الامم المتحدة (رويترز) - يمكن للولايات المتحدة كسب تأييد مجلس الامن التابع للامم المتحدة في قضية المؤامرة الايرانية المزعومة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن اذا كان لدى واشنطن أدلة ولعبت بالاوراق التي في يدها بشكل سليم. واتهمت الولاياتالمتحدة قوة القدس التابعة للحرس الثوري الايراني بتدبير مؤامرة لاغتيال السفير عادل الجبير وقالت انها قد تسعى لاستصدار قرار من مجلس الامن ضد ايران. وتنفي ايران المزاعم الامريكية ووصف السفير الايراني في الاممالمتحدة محمد خزاعي في خطاب للامين العام للمنظمة الدولية بان جي مون ومجلس الامن الدولي أمريكا بأنها "داعية حرب" ووصف المزاعم الامريكية بانها "مخطط شرير" ضد بلاده. وقدمت سوزان رايس سفيرة واشنطن في الاممالمتحدة تفاصيل القضية الى بان وقالت له ان ما فعلته ايران يمثل "تهديدا خطيرا للامن والسلام الدوليين." وأضافت أن واشنطن تتحدث مع الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي كما طلبت من بان تقديم تفاصيل القضية الى الجمعية العامة. ولم يتوصل وفد الولاياتالمتحدة في المنظمة الدولية بعد الى قرار رفع القضية الى مجلس الامن الدولي لكن دبلوماسيين يقولون ان واشنطن تبحث هذا الامر. وقال سفير بالمجلس لرويترز "لم يضعوا خطة اللعب بعد.. انهم يدرسون كل الخيارات.. مزيد من العقوبات واستصدار قرار والادانة .. كلها أمور ممكنة." واذا سارت الولاياتالمتحدة على نهج ادارات أمريكية سابقة وقدمت القضية خلال اجتماع علني لمجلس الامن المكون من 15 دولة فانها قد تستطيع حشد الدعم في مواجهة المتشككين والمنتقدين الذين قالوا ان الاتهامات الجديدة الموجهة لايران منافية للعقل. كان هذا هو ما حدث عام 1962 في أزمة الصواريخ الكوبية عندما كشف سفير الولاياتالمتحدة في الاممالمتحدة انذاك ادلاي ستيفنسون خلال اجتماع علني للمجلس نقله التلفزيون عن صور التقطتها طائرات تجسس من طراز يو تو لصواريخ سوفيتية ومنصات اطلاق في كوبا وواجه السفير السوفيتي في الاممالمتحدة فاليريان زورين بالاتهامات. وقال ستيفنسون "هل تنكر أيها السفير زورين أن الاتحاد السوفيتي وضع ويضع صواريخ متوسطة المدى ومواقع صواريخ في كوبا؟ نعم أم لا؟" ورفض المندوب السوفيتي الرد باجابة محددة وقال لستيفنسون "أنا لست أمام محكمة أمريكية." ورد ستيفنسون قائلا "أنت أمام محكمة الرأي العالمي الان ويمكنك أن تجيب بنعم أم بلا." ولم يرد زورين باجابة واضحة قط لكن تمتع السوفيت بحق النقض (الفيتو) جعل من المستحيل اتخاذ أي اجراء رسمي ضدهم في مجلس الامن. لكن واشنطن كسبت فعلا القضية في "محكمة الرأي العالمي." ففي نفس اليوم وهو 23 أكتوبر تشرين الاول عام 1962 أيدت منظمة الدول الامريكية بالاجماع خطة أمريكية لفرض حصار بحري على كوبا لمنع ارسال المزيد من شحنات الصواريخ. وفي عام 1983 قامت السفيرة الامريكية في الاممالمتحدة جين كيركباتريك بتشغيل تسجيل صوتي لطيار طائرة اعتراض سوفيتية كان ضالعا في اسقاط طائرة الخطوط الجوية الكورية رقم 007 فوق بحر اليابان مما أسفر عن مقتل 269 من الركاب وأفراد الطاقم وكان من المستحيل على السوفيت أن ينفوا ضلوعهم في الامر بعد ذلك. لكن التاريخ الحديث يظهر أيضا أنه عندما يكون الدليل ضعيفا فان أصوات المتشككين في مجلس الامن الدولي ستعلو ولن تتمكن واشنطن من اسكاتها. والمجلس هو الكيان الوحيد التابع للامم المتحدة الذي يملك سلطة فرض العقوبات أو السماح باستخدام القوة العسكرية. كان هذا ما حدث مع كلمة وزير الخارجية الامريكية الاسبق كولن باول في فبراير شباط 2003 أمام مجلس الامن عندما قدم معلومات مخابرات أمريكية عن مزاعم بوجود برامج للاسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية لدى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وربما كان باول يحاول السير على نهج ستيفنسون وكيركباتريك فاستخدم وسائل مساعدة بصرية وعرض صورا وشغل تسجيلات صوتية بل أنه عرض زجاجة بها مسحوق أبيض بدا كمسحوق الجمرة الخبيثة الفتاك. ولم تحقق هذه الكلمة التي استندت الى أدلة تبين الان أنها خاطئة أي نجاح في الحصول على تأييد الفرنسيين والروس والالمان المتشككين والذين أجبروا الولاياتالمتحدة وبريطانيا في نهاية المطاف على التخلي عن جهودهما للحصول على الضوء الاخضر من الاممالمتحدة للقيام بغزو العراق في مارس اذار عام 2003 . وقال ديفيد بوسكو وهو أستاذ في الجامعة الامريكيةبواشنطن ان استخدام المجلس قد يكون "مسرحا عاما" جيدا لكنه قد لا يقنع الاعضاء المتشككين فيه. وأضاف "الخطب الدرامية عادة ما تكون فعالة في استمالة الرأي العام في الداخل أكثر من استمالة الدول الاخرى." وقال "خطاب باول لم يغير الحركة الديناميكية في المجلس فيما يتعلق بدعم الحرب لكن كان له تأثير كبير في الداخل." وقال دبلوماسيون في الاممالمتحدة ان واشنطن بدأت بالفعل في بذل جهود أولية لاقناع الدول الاعضاء في مجلس الامن بقوة القضية التي أثار عدد من المحللين شكوكا حولها. ويرى بعض المحللين أنهم يجدون صعوبة في تصديق أن قوة القدس ستتصرف بهذا الشكل الاحمق الذي تشير اليه أوراق القضية. وقال مبعوثون ان فريقا من خبراء وكالة المخابرات المركزية الامريكية ومكتب التحقيقات الاتحادي وادارة مكافحة المخدرات ووزارتي الخارجية والعدل الامريكيتين انضموا الى رايس ونظيرها السعودي يوم الاربعاء لابلاغ الدول الاعضاء في المجلس بتفاصيل المؤامرة المزعومة. وتركت المزاعم الموجهة لايران انطباعا قويا لدى بعض الدبلوماسيين لكنها لم تنجح في كسب تأييدهم جميعا. ووصف السفير الفرنسي في المنظمة الدولية جيرار ارو المزاعم بأنها "قابلة للتصديق ومقنعة للغاية" وقال ان فرنسا "ستدعم كثيرا" أي مبادرة أمريكية في المجلس. وقال السفير الروسي في الاممالمتحدة فيتالي تشوركين ان موسكو "ستبحث الامر بجدية شديدة للغاية" وأضاف المبعوث الصيني لي باو دونغ أنه نقل تفاصيل القضية الى بكين. وقال دبلوماسيون في المجلس ان واشنطن أرسلت فرق خبراء من وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الاتحادي وادارة مكافحة المخدرات الى روسيا والصين وهما من أكثر الدول المتشككة في المجلس ولهما حق النقض (الفيتو). وبدا أن ماريا لويزا ريبيرو فيوتي السفيرة البرازيلية في الاممالمتحدة ليست مقتنعة تماما وقالت للصحفيين ان الاجراءات القضائية الامريكية يجب أن تأخذ مجراها أولا. ويقول مبعوثون في المجلس ان كسب تأييد الهند وجنوب افريقيا وهما العضوان الاخران في دول مجموعة (بريكس) للاقتصادات الناشئة الى جانب البرازيل وروسيا والصين قد يكون صعبا على واشنطن. وكانت المجموعة قد رفضت جهودا غربية للتحرك ضد سوريا وغيرها من القضايا.