القاهرة - أزمة جديدة يشهدها الاقتصاد المصري بعد أن تسبب تراكم المديونيات الهائلة على الشركات في تزايد حالات الإفلاس بينها خلال الفترة من يناير إلى مارس 2011؛ لتبلغ 57 حالة مقارنة ب17حالة في نفس الفترة من العام الماضي بنسبة بلغت نحو 235.3 %، وهو ما كشف عنه التقرير الأخير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، فيما أشار الخبراء إلى أن عددًا من الشركات المصرية تهرب من الديون المستحقة عليها عن طريق إشهار إفلاسها. د.مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، قال في تصريحات خاصة ل"العربية نت"، إن ارتفاع حالات الإفلاس بين الشركات المصرية خلال النصف الأول من العام الجاري 2011 يرجع إلى تزايد المديونيات الهائلة على الشركات خاصة لدى البنوك، فضلا عن فشل أسلوب الإدارة لدى معظم هذه الشركات، لافتا إلى أن عدد الشركات المصرية التي أعلنت إفلاسها في تزايد مستمر عقب ثورة 25 يناير بسبب الكساد الاقتصادي مما أجبرها على الخروج من دائرة المنظومة الاقتصادية. وألمح إلى قيام بعض الشركات بإعلان إفلاسها بشكل طوعي للهروب من رسوم الضرائب والتأمينات في حالة تزايد المديونيات عليها بشكل هائل، لافتا النظر إلى أن البيانات الرسمية في عهد نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك كانت دائما تخفي البيانات الخاصة بالشركات التي تعلن إفلاسها، وتبرز فقط الشركات التي يتم إنشاؤها. وحذّر الشريف من ارتفاع معدل الفقر في مصر بسبب زيادة عدد الشركات المفلسة وما يترتب عليه من فقد الوظائف للعاملين في هذه الشركات، مشيرا إلى أن نسبة الفقر في مصر تقترب من 70% منهم 6% "معدم"، بالرغم من أن متوسط دخل الفرد السنوي المصري من الناتج المحلي بلغ 2770 دولارا أمريكيا، خاصة وأن إجمالي الدين العام الداخلي بلغ 888 مليار جنيه يمثل 73% من إجمالي الناتج المحلي، وإجمالي الدين العام (المحلي والخارجي) يبلغ 1080 مليار جنيه يمثل 90% من إجمالي الناتج المحلي (الدولار الأمريكي يساوي 5.95 جنيه مصري تقريبا). قسمة الغرماءأما الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، فقال إن الحالة الاقتصادية التي شهدتها مصر عقب الثورة التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك أدت إلى تعثر أغلب المَدِينين عن سداد ديونهم؛ مما أجبر الدائنين على طلب إشهار إفلاس المدين من المحكمة في حالة الإصرار على عدم السداد، لافتا النظر إلى أن توقف العديد من قطاعات النشاط الاقتصادي المصري تسبب في ارتفاع أعداد حالات الإفلاس بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة. وأضاف عبده ل"العربية نت" أن إشهار إفلاس المدين قد يكون بسبب أن لدى المدين منتجات أو سلعا موزعة داخل السوق ويصعب تحصيل قيمتها، وليس فقط بسبب عدم وجود سيولة نقدية لدى المدين، وفي هذه الحالة لابد من إجراء "صلح واقٍ من الإفلاس" من خلال جدولة الديون بين الدائن والمدين، وفي حالة عدم الاتفاق تتدخل المحكمة لتفصل ذلك النزاع إما بالتراضي أو إشهار الإفلاس، موضحا أنه من الناحية القانونية فإن كل تاجر مدان له الحق في الإنذار في المرة الأولى، وإذا امتنع عن التسديد يصبح من حق الدائن اللجوء للقضاء لإعلان إفلاسه شريطة أن يقتسم كل الدائنين حصيلة البيع "قسمة الغرماء"، ومن ثم يُحرم من ممارسة نشاطه التجاري لفترة ما، ثم من الممكن أن يعود لمزاولة المهنة وفقا لشروط محددة. أوضاع سلبيةأما الدكتور عاطف سالم، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، فقال إن قانون الإفلاس يندرج ضمن القوانين التجارية بما يعني أن كل تاجر يتوقف عن سداد ديونه المستحقة ملزم بردها وفقا للقانون وحقوق الدائن الثابتة بالأوراق، وإذا لم يحدث ذلك يتم إعلان إفلاسه بقوة القانون، وقد يحدث ذلك نتيجة لاختلال أحواله المالية، مؤكدا أن القانون يعاقب المفلس بالتصفية وتتم هذه التصفية بشكل مدني، إلا في حالات التدليس التي يعاقب عليها القانون وفق اشتراطات قانونية أخرى. وأضاف سالم أن الأوضاع السلبية التي شهدها الاقتصاد المصري أخيرا أدت إلى عجز بعض المديونين عن تسديد ديونهم وحدوث اختلالات تهدد بالإفلاس؛ مما يبرز مدى تزايد حالات الإفلاس في الآونة الأخيرة.