مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي دخول اتفاق وقف إطلاق النار بالمرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة، حيز التنفيذ ظهر اليوم الجمعة، بدأت أفواج النازحين بالعودة تدريجيا إلى القطاع عبر شارع الرشيد الساحلي، الذي فتح خصيصا لتسهيل عودتهم، وذلك بالتزامن مع انسحاب قوات الاحتلال إلى ما يعرف ب"الخط الأصفر"، ضمن بنود اتفاق السلام الذي تلعب مصر دورًا بارًا فيها، إذ استضافت مدينة شرم الشيخ المفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس. وسرعا ما طلب المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف من حركة حماس بالالتزام ببنود اتفاق خطة وتنفيذ عملية تحرير الأسرى الإسرائيليين، قائلا في تدوينة له على منصة إكس: "جيش الاحتلال أكمل المرحلة الأولى من الانسحاب، وبدأت مهلة تمتد ل72 ساعة لإطلاق سراح الأسرى، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة". ورغم تأكيد حماس على تسليمها للأسرى خلال الفترة المحددة وإصرارها على نجاح المرحلة الأولى من اتفاق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تتمسك بها من أجل إنهاء الحرب بشكل تام، إلا أن المرحلة الثانية من الاتفاق تواجه تحديات معقدة تتجاوز الإطار السياسي إلى العمق الأمني والميداني والتي تهدد عودة النازحين، خصوصًا في ظل غياب اتفاق واضح حول قضية تسليم سلاح المقاومة، وهي النقطة التي يرى الكاتب والمحلل السياسي عمرو حسين، أنها الأخطر وقد تحدد مصير أي تهدئة أو تسوية نهائية. "لن يقبل أي فلسطيني بتسليم السلاح وشعبنا أحوج ما يكون للسلاح والمقاومة"، هكذا رد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان على تسليم السلاح، رغم أن ترامب أعلن خلال لقائه بأعضاء إدارته في البيت الأبيض الخميس، أن المرحلة الثانية ستكون "نزع السلاح"، وذلك بعد توقيع كافة الأطراف في شرم الشيخ على المرحلة الأولى من الاتفاق. ويوضح حسين خلال تصريحات خاصة ل"مصراوي" أن الضمانات الدولية الفعلية لنجاح اتفاق السلام ما زالت محدودة الطابع، إذ تعتمد حتى اللحظة على آليات رقابية سياسية دون وجود قوة تنفيذية أو تفويض دولي ملزم، لافتًا إلى أن التجارب السابقة في مناطق النزاع تظهر أن غياب آليات الردع والمراقبة الميدانية الفعّالة يجعل من أي اتفاق هشّا وقابلا للانهيار في أي لحظة. ويعتقد حسين بأن التهديد الأكبر للسلام يتمثل في استمرار الخلاف حول ملف السلاح وإعادة الإعمار، مشيرًا إلى أن جدية الالتزام الإسرائيلي ترتبط بعوامل داخلية وضغوط دولية، وأن إسرائيل كثيرًا ما تتعامل مع الاتفاقات بمرونة تكتيكية وفق مصلحتها الأمنية، وليس من منطلق التزام استراتيجي طويل المدى. وعن احتمال تدخل قوة أممية للتصدي لإسرائيل في حال محاولتها إفشال اتفاق السلام، يقول حسين إن فشل تنفيذ الاتفاق قد يدفع المجتمع الدولي للتفكير في إرسال بعثة مراقبة أممية أو قوة محدودة التفويض، لكن احتمال تدخل قوة أممية قتالية للدفاع عن أهالي غزة يظل ضعيفًا للغاية، نظرًا لحساسية الموقف داخل مجلس الأمن وصعوبة الحصول على تفويض جماعي يسمح بنشر قوات ذات صلاحيات قتالية، مشيرًا إلى أن السيناريو الأقرب هو بعثات رقابية وإنسانية، وليس قوات مواجهة مباشرة. ويؤكد حسين أن الأطراف الإقليمية، وعلى رأسها مصر وقطر، تلعب دورًا محوريًا في ضمان تنفيذ الاتفاق ومتابعة بنوده على الأرض، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك خبرة ميدانية وقدرة على التواصل مع جميع الأطراف، بينما تمثل الدوحة قناة اتصال حيوية مع قيادة حماس، لكن رغم ذلك فإن يجب أن يتكامل مع مظلة دولية تشمل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لتأمين التزامات طويلة الأمد. وأكد أن الطريق إلى سلام حقيقي في غزة لن يُبنى على وعود أو تفاهمات مؤقتة، بل على آليات تنفيذية واضحة ومراقبة دولية صارمة على إسرائيل، وربط كل بند من بنود الاتفاق بمكافأة أو عقوبة محددة، فبدون ذلك تبقى كل التسويات حبرًا على ورق، ويظل السلام مؤجلًا إلى إشعار آخر.