ارتدى اللواء جيري بويكن زي الرهبان ذات أحد، والقى خطبة في المصلين. وفي موعظته، شن القديس بويكن حملة شعواء على المسلمين واتهمهم بالجمود والرجعية وأنهم حزب الشيطان الذي يريد أن "يدمر هذا البلد" - يعني أمريكا، و"أنهم يسعون لتدمير جيش الرب." ولم يفت مبعوث الرحمة الأصلع أن يذكر حشود المصلين في كنيسة أوريجون بأن القديس بوش "لا يتوقف عن الصلاة في مكتبه البيضاوي في بيت الأمريكيين الأبيض،" وأنه لم يصل إلى سدة الحكم هناك عبر صناديق الاقتراع، بل "اختاره الرب،" لينقذ المؤمنين هناك من مردة الشياطين، فالمسلمون لا يكرهون الشعب الأمريكي إلا لأنه "شعب مؤمن." يومها شنت الصحافة الأمريكية حملة مستحقة على واعظ ذهب إلى الكنيسة ببزة ملطخة بالدماء ليستبدلها بثياب كهنوتية ليفسد على المصلين إيمانهم، وطالبت قيادة الجيش بعزله. ويومها رفض وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الاستجابة لضغوطهم بحجة أن الرجل يحمل "سجلا مشرفا،" وأنه - كمواطن أمريكي - له مطلق الحرية في التعبير عن رأيه. بمشيئة الرب إذن، انطلقت أكبر ترسانة للأسلحة لتخلص العالم من الطغاة الكفرة الذين يكرهون المؤمنين ويسعون في الأرض فسادا، ورامسفيلد لا يحب الفساد. وقرع المبعوث للأمريكيين رحمة طبول الحرب على أناس لا يجدون ما يسد رمقهم أو يغطي عريهم، لأنهم يكرهون المؤمنين ويسعون إلى تدمير جيش الرب بصرخاتهم البائسة. ومن الكنيسة، نفث الجنرال الأمريكي سموم الكراهية في قلوب المصلين، ليقربهم إلى الرب زلفى. فمن حق شعب الرب المختار أن يدافع عن إيمانه بسحق مخلوقات الله الحاقدة التي لا ترقب في المؤمنين الأمريكيين إلا ولا ذمة. لكن الأمريكيين الذين ذهبوا إلى الكنيسة يومها لم يزدادوا من الرب قربا ولم يتزودوا من الموعظة بتقوى لأن مبعوث العناية الإلهية لم يذكرهم يوم أحدهم بالمسيح، وإنما ذكرهم بهادم اللذات وموزع اللعنات بوش. في كنيسة أوريجون، ذكر بويكن القادمين إلى بيت الرب بفضيلة الكراهية، وحثهم على التقرب إلى الله ببذل الدعوات لجيش الرب بالنصر على الضعفاء والأرامل والعجزة من ساكني أطراف العالم المنسية لأنهم يسعون إلى سحق الأمريكيين المؤمنين. وباسم الرب، غردت أسراب الطائرات في سماواتنا الكئيبة، ونزلت حمم العناية البوشية فوق أوتاد خيمنا المتآكلة لتقتل شعوبنا الملحدة. لكن القتلى من شياطين فقرائنا لم يعرفوا وهم يهرعون من وابل الحمم المتساقطة فوق أوديتهم أي ذنب ارتكبوه في حق إله بوش حتى يصب عليهم لعناته صبا. لم يدرك الفقراء المعوزون المقهورون في عالمنا العربي أنهم يهددون ببطونهم الضامرة وحلوقهم اليابسة من الجوع والظمأ جيوش الرب ولا المؤمنين من الأمريكيين. لكن النافخين في أبواق الكراهية والمبشرين بديانة العداء يعرفون كيف يحركون كوامن الشر في نفوس الصالحين، ويعلمون جيدا كيف يحولون الكنائس والأديرة والمساجد إلى ساحات تعبئة ضد الآخر وضد الرب. يتجاهل المؤمنون من العسكريين في غمرة انشغالهم بالقتل والهدم أن الله لم يرسل إلى عباده رتبا عسكرية ولا قادة فيالق ليحشروا الناس في ملة واحدة، وأن الأنبياء كانوا حملة قراطيس يعلمون الناس الخير ويحثونهم على المحبة والتعايش. لكن بويكن - كعادة كل بويكن - لا يرى طريقا إلى السماء غير مخضب بدماء الشياطين الذين يكرهون المؤمنين وترساناتهم القاهرة. عبد الرازق أحمد الشاعر أديب مصري مقيم بالإمارات [email protected] Sent from Mobile