالحًا لكل زمان ومكان. وعنون المؤلف رحمه الله الفصل الثالث ب"المثل الأعلى فى بناء الأمم" ليظهر دور القرآن الكريم فى الدعوة إلى الألفة العامة بين الشعوب، لا فرق بين أبعدها وأقربها ولا بين أسودها وأبيضها، مقررًا أن الكرامة ليست بالانتساب إلى تلك الأمة أو تلك، ولا بالانتساب لهذا البيت أو ذاك، ولكن بالميزات الأدبية والمزايا النفسية، وقال: إن الإسلام استطاع تأليف أمه عالمية عامة تذوب فيها الجنسيات والفوراق الاجتماعية. وأكد في الفصل الرابع على أن "الدعوة إلى وحدة العقيدة الدينية من جهة أصل الأديان واحدة"، وليبرز أن دعوة الإسلام للامم إلى اتباعه كدين واحد جاء على النهج القرآنى الذى يستهوى العقول ويجذبها ببراهينه المنطقية وإثباتاته العلمية، مؤكدا أن الدعوة إلى دراسة الإسلام دراسة موضوعية لا تؤدى إليها دعوة من نوع آخر. فيما انتقد الفصل الخامس مبدأ التقليد الأعمى فقال المؤلف: إن الإسلام تصدى بعد تقريره العقائد الأولية لعادة التقليد الأعمى للأسلاف والقادة، دون عرضها على محك النظر ووزنها بقسطاس والعقل المستقيم. وفى الفصل السادس أظهر الكتاب المبدأ الإسلامي الأصيل في "الدعوة إلى العلم" حيث إن القرآن يدعو إليه وتحث عليه السنة النبوية الشريفة، فالإسلام يشجع كل ما يُدفع به الجهل والخبط سواء أكان فى العقائد الدينية أم فى الشئون المادية أم الإنسانية. وقد أوضح الكتاب في الفصل السابع أن الإسلام يدعم "نشر المبادئ الإنسانية" لأن الدعوة من صميم العلم الاجتماعى والنفسى مما يجعل سلوك الفرد الذي يتسم بالجدة والحكمة أمرًا محتمًا، حيث يحرص على أن يكون أهله ممن ينغرس فيهم الصفات المحمودة، هذا إلى جانب مراعاة المسلمين لما هو أخص من مبادئ العدل والمساواة مع الأجانب عن دينهم وهو التودد إليهم والبر بهم. ويجدد الفصل الثامن "دعوته للأمم لمحو آثار الجاهلية" فيشدد على العالم الإسلامى بألا يقلد الأمم فى الأمور المخالفة، ويدعو العالم أجمع إلى التطهر من بقايا الجاهلية، إذا كان يريد حقا التخلص من الغى والفساد، وقال: تلك البقايا التي أنتجت كل الولايات الاجتماعية التي تدفع الأمم إلى التناحر الحيواني وتحطيم كل ما بناه العلم من معالم المدنية، كما تحطمت من تلك الجاهلية مدنيات كثيرة فى العصور البعيدة. وجاء الفصل التاسع ليرشد إلى أن "دعوة الإسلام إلى تجريد العمل لله لا للأغراض المادية" حيث طالب الإسلام أهله بأن يجعلوا وجه الله مطمح أنظارهم لتأتى أعمالهم كلها مبنية على أساس متين من الطهر والنزاهة، لا يبغون بعملهم هذا عرضا زائلا من الدنيا. وفى الفصل العاشر يأتي الحديث عن الدعوة إلى تطهير القلوب حيث يركز المؤلف على أن الاسلام عني بتربية القلب عنايته بتربية العقل، فكما منح العقل سلطانه ليقود الإنسان إلى العواطف. هذا وقد دعا في الفصل الحادى عشر إلى إرساء أسس دولة الحق فى الأرض"، مؤكدا أن الإسلام لا يعتد بالمصلحة الفردية والاجتماعية، ولكنه يجعل الحق فوق المصلحة، فاذا وافقت المصلحة الحق أصبحت المصلحة حقا يجب تأييدها والدفاع عنها، وإذا لم توافق الحق كانت باطلا يجب إزهاقها. وأشار الفصل الثانى عشر إلى دعوة الإسلام إلى النظر والتفكر" مشددًا على وجوب النظر فى النفس والكائنات وحث أهله عل تتبع آيات الله فى مخلوقاته وإبداعه فى مصنوعاته، فجاء فى القرآن الكريم عشرات الآيات التي تلفت النظر إلى جمال صورها وحسن تنسيقها وإلى عظمتها وكبير منفعتها. وفى الفصل الأخير الثالث عشر لم ينس المؤلف أن يؤكد على أن الإسلام دعا إلى الأخذ بالأحسن من كل شيء" والأيسر من كل شيء ما لم يخالف شرع شرعه الله، فنجد الدعوة إلى الأخذ بالأقوال والأفعال الإنسانية، وهو ما يفتح الباب إلى الرقى والتطور إلى أبعد حد.