يرى خبراء اقتصاد تحدث إليهم "مصراوي" أن وقف الحرب الإسرائيلية في غزة سيفتح الباب أمام عودة إيرادات قناة السويس إلى نشاطها المعتاد بشكل تدريجي حتى تعود الإيرادات إلى مستوياتها الطبيعية. وأظهرت بيانات البنك المركزي تراجع إيرادات قناة السويس من 8.8 مليار دولار عام 2023 إلى نحو 3.6 مليار في 2025، بسبب هجمات الحوثيين التي دفعت السفن لتجنب البحر الأحمر والمرور عبر رأس الرجاء الصالح. ومن المنتظر أن تعقد قمة شرم الشيخ للسلام يوم غد الاثنين، وسط توقعات بتوقيع قادة دوليين على اتفاق لوقف الحرب في غزة بوساطة أمريكية، بعد أكثر من عامين من الصراع المستمر. وتوقع مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء تعافي الإيرادات تدريجيا مع استقرار الأوضاع وبدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه مؤخراً. تحسن تدريجي خلال 3 أشهر قالت الدكتورة يُمن الحماقي، أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن وقف الحرب في غزة يمثل خطوة مهمة نحو استقرار الملاحة في قناة السويس، موضحة أن الهجمات الحوثية كانت مرتبطة بتصاعد الصراع، ومع توقف العمليات يتوقع أن تتراجع تلك التهديدات تدريجيا. وأضافت أن شركات التأمين العالمية تحتاج وقتا قصيرا لتطمئن إلى استقرار الأوضاع الأمنية قبل عودة المرور بمعدلاته الطبيعية. وأشارت إلى أن ارتفاع تكلفة التأمين أثناء الحرب دفع بعض الخطوط الملاحية إلى تغيير مسارها إلى رأس الرجاء الصالح لتقليل المخاطر. وأوضحت الحماقي أن عودة الأمور إلى طبيعتها لن تكون فورية، لكنها ستبدأ تدريجياً خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر بعد استقرار الوضع الأمني في البحر الأحمر، متوقعة أن تتحسن الإيرادات تباعاً مع مرور الوقت. ورغم تأكديها على أهمية قناة السويس للاقتصاد المصري، فإن يُمنى الحماقي أشارت إلى أن تنويع مصادر النقد الأجنبي يظل أكثر تأثيرا على المدى الطويل. وأضافت الحماقي أن إيرادات القناة في أفضل الأعوام لم تتجاوز 10 مليارات دولار، بينما وصلت تحويلات المصريين في الخارج إلى نحو 36 ملياراً، وهناك فرص ضخمة لزيادة عائدات السياحة إذا حُسن إدارتها وتسويقها. وأشارت إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر والتوسع في التصدير والسياحة العلاجية تمثل مجالات واعدة يمكن أن تضاعف العائدات الدولارية. وأكدت الحماقي أن قناة السويس تظل مهمة، لكنها ليست وحدها الركيزة الأساسية لاستقرار الاقتصاد المصري. العودة الكاملة من 3 إلى 6 أشهر من جانبه، يرى مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين، أن تراجع إيرادات قناة السويس خلال العامين الماضيين كان نتيجة مباشرة لتقلص عدد السفن العابرة بسبب الهجمات الحوثية في جنوبالبحر الأحمر، التي كانت مرتبطة بالحرب في غزة. وقال شفيع إن الهدوء السياسي الراهن سيعيد تدريجيا الخطوط الملاحية إلى القناة، موضحا أن هذا التأثير لن يظهر على الفور، بل سيحتاج إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر حتى تستقر الأوضاع وتُنفذ الاتفاقات السياسية على الأرض. وأضاف أن الانتعاش الكامل للإيرادات قد يتحقق بحلول منتصف عام 2026 أو بدايات 2027، لتعود القناة إلى مستوياتها السابقة قبل الهبوط الحاد الذي بلغ نحو 60%. وأشار إلى أن تكاليف الشحن العالمية وسلاسل الإمداد ستتحسن هي الأخرى مع استقرار الأوضاع في البحر الأحمر، ما ينعكس إيجابيا على ميزان المدفوعات المصري وعلى الاقتصاد العالمي ككل. الإيرادات والتضخم عالمياً وقال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، يرى أن وقف الحرب في غزة سيساعد في استعادة حركة الملاحة الدولية لتوازنها، خصوصاً في الممرات الحيوية مثل باب المندب وقناة السويس، بعد أن اضطرت العديد من السفن خلال الفترة الماضية لتغيير مسارها تجنباً للمخاطر. وأوضح أن عددا من السفن بدأ فعلا في العودة تدريجيا إلى المرور من قناة السويس، وهي خطوة أولى لاستعادة القناة حصتها من حركة التجارة العالمية. وأشار إلى أن إيرادات القناة تراجعت بما يقارب من 6 مليارات دولار مقارنة بعام الذروة الذي تجاوزت فيه 9 مليارات دولار. وأضاف الإدريسي أن تحسن حركة الملاحة سيؤدي إلى زيادة تدفقات النقد الأجنبي لمصر، إلى جانب آثار غير مباشرة على الاقتصاد العالمي، أهمها تراجع تكاليف الشحن والتأمين، وهو ما سينعكس على انخفاض أسعار السلع ومعدلات التضخم بالأسواق العالمية. وأضاف الإدريسي أن تراجع أسعار النفط إلى حدود 60 دولارا للبرميل بعد أن كانت قرب 74 دولارا، يعكس انخفاضا عاما في تكاليف النقل والطاقة، وهو تطور تستفيد منه الدول المستوردة مثل مصر. وأوضح أن تحسن الأوضاع في البحر الأحمر سيعزز ثقة المستثمرين في قطاعات النقل البحري والطاقة، خصوصا في ظل تحسن التصنيف الائتماني لمصر من"B-" إلى"B" وفق وكالة "ستاندرد آند بورز"، وهو ما يعكس تفاؤلا متزايدا تجاه الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة.