تحولت لحظات الغروب الهادئة على ضفاف نهر النيل بقرية نزلة عطية التابعة للعقال البحري بمركز البداري في محافظة أسيوط، إلى مشهد مأساوي لن تنساه القرية، بعد أن ابتلعت مياهه ثلاث شقيقات صغيرات كن يلهون ببراءة قرب شاطئه. في مساء الأربعاء، خرجت الشقيقات آية، إسراء، وأسماء، كعادتهن اليومية، لمساعدة والدهن في حصاد محصول "الجراو" بأرضهم الزراعية. كانت الضحكات البريئة تملأ الأجواء، والبهجة تسبق خطواتهن الصغيرة نحو النهر، حيث اعتدن اللعب وغسل أيديهن من طين الحقل بعد يوم عمل شاق. وبحسب روايات الأهالي ل"مصراوي"، اقتربت الفتيات من حافة النهر، وبدأن في ملامسة المياه، فجأة، انزلقت قدم إسراء في عمق النهر، وفي لحظة تتوقف فيها الأنفاس، حاولت آية إنقاذ شقيقتها، لتلحق بهما أسماء بدافع الخوف والحب الأبوي الذي لا يعرف حدًا، في غضون ثوانٍ معدودة، اختفت الأجساد الصغيرة تحت سطح الماء، بينما ترددت صرخات الأهالي المرعوبة في سكون القرية. هرعت فرق الإنقاذ النهري إلى موقع الحادث، وبدأت عمليات البحث المضنية التي استمرت لساعات طويلة، وسط حالة من الحزن والذهول التي خيمت على قلوب سكان القرية. لليوم الثالث على التوالي، لا يزال أهالي قرية نزلة عطية يواصلون وقوفهم على ضفاف نهر النيل، يترقبون بقلوب مكلومة جهود فرق الإنقاذ النهري في البحث عن جثمان الطفلة الثالثة المفقودة. الصمت الثقيل يخيم على المكان، وتتجمع العائلات يوميًا عند موقع الحادث، تتشبث بأي أمل في العثور على الجثمان المفقود، بينما تملأ أعين الأطفال نظرات الذهول، وهم يسترجعون ضحكات صديقاتهم: آية، إسراء، وأسماء، التي كانت تملأ المكان بالحياة والبراءة. "كيف ابتلع النهر أصدقاءنا؟"، سؤال يتردد في أذهان الصغار، الذين لم يستوعبوا بعد كيف تحولت لحظة لهو بريئة إلى فاجعة أليمة. وقال أيمن محمد حسن، والد الضحايا "آية، إسراء، وأسماء"، ل"مصراوي"، إن الفتيات كن يساعدنه يوميًا في حصاد محصول الجراو بأرضه الزراعية، وفي يوم الحادث خارج المنزل بينما تولت الفتيات مهمة الحصاد بمفردهن؛ مشيرًا إلى عند اقتراب غروب الشمس، توجهن إلى ضفاف النيل لغسل أيديهن وأرجلهن من الطين، فانزلقت قدم إسراء وسقطت في المياه، فحاولت آية إنقاذها، ثم لحقت بهن أسماء بدافع الحب والخوف، لكن للأسف، جرفتهن المياه جميعًا". وأضاف الأب "أن الحادث ليس الأول من نوعه في هذا الموقع، مشيرًا إلى أن حالات الغرق تتكرر سنويًا في نفس التوقيت والمكان، ما دفعه للاعتقاد بوجود قوة غامضة "جن" تسكن المنطقة"، مضيفا : "كل سنة بيغرق فيها 2 أو 3 أشخاص، بيقولوا إن فيها جن". وتواصل قوات الإنقاذ جهودها لانتشال الجثة الثالثة، بعد أن تمكنت من العثور على اثنتين من الضحايا حتى الآن، في حين لا تزال آمال الأهالي معلقة بعودة الطفلة الأخيرة، ولو جثة، لتكتمل مراسم الوداع وتجد الأسر المكلومة بعض الراحة. اقرأ أيضًا: بعد 48 ساعة.. انتشال جثة ثانية للشقيقات الغارقات في نيل أسيوط (صور) "فيها جن"... والد أطفال أسيوط يكشف سرًا غامضًا عن موقع غرق بناته الثلاث بالنيل -فيديو بعد 20 ساعة.. انتشال جثة إحدى الشقيقات الثلاث من نيل أسيوط (فيديو وصور)