مع بدء محادثات شرم الشيخ الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، بدا واضحًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يتجه نحو إنجاح المفاوضات بقدر ما يسعى إلى كبح تسارعها. ففي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أُبلغ بانتهاء المرحلة الأولى من المفاوضات هذا الأسبوع، خرجت تسريبات من مصدر مطلع تشير إلى أن التوصل إلى اتفاق سريع غير مرجّح على الإطلاق، في مؤشر إلى أن العقبات الأساسية مصدرها الجانب الإسرائيلي، وفقًا لما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية. ولفتت الصحيفة إلى أن المسؤول أوضح أن المحادثات "لن تكون قصيرة"، وأن الهدف هو اتفاق شامل يشمل كل التفاصيل قبل تطبيق وقف إطلاق النار، تجنبًا لتكرار إخفاقات الاتفاقات السابقة التي انهارت بسبب الغموض في مراحلها اللاحقة. وكان الرئيس الأمريكي قد أبدى تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق سريع، محذرًا من "إراقة الدماء" وداعيًا الأطراف إلى التحرك بسرعة، كان المشهد في القدس مختلفًا تمامًا، فوفقًا لما بثته القناة 14 الإسرائيلية، شهد مكتب رئيس الوزراء اجتماعًا متوترًا جمع نتنياهو بوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. وخلال اللقاء، طالب الوزيران بتوضيحات حول شروط الصفقة وضمانات استمرار العمليات العسكرية في غزة حتى بعد تنفيذ المرحلة الأولى. وتعهد نتنياهو لبن غفير بأن رموز المقاومة الفلسطينية في إشارة إلى مروان البرغوثي وأحمد سعدات لن يكونوا ضمن المفرج عنهم، مؤكدًا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيحتفظ بحرية العمل الكاملة في غزة حتى بعد تنفيذ الاتفاق. كما أبدى الوزيران شكوكًا حيال دور الوسطاء، محذرين من الاعتماد على ضمانات خارجية، لكن نتنياهو طمأنهم بأن إسرائيل "ستحصل على ضمانات وحرية مناورة كاملة"، من دون التزام واضح حيال أي تسوية سياسية أو إعادة إعمار. ويرى مراقبون أن نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد المفاوضات أكثر من إنجاحها، رغبةً في تحقيق توازن بين الضغوط الأمريكية المطالبة بوقف إطلاق النار ومطالب شركائه اليمينيين الذين يرفضون أي تنازل يُفسَّر ك"انتصار لحماس"، وفق ما أوردته القناة 14 العبرية. وتوضح القناة العبرية، أن التزام نتنياهو بعدم الإفراج عن قيادات فلسطينية بارزة، وإصراره على إبقاء الجيش في غزة حتى بعد تنفيذ المرحلة الأولى، يشيران إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول تفريغ مبادرة ترامب من مضمونها السياسي، وتحويلها إلى ترتيب أمني محدود لا يُنهي الحرب فعليًا. في المقابل، تؤكد مصادر فلسطينية لقناة "الحدث" أن حماس تُصر على إطلاق سراح 6 من كبار الأسرى، بينهم البرغوثي وسعدات، وعلى عودة النازحين إلى قطاع غزة ضمن الاتفاق، ما يزيد من حدة الخلاف حول المرحلة الأولى ويجعل من التوصل إلى صيغة نهائية أمرًا معقدًا. ورغم حديث ترامب على منصة "تروث سوشيال" عن "محادثات إيجابية للغاية" و"تقدم سريع"، فتقول القناة 14، إن المشهد على الأرض يشير إلى تباطؤ متعمد من قبل الحكومة الإسرائيلية، حيث إن نتنياهو، الذي يجد نفسه محاصرًا بين ضغط البيت الأبيض وحسابات اليمين المتطرف، يبدو غير مستعد للسير في اتفاق قد يُفهم داخليًا كتنازل، حتى لو كان ذلك على حساب إنهاء الحرب أو إنقاذ الأسرى. وحسب المعلومات التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، فقد وصل وفد حركة حماس إلى شرم الشيخ، والوفد الإسرائيلي، الذي يضم في تشكيلته نائب رئيس الشاباك، ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين غال هيرش، وعددًا من كبار ضباط الجيش والموساد، إلى جانب المستشار السياسي لنتنياهو أوفير فالك. ومن المقرر أن تبدأ الجلسات، مساء اليوم الإثنين، بحضور وسطاء من مصر وقطر، على أن ينضم لاحقًا جاريد كوشنر وستيف ويتكوف ممثلا الإدارة الأمريكية، قبل وصول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر لرئاسة الوفد عند تطور المفاوضات. ويقضي المقترح الأمريكي، الذي أعلن ترامب تفاصيله الأسبوع الماضي، بإطلاق سراح جميع أسرى حماس البالغ عددهم 48 مقابل الإفراج عن 250 سجينًا فلسطينيًا، وانسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.