كشفت النيابة العامة في ميلانو عن فتح تحقيق واسع النطاق يستهدف مجموعة من الإيطاليين يشتبه في أنهم دفعوا أموالاً لجنود من جيش صرب البوسنة مقابل السماح لهم بإطلاق النار على المدنيين في مدينة سراييفو خلال فترة حصارها بين عامي 1992 و1996، خلال حرب البوسنة التي حصدت أرواح أكثر من عشرة آلاف شخص. وأكد المدعي العام أليساندرو جوبي، الذي يقوده هذا التحقيق في أعقاب بلاغ رسمي تقدم به الكاتب المقيم في ميلانو إيزيو غافاتزيني، أن الكاتب نجح في جمع أدلة وشهادات على مدار السنوات تشير إلى تورط عدد من الإيطاليين، إلى جانب أشخاص من دول أوروبية أخرى، في ما وصفه برحلات صيد بشرية نُظمت أثناء الحصار. كما استند الادعاء إلى تقرير أرسله رئيس بلدية سراييفو السابقة بنيامينا كاريتش لدعم هذه المزاعم. وبحسب ما كشفه غافاتزيني، فإن هذه القضية تعود جذورها إلى ظاهرة أطلق عليها الإعلام في تسعينيات القرن الماضي اسم "سياحة القناصة"، حيث يزعم أن أثرياء من دول غربية دفعوا مبالغ طائلة لجنود صرب تابعين لجيش رادوفان كاراديتش الذي أُدين لاحقاً بالإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، مقابل نقلهم إلى التلال المحيطة بسراييفو وإتاحة الفرصة لهم لإطلاق النار على المدنيين العزل من أجل الترفيه. وأوضح غافاتزيني أن التحقيق انطلق فعلياً بعد مشاهدته الفيلم الوثائقي سفاري سراييفو للمخرج السلوفيني ميران زوبانيتش، الذي أُنتج عام 2022، ويتضمن شهادة جندي صربي سابق ومقاول قال إن مجموعات من الغربيين كانت تشارك في إطلاق النار على سكان المدينة، بينما نفى قدامى المحاربين الصرب هذه الاتهامات بشدة. وأضاف غافاتزيني:"كانت نقطة البداية من الفيلم، ومن هناك بدأت أراسل المخرج وأجمع الوثائق والشهادات حتى امتلكت ما يكفي لتقديم ملف متكامل للنيابة العامة". وأشار الكاتب إلى أن عدداً كبيراً من الإيطاليين يعتقد أنهم شاركوا في هذه الرحلات دون تحديد أعدادهم، موضحاً أن بعضهم كان يجتمع في مدينة ترييستي بشمال إيطاليا قبل السفر إلى بلغراد، حيث كان جنود صرب البوسنة يرافقونهم إلى مواقع القنص في تلال سراييفو. ووصف غافاتزيني هذه الممارسات بأنها أقصى درجات اللامبالاة بالشر، مؤكداً أن المشاركين لم تكن لديهم دوافع سياسية أو دينية، بل فعلوا ذلك بدافع الترف والمتعة وحب السلاح. وأكدت المحامية نيكولا بريجيدا، التي شاركت في إعداد الملف القانوني مع غافاتزيني، أن الأدلة التي جمعت بعد تحقيق طويل مدعومة بشهادات ووثائق قوية، وقد تمثل خطوة مهمة نحو كشف حقيقة إحدى أبشع الجرائم التي ارتكبت في أوروبا الحديثة. ووفقاً لوسائل الإعلام الإيطالية، من المتوقع أن يتم استجواب عدد من المشتبه بهم خلال الأسابيع المقبلة، في إطار اتهامات تتعلق بالقتل العمد بدوافع قاسية وحقيرة.