تشكل الأرض بالنسبة للشعب الفلسطيني الحقوق والثوابت والمقدسات والحياة والتاريخ والمستقبل، ويدافع عنها بكل ما يملك، لأن هناك ظلماً كبيراً وخطيراً وأطماع بلا حدود على هذه الأرض من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتحل في هذه الأيام الذكرى السابعة والثلاثين ليوم الأرض، ففي يوم السبت الثلاثين من آذار من العام 1976، وبعد ثمانية وعشرين عاماً في ظل أحكام حظر التجول والتنقل، وإجراءات القمع والإرهاب والتمييز العنصري، وعمليات اغتصاب الأراضي وهدم القرى، والحرمان من أي فرصة للتعبير والتنظيم، هب الشعب الفلسطيني في جميع المدن والقرى والتجمعات العربية في الأراضي المحتلة عام 1948 ضد الاحتلال الإسرائيلي، واتخذت الهبة شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية عارمة، واجهتها إسرائيل بالقوة المسلحة قتلاً وإرهاباً بالفلسطينيين، مما أدى إلى استشهاد ستة فلسطينيين، هذا إضافة لمئات الجرحى والمصابين واعتقال الآلاف. وكان السبب المباشر لهبة يوم الأرض هو قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة نحو 21 ألف دونماً من أراضي "عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد" وغيرها لتخصيصها للمستوطنات الصهيونية في سياق مخطط تهويد الجليل. إذ أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 وفي سياق ممارساتها بمصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، دمرت حوالي 418 قرية عربية في فلسطين بما فيها من مساكن ومساجد وكنائس ومعالم تاريخية تدميراً كاملاً، ومنها قرى داخل الخط الأخضر منها قرى اقرت وكفر برعم وغيرها، ومنعت أهلها من العودة إليها، ولا يزال سكانها والذين يبلغ تعدادهم أكثر من ثلاثمائة ألف نسمة لاجئين في بلادهم داخل الأراضي المحتلة عام 1948، كما صادرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأعوام ما بين 1948 – 1972 أكثر من مليون دونماً من أراضي القرى العربية في النقب والجليل والمثلث. فهبة يوم الأرض لم تكن وليدة الصدفة بل كانت وليدة مجمل الوضع الذي يعانيه الشعب الفلسطيني في فلسطينالمحتلة منذ نشأة إسرائيل. لقد ظلت سياسة المصادرة وابتلاع الأراضي الفلسطينية هي المنهج الذي اتبعته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للاستيلاء على أراضي المواطنين الفلسطينيين، الذين هجروا من داخل إسرائيل والمحرومين من العودة إلى أراضيهم، كما استمرت إسرائيل في نشاطها الاستيطاني وبصورة متصاعدة سواء بإقامة مستوطنات جديدة أو توسيع المستوطنات القائمة في انتهاك صارخ لكافة قرارات الشرعية الدولية ومبادئها الثابتة، هذا، بالإضافة إلى استمرارها في بناء جدار الفصل العنصري، والذي سيبتلع مساحة 22 % من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، في تحد آخر للمجتمع الدولي ولفتوى محكمة العدل الدولية بعدم مشروعية بناء الجدار. إن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه هي مخالفة صريحة للقانون الدولي والاتفاقيات، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب. لذا فان على المجتمع الدولي مسؤولية قانونية وأدبية وأخلاقية تجاه التصدي لهذه الانتهاكات. إن جامعة الدول العربية( قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة) في هذا اليوم الذي يمثل الصمود الفلسطيني والتشبث بالأرض، إذ يوجه تحية إعزاز للنضال البطولي للشعب الفلسطيني في كل مكان لتمسكه بأرضه وتشبثه بها، وما قدمه من تضحيات جسام وشهداء وجرحى وأسرى في سبيل وطنه وأرضه، واستقلاه الوطني وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، فانه يطالب المجتمع الدولي وخاصة الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية الدولية والمنظمات الدولية والإنسانية ذات الصلة، بالتحرك للضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها العسكري والاستيطاني للأراضي الفلسطينيةالمحتلة، والتوقف عن ممارساتها التي تدمر الجهود السلمية المبذولة، وتؤدي إلى فرض سياسة الأمر الواقع على الأرض، وتجعل من السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة حلماً بعيد المنال، وتهدد السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم.