يالها من أيام صعبة مريرة قاسية، تلك التي أعقبت انقشاع غبار الخامس من يونيو 1967 م، ها هم قادة إسرائيل وصقورها مالت بهم الرؤوس من نشوة الانتصار الساحق على الجبهات العربية الثلاث، وها هو ” موشى ديان ” يزهو بأنه حسم المعركة في ستة أيام، ها هي الأفراح والنشوة تملأ كيان كل إسرائيل، على الجانب الآخر، فقد بلغت القلوب الحناجر والمرارة سدت الحلوق واليأس يخيم على مشاعر الشارع العربي .. بهذه الكلمات بدأ بطلنا حديثه ل ” ميدان البحيرة ” واصفا مرارة الهزيمة في أعقاب نكسة يونيو 1967 م والتي كان منها الاصرار على الثأر والانتصار . وهو واحد من أسود الوطن الذين سطروا ملحمة عسكرية وطنية، كما سطروا أسمائهم بأحرف من نور في أروع صفحات التاريخ، وبعثوا برسالة مدوية للعالم وخاضوا حرب أكتوبر ، حرب العزة والكرامة بقلوب مفعمة بالإيمان ورغبة طاغية في الانتصار ، بأيديهم وعقولهم قبل أسلحتهم ونجحوا في مسعاهم ،وحققوا الحلم والنصر الغالي، وكتبوا شهادة تحرير سيناء تاركين لنا أسماء وذكريات وبطولات خالدة لاتنسى، تتناقلها الأجيال وتتغنى بها وتحكى جيلا بعد جيل انه اللواء محمد حسن الصول المؤرخ العسكري والخبير الاستراتيجي وأحد رموز العسكرية المصرية، ابن مدينة دمنهور الذي حقق أمنيته بالإلتحاق بالكلية الحربية عام 1967 م ، وكان ظابط استطلاع برتبة نقيب في الكتيبة 524 مشاة في اللواء السابع في الفرقة 19 أثناء حرب أكتوبر، وهو أول لواء يرفع العلم المصري على أرض سيناء وأول كتيبة تستولي على نقطة حصينة للعدو وحصل اللواء على العديد من الأنواط ،والأوسمة منها نوط الشجاعة من الطبقة الأولى، ونوط الواجب العسكري من الطبقة الأولى ،ونوط الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة ونوط الإمتياز وميدالية جرحى الحرب وميدالية السادس من أكتوبر وأكثر من ثلاثة مائة درع وشهادة تقدير اقتربنا من اللواء البطل الذي أبحر بنا في مشوار حرب أكتوبر من بداية الاحتلال إلى النصر، وما تخلل ذلك من قصص وروايات وأحداث وبطولات ساهمت في هذا الانتصار، وعشنا معه داخل ميدان المعركة ،وسمعنا صوت الصواريخ وقصف المدافع وطلقات العدو، وروى لنا شريطا من الذكريات عن الرفاق الذين ضحوا بأرواحهم وصنعوا النصر بدمائهم وتواروا في الظل فقال، على الرغم من أن الواقع الرسمي لحرب أكتوبر حدث يوم 6 أكتوبر 1973 م، لكن الحقيقة تؤكد أن هذه الحرب بدأت عقب هزيمة يونيو 1967 م مباشرة، وكانت هناك ثلاث مراحل، مرحلة الصمود ومرحلة الردع ومرحلة الإستنزاف وقد كانت تلك المراحل الثلاث بمثابة بروفه للمعركة الكبرى وبدأت مرحلة الصمود من يونيو 1967 م حتى أغسطس 1968 م، وقد شهدت جبهة القتال أحداثا لها دلالتها وكانت معركة رأس العش، ثم في 14 يوليو 1967 م انطلقت البقية الباقية من القوات الجوية المصرية تقصف قوات العدو المدرعة في عمق سيناء، وفي 21 أكتوبر 1967 م سجلت البحرية المصرية حدثا فريدا بأغراقها المدمرة إيلات، اما في مرحلة الردع بداية من سبتمبر 1968 م حتى مارس 1969 م فقد بدأت دوريات العبور بالقيام بأعمال متعددة تدمر فيها للعدو بعضا من أسلحته وتأسر عددا من أفراده .