ابطلت انطلاقة خاطئة مفعول الاعصار الجامايكي اوساين بولت قاهر العدائين والزمن في سباق 100 م عندما حرمته من فرصة الدفاع عن لقبه في النسخة الثالثة عشرة من بطولة العالم لالعاب القوى المقامة حاليا في مدينة دايغو الكورية الجنوبية حتى الاحد المقبل. فرض بولت نفسه "ظاهرة فريدة من نوعها" و"اسطورة" في سباقات السرعة وتحديدا سباقي 100 م و200 م منذ تتويجه باللقبين الاولمبيين في بكين 2008 مع رقمين قياسيين عالميين، ثم زكى تفوقه بعد عام واحد في بطولة العالم في برلين بلقبين عالميين ورقمين قياسيين عالميين خرافيين (58ر9 ثانية في 100 م و19ر19 ثانية في 200 م)، علما بأنه توج في العرسين الاولمبي والعالمي بلقبي التتابع 4 مرات 100 م مع منتخب بلاده. تألق الاعصار بولت المعروف بابتسامته الدائمة وحركاته البهلوانية وتفاعله مع الجماهير، جعل الانظار تتجه الى من سيحل في المركز الثاني لان الريادة مضمونة للجامايكي، وحاول منافسوه البحث عن طريقة لهزمه لكن دون جدوى وان كان مواطنه اسافا باول والاميركي تايسون غاي الغائبان البارزان عن مونديال دايغو بسبب الاصابة، هما الوحيدان اللذان نجحا في الفوز عليه منذ بدء هيمنته عام 2008، حيث فعلها باول عام 2009 وغاي عام 2010. كان بولت الذي احتفل بعيد ميلاده الخامس والعشرين الاحد الماضي، مرشحا دائما للفوز بالسباقات التي يخوضها وحتى في الاونة الاخيرة عندما عانى لتحقيق الفوز بسبب عودته الى الملاعب بسبب الاصابة، شكك البعض في قدراته لكن ليس لدرجة خسارته، وتقاطرت انسحابات منافسيه قبل العرس العالمي بدء من غاي مرورا بمواطنه ستيف مولينغز صاحب افضل توقيت هذا العام، بسبب المنشطات، وصولا الى باول بسبب الاصابة، فخلت الساحة بنسبة كبيرة الى بولت واحبطت امال خصومه خصوصا بعد سباقيه الرائعين في الدورين الاول ونصف النهائي. وصل بولت كعاته الى الملعب وبدأ مزحاته مع خصومه واشاراته بالنصر الى الجماهير وبدا واثقا من قدراته على امتاع الحاضرين الذين دخلوا خصيصا لمشاهدته، لم يكن يعلم ما يخبىء له القدر حتى جاءت طلقة الانطلاقة، وقتها بدت معاناة الاعصار من ضغوطات هائلة وانصاع الى ترشيحات بعض وسائل الاعلام الى بعض العدائين لقهره في دايغو مثل مواطنه وزميله في التدريبات يوان بلايك والاميركي والتر ديكس والجامايكي الاخر نيستا كارتر. تسرع بولت في الانطلاقة قبل ان تعطى اشارتها وادرك بنفسه جسامة الخطأ الذي ارتكبه قبل ان يشير اليه الحكام وخلع فانيلته ورماها ارضا وراح يضرب رأسه ويندب حظه تذمرا من الخطأ الفادح الذي ارتكبه والذي كان حرم البريطاني دواين تشامبرز من خوض الدور نصف النهائي في وقت سابق اليوم. وكان بولت يأمل في الاحتفاظ بلقبيه في سباقي 100 م و200 م ليصبح اول عداء في التاريخ يحتفظ بالثنائية، بيد ان تسرعه في الانطلاقة حرمه من ذلك ودفع بالتالي الثمن غاليا. اكتشف الجمهور الوجه الاخر لبولت "الانفعالي" الذي ترك المضمار قبل يشهر الحكم بطاقة الاقصاء بوجهه، كما انه ترك الملعب دون ان يدلي باي تصريح واكتفى ببعض الكلمات للاتحاد الدولي لالعاب القوى جاء فيها "ليس لدي ما اقوله الان". وأضاف قبل ان يغادر الملعب فورا باتجاه القرية الرياضية عبر السيارة: "هل سأشارك في سباق 200 م؟، يوم الجمعة ليس كذلك؟، اذا سنرى ذلك يوم الجمعة". وفي البيان ذاته عبر الاتحاد الدولي عن موقفه مما حصل لبولت، وقال "الاتحاد الدولي مستاء بالتأكيد من الانطلاقة الخاطئة التي ارتكبها اوساين بولت، لكن من المهم التذكير بان مصداقية الرياضة تتوقف على قوانينها التي يجب تطبيقها بنفس الوتيرة والطريقة على جميع العدائين". يذكر ان الاتحاد الدولي عدل عام 2009 خلال بطولة العالم في برلين قانون الانطلاقات الخاطئة حيث اقر معاقبة مرتكبها مباشرة ومن المحاولة الاولى بعدما كان القانون السابق متسامحا ويمنح العداء او العداءة فرصة ثانية. وكان بولت ارتكب انطلاقة خاطئة في طريقه الى التتويج باللقب العالمي لسباق 200 م في برلين، بد ان القانون وقتها كان يسمح بانطلاقتين خاطئتين. بولت عداء كبير وهو يفهم اكثر من اي شخص آخر بضرورة نسيان ما حدث معه في سباق 100 م والتركيز على سباق 200 م والتتابع 4 مرات 100 م مع منتخب بلاده كي لا يخرج خالي الوفاض من المونديال، ويكفيه ان العالم باشره يشهد له بان اسرع عداء في التاريخ سواء من خلال الارقام التي يحققها او بامكانه تحقيقها او من خلال اسلوب ركضه واستحالة الفوز عليه. يحتاج بولت الى طي صفحة الانطلاقة الخاطئة لانه يملك من المؤهلات ما يخوله احراز المزيد من الالقاب بدء من دايغو مرورا بدورة الالعاب الاولمبية المقبلة في لندن وصولا الى بطولة العالم المقبلة في روسيا ان لم يكن بعدها. وقد يكون عزاء بولت ان اللقب العالمي لسباق 100 م بقي جامايكيا وكان من نصيب صديقه وزميله في التداريب يوان بلايك حيث يشرف عليهما المدرب غلين ميلز. وقال بلايك: "لا أجد الكلمات للتعبير عما حصل. بولت كان بجواري، شعرت أنني أريد البكاء"، مضيفا "حافظت على برودة أعصابي وركزت على اللحاق بكولينز وشعرت انه بامكاني بالسباق من أجل بولت". من جهته، قال ديكس صاحب الفضية فقال "انه سباق غريب، لكن امر جيد ان نضع الولاياتالمتحدة الى منصة التتويج"، مضيفا "بالنسبة لي كان السباق رهيبا وباخطاء كثيرة واعصاب مشدودة. لم أعتقد حقا بانهم سيستبعدونه (بولت)". اما المخضرم كولينز (35 عاما) فقال "لقد كان سباقا رهيبا لم اكن اتوقع ان يحدث هذا، لكن عندما يكون البطل خارج السباق فعليك الاستفادة من ذلك"، مضيفا "ومع ذلك، وربما لو شارك معنا في السباق فانني كنت أرغب في الحصول على ميدالية". وتابع "لا اعتقد ان قاعدة الانطلاقة الخاطئة مرة واحدة جيدة، ولكن بما ان الاتحاد الدولي يرى بانها امر جيد للتلفزيون فعلى الارجح ستبقى".