ان الشىء المأساوى الذى بات يسيطر الان على الثورات العر بية هو العداء مع إيران أكثر من حالة المواجهة الدائمة مع الكيان الصهيونية، هكذا افتتح تقرير لمجلة "لونوفيل اوبسرفاتور"، الفرنسية. وواصل التقرير، لقد تحول الربيع العربى عن اهدافه الديمقراطية الاساسية الى الصراع الشيعى-السنى أو الايرانى-العربى حيث أصبحت سوريا هى الحقل الاساسى للمعركة. فإيران تقوم بتسليح النظام السورى فى حين ان سلفيي الخليج يقومون بعمليات تمويل من أجل تحويل هذه الثورات من مجرد الإنقلاب على الديكتاتورية الى الجهاد ضد الشيعة. وأضافت المجلة انه من جانب اخر، فإن جماعة الاخوان المسلمين التى تسيطر على مقاليد الحكم فى كل من مصر و تونس يبدو انها تواجه صعوبات فى مسألة الحكم. ذلك انها كانت تعتقد أن الدعم المقدم من قطر قد يساعدها فى الاستجابة للتطلعات الاجتماعية للثوار.فهذه هى الخديعة الكبرى لتلك الثورات. وأشارت المجلة الى انه حتى إذا كان العنف الاجتماعى قد عاد من جديد لكن هذه المرة ليس عن طريق اليسار أو الشباب العاطل الذى قام بتحويل حرق بوعزيزى الى احتجاجات ثورية انما عن طريق السلفيين. فهذه الثورات قد أصبحت بمثابة كابوس بالنسبة لدول الخليج الذين يخشون من ان تعبر الجموع العربية الغاضبة البحر الاحمر من اجل الاستيلاء على عائدات النفط. وهذا ما تم التعامل معه بطريقتين. أن السعودية- التى تمر حالياً بأزمة خلافة خطيرة- كان لها رد فعل سريع حيث قام الملك عبدالله فى شهر مارس من عام 2011 بوضع 130 مليار دولار على المائدة من أجل منع اى احتجاج اجتماعى.ثم قام بدعم السلفيين الذى يُنظراليهم على انهم يمثلون قوة ضد الاخوان المسلمين. ومن جانبهم يقوم القطريون بدعم الاخوان و يعتبرونهم حلفائهم فى المنطقة و تساعدهم فى ذلك قناة الجزيرة التى تقدم لهم وسيلة لطرح السياسات التى يتعين عليهم انتهاجها للسيطرة على العالم العربى-السنى و التى تعد قادرة ايضا على التصدى للسلفيين الخاضعين للنفوذ السعودى. لكن تظل كل من قطر و السعودية متفقان حول نقطة واحدة و هى أن إيران عدو لهما. وذكرت المجلة انه منذ الإطاحة بمبارك فى عام 2011، باتت كل من تركيا و إيران تتمتع بنفوذ فى المنطقة. فإيران اعتبرت بلاد الشام قاعدة أمامية لحمايتها حيث إنه من خلال حلفائها حزب الله و حماس أصبح لديها جبهتين حدوديتين ساخنتين مع اسرائيل. فهذا الواقع تم النظر اليه من جانب القادة السنة فى المنطقة على انه يمثل تهديداً لهم لان ايران هى الوحيدة القادرة على توجيه ضربات جادة الى اسرئيل مع حصولها على شرعية شعبية قوية على حساب الحكومات السنية. والتهديد الاخر هو أن احتلال الولاياتالامريكية للعراق قد جعل من هذا الاخير حليفاً لأيران منذ أن تم إجلاء القوات الامريكية من هناك. لذا فإن سقوط نظام بشار الاسد فى دمشق قد يبدو لهذه الحكومات كخطوة اولى لإعادة سيطرتها الاقليمية فى مواجهة طهران.