عقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل بعد ظهر الثلاثاء في باريس قمة حول ازمة الديون في منطقة اليورو وسط ترقب شديد من الاسواق لما سيفضي اليه هذا اللقاء بعد تقلبات الاسبوع الماضي في البورصات والاعلان عن ارقام للنمو مخيبة للامال في اوروبا. ووصلت المستشارة الالمانية في الساعة 16,00 (14,00 تغ) الى قصر الاليزيه حيث استقبلها ساركوزي في اجواء طغى عليها الارتياح، ومن المقرر ان يعقدا مؤتمرا صحافيا قرابة الساعة 18,30 يليه عشاء عمل. وكان هذا الاجتماع مقررا منذ قمة منطقة اليورو التي عقدت في بروكسل في 21 تموز/يوليو وخصصت لازمة الدين اليوناني، حين اعلن ساركوزي وميركل انهما سيلتقيان "قبل نهاية الصيف" لبحث سبل تعزيز الحوكمة الاقتصادية في منطقة اليورو. غير ان اللقاء اتخذ ابعادا اكبر تحت ضغط الاحداث، مع تخفيض وكالة ستاندارد اند بورز تصنيف الدين الاميركي وورود شائعات بشان احتمال تخفيض تصنيف فرنسا ولو ان وكالات التصنيف الثلاث نفتها، والتقلبات المسجلة في بورصات العالم. وتامل الاسواق ان يعلن ساركوزي وميركل عن اجراءات عملية بعد القمة التي سيدرسان خلالها اقتراحات بشان الحوكمة في منطقة اليورو ويسعيان لتخطي الخلافات في مواقفهما بشان ازمة الديون. وقال محلل في باريس ان "الاسواق تنتظر اشارة قوية جدا: هل هناك طيار في القمرة لقيادة منطقة اليورو؟ هل ستتكلم فرنسا والمانيا اخيرا بصوت واحد وتوقفان التنافر المستمر منذ اشهر والذي يثير هلع المستثمرين؟" ولم تنجح القمة الاوروبية التي عقدت في 21 تموز/يوليو والتي اقرت خطة الانقاذ الثانية لليونان، ولا التصريحات السياسية الصادرة في الاسابيع الاخيرة، في طمأنة الاسواق المتخوفة من امتداد الازمة الى دول مثل اسبانيا وايطاليا. غير ان آمال الاسواق قد تتبدد بسرعة. فقد حذرت برلين من انه ينبغي عدم توقع معجزات كما انها لا تعتزم بحث مسالة اصدار سندات اوروبية تسمح بتوزيع قسم من اعباء الديون على منطقة اليورو. كما لا يؤيد الالمان زيادة قدرة الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي على الاقراض وهي محددة حاليا ب440 مليار يورو. ويهدف هذا الصندوق الى دعم دول منطقة اليورو التي تعاني من ديون طائلة وسيكون في وسعه في المستقبل اعادة شراء ديون دول من منطقة اليورو في الاسواق بشروط معينة. وتخضع ميركل لضغوط حلفائها الليبراليين وبعض نواب كتلتها الذين يحذرونها من اي تهاون حيال الدول الاوروبية الاخرى. ويرى معظم المحللين ان اللقاء يهدف اولا الى بحث القيود الملزمة الى حد ما التي ينبغي فرضها للحد من مديونية دول منطقة اليورو، في سياق تعزيز محتمل لميثاق الاستقرار. من جهة اخرى يواصل القادة الاوروبيون جهودهم لتصحيح اوضاع المالية العامة لمختلف الدول، على امل وضع حد لهجمات المضاربين في الاسواق. وقبل ان يلتقي ميركل، عقد ساركوزي اجتماعا مع رئيس الوزراء فرنسوا فيون بحث خلاله اجراءات التقشف الجديدة الواجب اتخاذها لخفض العجز المالي الفرنسي الى ما دون عتبة 3% من اجمال الناتج الداخلي بحلول عام 2013، على ان يتم اتخاذ القرارات النهائية بهذا الصدد في 24 اب/اغسطس. وفي ايطاليا اعرب رئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني عن استعداده "للاستماع" الى "افكار جديدة" لتحسين مجموعة تدابير التقشف الصارمة التي اقرت الجمعة لادخار 45,5 مليار يورو على سنتين. ودعت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الاثنين دول العالم اجمع الى التبصر في قراراتها خشية ان تؤدي سياسات التقشف في الانفاق الى تقويض النمو الاقتصادي. وكتبت لاغارد في مقالة بعنوان "لنمنع كبح الميزانيات من تقويض النهوض الاقتصادي العالمي" ونشرتها صحيفة فاينانشال تايمز ان "اعادة التوازن الى الميزانيات العامة يجب ان يتم وفق معادلة دقيقة بحيث لا يكون سريعا جدا وا بطيئا جدا".