وسط ترقب عالمي، يستعد الرئيس الصيني شي جين بينج لإقامة أكبر عرض عسكري تشهده بلاده غدًا الأربعاء، في خطوة يراها مراقبون ضمن مساعيه لإعادة تشكيل النظام الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة. ويشارك في المناسبة أكثر من 20 زعيمًا عالميًا لحضور احتفالات "يوم النصر"، إحياءً للذكرى ال80 لانتهاء الحرب العالمية الثانية. ومن المقرر أن يجتمع قادة الصين وروسيا وكوريا الشمالية في بكين لأول مرة، ويراقب المحللون ما إذا كانت الدول الثلاث قد تشير إلى علاقات دفاعية أوثق في أعقاب تحالفاتها الاستراتيجية، أم أن اجتماع شي وبوتين وكيم هدفه توجيه رسالات معينة إلى الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية. رسالة مهمة لأمريكا يقول عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، الدكتور مهدي عفيفي، إن حديث القادة في قمة شنجهاي للتعاون التي استضافتها الصين، كان موجهًا في المقام الأول ضد الولاياتالمتحدة ومن ثم حلفائها الغربيين. ويشير عفيفي في حديثه ل"مصراوي" إلى أن القادة خلال الاجتماع تعمدوا إظهار قوة العلاقات بينهم عبر الاستقبال الدافئ وتبادل الابتسامات، في رسالة موجهة إلى واشنطن والغرب من خلفها، مفادها أن الولاياتالمتحدة لا تستطيع ممارسة الضغط على كل هذه الدول مجتمعة. ويضيف أن القادة أيضًا أرادوا التأكيد على أن لديهم مفاتيح قادرة على التأثير سلبًا في الاقتصاد الأمريكي والتجارة العالمية، وأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام السياسات الأمريكية الفردية التي تضر بالاقتصاد العالمي. ويوضح عفيفي، أن من بين السياسات التي قد تلجأ إليها هذه الدول، الاستغناء عن الدولار الأمريكي، وهو أمر بالغ الخطورة، إذ قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأمريكي، خاصة وأن حجم التبادل التجاري بين دول المجموعة مع بعضها يفوق تعاونها التجاري مع الولاياتالمتحدة بشكل منفرد، حيث يبقى الخاسر الأول هو المواطن والاقتصاد الأمريكي. لكنه يشير إلى أنه في المقابل، تحاول الولاياتالمتحدة تجاوز مسألة الدولار من خلال تحويل المعاملات إلى العملات الإلكترونية مثل البيتكوين، بما يتيح لها الهيمنة مجددًا على الاقتصاد العالمي، في وقت تتبنى فيه بعض البنوك الكبرى هذه العملات، وتحذر الدول من الانسياق وراءها. إقامة نظام عالمي جديد يقول الدكتور مهدي عفيفي، إنه نتيجة للتحركات الأمريكية في بحر الصين الجنوبي ومساندتها تايوان ودعم استقلالها عن الصين، التي ترفض ذلك بشكل قاطع، تعمل بكين بهدوء على إعادة رسم خريطة العالم عبر التحالف مع دول كبرى تتبنى نفس سياساتها، في إطار نظام عالمي متعدد الأقطاب. وخلال افتتاح قمة منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين بشمال الصين أول أمس الأحد، قدّم الرئيسان الصيني شي جين بينج والروسي فلاديمير بوتين، رؤية مشتركة تقوم على "بناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب". وشدد الرئيس الصيني على أهمية "تعزيز منظور تاريخي للحرب العالمية الثانية، ورفض عقلية الحرب الباردة، ومواجهة سياسات الكتل والترهيب" التي تنتهجها بعض الدول، في إشارة واضحة إلى الولاياتالمتحدة. كما دعا إلى ضرورة ترسيخ تعددية أقطاب متكافئة ومنظمة، وتعزيز العولمة الاقتصادية الشاملة، وبناء نظام حوكمة عالمي أكثر عدلًا وإنصافًا. أما الرئيس الروسي، فأكد أن القمة أعادت إحياء "التعددية الحقيقية"، مشيرًا إلى تزايد الاعتماد على العملات الوطنية في التسويات المتبادلة بين الدول الأعضاء. قلق أمريكي يقول عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، إن القمة أثارت قلقًا أمريكيًا وغربيًا من تزايد عدد الدول التي تقترب الدول الراغبة في الاستغناء عن الدولار، أبرزها الصين وروسيا، والخروج من المنظومة المالية العالمية التي تتحكم فيها الولاياتالمتحدة. ويضيف عفيفي، أنه ومع ذلك، لا يزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مُصرًا على المضي قدمًا في سياساته التي قد تُقوّض التجارة العالمية من خلال فرض الرسوم الجمركية، حتى بعد أن قضت محكمة جزئية بعدم قانونية معظم هذه الرسوم على دول العالم باعتبارها ليست من صلاحيات الرئيس الأمريكي. ويذكر أن البيت الأبيض استأنف الحكم أمام المحكمة الدستورية العليا، وسط مخاوف من أن يؤدي رفض هذه الرسوم إلى حالة من التخبط في أسعار السلع داخل الولاياتالمتحدة.