تواجه الجمهورية العربية السورية حربًا شرسة منذ ما يقارب علي العامين والنصف، حربًا تقودها الدولة التي قتلها الوهم والغرور بقوتها، ويتحرك فيها ثلة من العملاء والأفاقين، تجار الأديان، حثالة ممن باعوا ضمائرهم وخانوا أوطانهم، من أجل رزمة دولارات، ووهم برحلة مجانية إلي الجنة، ينتظرهم فيها الحور العين، والغلمان، يمارسون فيها شهواتهم ولذاتهم. والآن صارت جمهورية مصر العربية علي ذات الخطي، فتواجه هي الآخري تلك الحرب، وإن جاءتها متأخرة، فقد نفضت المحروسة عن ثوبها دنس جماعات التكفير وعصابات الإرهاب، وعزلت من وصفه البعض ب"أخنس مصر"، وعاد من حيث آتي، وراء بوابات السجون، ويتساقط بين يدي أبطالها من رجال القوات المسلحة، عرائس جماعة الإخوان المسلمين، الواحد تلو الأخر، يبيع بعضهم بعضًا، ويعترفون قبل حتي أن توجه إليهم الاتهامات. إنهما سوريا ومصر، يواجهان الإرهاب، ويرسمان سويًا خارطة جديدة لعالم سيطر عليه لسنوات دولة أسست تاريخها علي أنقاض غيرها من الحضارات، يبنيان سويًا مجد أمتنا العربية الآبية، فقد تحرك المارد من ثباته ليؤكد للعالم بأثرة أن هذه الأرض لم يصيبها العقم، وستظل دومًا رحم يخرج منه الزعماء والأبطال، صناع التاريخ. سوريا ومصر، بوابتي أمتنا العربية، تحطم علي بواباتهما الغزاة علي مر التاريخ، كانا ولا يزالا حماة الديار والوطن، أوفياء لمبادئ وقيم العروبة، سائران علي درب جمال عبد الناصر الرئيس للجمهورية العربية المتحدة بإقليميها الشمالي والجنوبي. وتأتي اليوم التصريحات الأمريكية علي لسان رئيسها "أوباما"، لتهدد بشكل واضح وصريح بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا ومصر، وهو ما يجعله يدعو لعقد اجتماعا طارئًا يوم السبت المقبل مع مستشاريه للأمن القومي، لمناقشة ما يدور بالمنطقة العربية، وصمود سوريا ومصر في مواجهة المخططات الصهيوأمريكية، وطبقًا لما صرح به عدد من المصادر المقربة من أوباما، فإنه يدرس تطبيق النموذج الأمريكي في الحرب علي كوسوفا، والتي ظلت فيها الطائرات الأمريكية تشن غاراتها طيلة 78 يومًا، وفي هذا الإطار جاء تواجد بارجة عسكرية أمريكية، محملة بصواريخ "كروز" لتلحق بثلاثة بوارج متمركزة بالبحر الأبيض المتوسط. وعلي الرغم من تلك التصريحات الجوفاء، والتحركات العسكرية، إلا أن الحرب الفعلية تظل ورقة وهمية في الوقت الراهن، وهو ما أكد عليه وزير الدفاع الأمريكي، حينما وصف الحرب الآن ب"الانتحار العسكري"، كما أن موازين القوي الدولية تؤكد بقوة أن حرب كتلك التي يرغب أوباما في شنها، ستنهي دولته من التاريخ، وتصير مجرد دولة علي جانب الخريطة الدولية، وقد يؤدي بها الأمر فيما بعد إلي التقسيم لدول عدة، فسوريا ومصر وروسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، سيكون حلفًا يستحيل هزيمته، وسيدخل العالم حربًا عالمية ثالثة، تكون الهزيمة فيها للجانب الأمريكي. لا ينقصنا اليوم إلا مصافحة فعليه، وعلي أرض الواقع، بين الطبيب بشار الأسد رئيس سوريا الصامدة، والفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير دفاع مصر الآبية، رمزي الحرب العربية علي الإرهاب. صحيح أن المعطيات علي أرض الواقع تؤكد للمتابع الجيد التنسيق الجاري بين سوريا ومصر في هذه الحرب، إلا أن الأمر يحتاج إلي مصافحة أمام الجميع. يد تصافح يد، تصفع الإرهاب، وتضربه في مقتل، وتبني لنا المجد، وتعيد صنع خارطة العالم.