أصابنى نوع من أنواع الاشمئزاز وأنا أسير بشوارع بورسعيد وأشاهد لافتات الترحيب بالرئيس مبارك لزيارة بورسعيد فى عيدها القومى فى مرة هى الأولى منذ توليه رئاسة الجمهورية عام 1981 ومن المفهوم أن ينافق كبار رجال الأعمال والمستثمرين ورجال الحزب الوطنى الحاكم وينفقون الأموال فى وضع اللافتات بطول خط الزيارة وإقامة البوابات . ولكن هذه المرة لوحظ أن البسطاء من أهل المدينة قاموا بوضع لافتات ترحيب بالرئيس فى نفس الوقت الذى يعانى فيه شعب بورسعيد من البطالة وانتشار ظاهرة البلطجة وغياب الأمن عن الشارع البورسعيدى والمشاكل البيئية وتراكم أقوام القمامة ومياة الصرف الصحى والعشوائيات وارتفاع أسعار الإسكان الاقتصادى والسؤال : هل هم نفس البسطاء الذين قاموا بمظاهرة احتجاجية على مشروع مبارك للإسكان والذين تظاهروا لانتشار البلطجة ببورسعيد هل بالفعل هؤلاء البسطاء يؤيدون سياسة الرئيس مبارك ويبايعونه على فترة رئاسة جديدة أم ذلك من تدبير الحزب الوطنى وقيادته فى إظهار أن الشعب البورسعيدى يؤيد الرئيس مبارك وليس التأييد قاصرًا على قيادات الحزب ورجال الأعمال . ولقد أشرف محافظ بورسعيد بنفسه على متابعة خط السير واستعان بمحلات الفراشة فى المحافظات المجاورة لسد الحاجة وعمل حواجز أمنية بطول خط سير الزيارة حتى لا يتسرب أى مواطن إلى موكب الرئيس فى أثناء الزيارة كما حدث فى الزيارة الأخيرة 1999لدرجة أن المطبات الصناعية التى كانت مقامة فى شوارع خط السير تم إزالتها لعدم تعطيل الموكب . وقد أعاد هذا المشهد إلى الأذهان زيارة الرئيس جمال عبد الناصر لبورسعيد الذى اعتاد أن يحتفل مع شعبها بعيد النصر من كل عام وكان ذلك بدون أى حواجز لدرجة أن شعب بورسعيد قد رفع سيارة الرئيس من على الأرض دون أى تدخل أمنى . وكذلك فعل الرئيس السادات عند زيارته إلى بورسعيد وقد أعلن عن زيارة الرئيس مبارك لبورسعيد من فترة ليست بالقصيرة ولكن دون تحديد اليوم الذى سيقوم فيه بالزيارة فالمواطن البورسعيدى يستقيظ كل صباح على أن اليوم هو موعد الزيارة ولكن لم تتم الزيارة بعد . وبلغت تكلفة الاستعدادات واللافتات والبوابات والحواجز الأمنية المقامة على طول خط سير الزيارة نحو المليون جنيه هل ذلك النفاق الذى جعل الرئيس مبارك يستمر فى الحكم قرابة الربع قرن سينتهى عهد الرئيس مبارك أجلا أم عاجلا وسيأتى بعده من يخلفه ويستمر مسلسل النفاق الحكومى مع الرئيس الجديد فيبدو أن هذا النفاق طبيعة بشرية متأصلة فى الشعب المصرى