قال عدد من خبراء البترول والاقتصاد الذين تحدث إليهم "مصراوي" إن تراجع أسعار النفط عالميًا وتحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار قد يفتحان الباب أمام لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية لتثبيت الأسعار أو الحد من أي زيادات جديدة، لكنهم استبعدوا في الوقت نفسه حدوث خفض ملموس في أسعار البنزين والسولار خلال الاجتماع المقبل للجنة والمقرر انعقاده خلال الربع الأخير من العام الجاري. وأوضح الخبراء أن آلية التسعير في مصر تعتمد على مزيج من العوامل المحلية والعالمية، مثل متوسط أسعار النفط العالمية وسعر الصرف وتكاليف التشغيل والنقل والضرائب، ما يجعل تأثير انخفاض النفط أو تحسن الجنيه محدودًا نسبيًا على الأسعار النهائية للمستهلك. تأثير تحسن الجنيه وتراجع النفط محدود قال المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن تحسن سعر صرف الجنيه وتراجع أسعار النفط العالمية لهما تأثير محدود فقط على تكلفة إنتاج البنزين والسولار في السوق المحلية، موضحًا أن آلية التسعير تعتمد على مكونات متعددة وليس على سعر النفط وحده. وأوضح يوسف في تصريحات خاصة لمصراوي أن تكلفة البنزين في مصر تُحسب وفقًا لمصادر توريده المختلفة، فجزء منه مستورد بالكامل من الخارج، وجزء آخر يتم شراؤه من شركات استثمارية داخلية مثل ميدور والمصرية للتكرير ولكن بأسعار عالمية، مضيفًا أن هذه الأسعار لا تتضمن تكاليف النقل البحري (النوالين). وأشار إلى أن الهيئة أيضًا تشتري خامًا من الشريك الأجنبي بأسعار متوسطة خلال الأشهر السابقة، ويتم تكريره في المعامل المصرية لتحديد التكلفة النهائية للمنتج، موضحًا أن أكبر عنصر في تكلفة البنزين هو المكون المستورد، وبالتالي فإن تراجع النفط أو تحسن الجنيه يؤثر ولكن بشكل طفيف جدًا. وأكد يوسف أن رفع الدعم الكامل عن البنزين كما أعلن رئيس الوزراء سابقًا يعني أن الأسعار ستواصل الارتفاع تدريجيًا حتى تصل لمستوى التكلفة الحقيقي، مضيفًا أنه حتى مع تراجع أسعار النفط الحالية، فإن الحكومة ستكون مضطرة لتحريك الأسعار طالما الهدف هو الوصول إلى إلغاء الدعم بالكامل عن البنزين، بينما سيظل موقف السولار والبوتاجاز مختلفًا. التراجع الحالي قد يحد من الزيادة المحتملة وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن العوامل الحالية مثل تراجع أسعار النفط عالميًا وتحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار سيكون لها تأثير نسبي على قرار لجنة التسعير التلقائي خلال الاجتماع المقبل، إذ من المرجح أن تسهم في الحد من حجم الزيادة المحتملة في أسعار البنزين والسولار. وأوضح النحاس في تصريحات لمصراوي، أن الدولة تسير في اتجاه رفع الدعم تدريجيًا عن المنتجات البترولية للوصول إلى تسعير يعكس التكلفة الحقيقية، لكن مع مراعاة الظروف الاقتصادية الحالية، مشيرًا إلى أن التحسن في سعر الجنيه وتراجع النفط عاملان إيجابيان قد يدفعان الحكومة إلى الاكتفاء بزيادة محدودة أو حتى التثبيت النسبي للأسعار. وأضاف أن الحكومة تعمل في الوقت نفسه على تشجيع المواطنين على استخدام وسائل النقل الجماعي الحديثة التي ضخت فيها استثمارات ضخمة خلال السنوات الأخيرة، مثل المونوريل والقطار فائق السرعة ومترو الأنفاق، مؤكدًا أن هذه المشروعات تمثل البديل المستدام لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة وتخفيف الضغط على استهلاك الوقود. وأشار النحاس إلى أن مخصصات دعم الطاقة في الموازنة الجديدة محددة مسبقًا ولا يمكن زيادتها، ما يجعل الحكومة أكثر حرصًا على ضبط الأسعار وفقًا للمعادلة الاقتصادية القائمة دون تحميل الموازنة أعباء إضافية، مضيفًا أن العوامل الخارجية قد تمنح الحكومة مساحة للحركة، لكنها لن تغيّر الاتجاه العام نحو رفع الدعم التدريجي. تراجع النفط وتحسن الجنيه يدعمان التثبيت وقال الدكتور ثروت راغب، أستاذ هندسة البترول والطاقة، إن تراجع أسعار النفط عالميًا وتحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار من شأنهما أن يؤثرا بشكل مباشر على قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية خلال اجتماعها المقبل، مشيرًا إلى أن هذه العوامل قد تدفع اللجنة إلى تثبيت الأسعار أو الاكتفاء بزيادة طفيفة جدًا. وأوضح راغب أن لجنة التسعير ترتبط في قراراتها بالمتغيرات العالمية في سوق النفط، لأن سعر البرميل يُدرج في الموازنة العامة للدولة عادة في نطاق 60 إلى 70 دولارًا للبرميل، مضيفًا أنه إذا واصل النفط تراجعه عالميًا، فمن الطبيعي ألا تتجه اللجنة إلى رفع الأسعار محليًا، أما إذا شهد ارتفاعًا مجددًا فقد يتم تحريك الأسعار بشكل محدود. وأشار إلى أن وزير البترول والمهندس كريم بدوي أكدا في لقاءات سابقة أن الزيادة القادمة في أسعار الوقود قد تكون الأخيرة ضمن خطة الحكومة لتحرير الأسعار بالكامل بحلول نهاية عام 2025، تنفيذًا لتعهدات الدولة أمام صندوق النقد الدولي بخفض دعم الطاقة تدريجيًا. وتابع راغب لأنه حتى لو حدثت زيادة قريبة، فمن المرجح أن تكون طفيفة جدًا، لأن الحكومة تستهدف الوصول إلى تسعير حرّ يعكس التكلفة الحقيقية دون دعم، لكنها تراعي في الوقت نفسه التطورات الإيجابية مثل تحسن الجنيه وتراجع أسعار الخام عالميًا. ومن جانبه، قال الدكتور محمود فؤاد، الخبير الاقتصادي، إن انخفاض أسعار النفط وتحسن الجنيه لن ينعكسا بشكل واضح على أسعار الوقود خلال الفترة المقبلة، نظرًا لأن التسعير المحلي يتأثر أيضًا بعوامل أخرى مثل تكلفة التشغيل والنقل والضرائب.