جامعة بنها تشارك في ملتقى الصحة العالمي بالمملكة العربية السعودية    محافظ الغربية يتفقد محور محلة منوف.. ويشيد بمستشفى طنطا العام الجديد    من أرض الفراعنة إلى سماء العالم.. مطار سفنكس الدولي يغير خريطة السياحة في مصر    الحكمة.. والاتزان فى التحرك المصرى    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب بحر باندا بإندونيسيا    شركة الأهلي لكرة القدم توقع اتفاقية تعاون لإطلاق منصة تعليمية رقمية تحمل اسم النادي    تعرف على تشكيل مباراة بروسيا دورتموند ضد فرانكفورت بكأس ألمانيا    اعترافات مرعبة فى جريمة مقتل تلميذ الإسماعيلية .. المتهم قطع زميله بصاروخ كهربائي ل 6 أجزاء وطهى قطعة وأكلها    صندوق دعم الإعلام المصرى.. كيف؟    حلمك يا سى ناصر !    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة.. فيديو    رئيس المؤسسة العلاجية يتفقد مستشفى هليوبوليس لدراسة إنشاء بنك دم تجميعي    محافظ كفر الشيخ: أسواق اليوم الواحد تضمن وصول السلع للموطنين بأسعار مناسبة    فوز التأمين وحلوان والقناطر الخيرية وتعادل النصر بالقسم الثاني    «صحح مفاهيمك».. أوقاف كفر الشيخ تنظّم فاعليات توعوية بالمدارس    وكيل تعليم أسيوط يفاجئ 3 مدارس ويكرم مديرة "الفتح الإعدادية" لتميزها في الأداء    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    مشاركة الخطيب منتدى مبادرة الاستثمار في السعودية    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    جوارديولا: مرموش تجاوز فترة صعبة.. وأحتاج منه شيئا واحدا    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    طرح أغنية كلكوا فلة ل بوسى والعسيلى من فيلم السادة الأفاضل    "المنشاوي" يشهد افتتاح فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثامن لجمعية أسيوط للصدر    وزير الرياضة يُهنئ النوساني بعد فوزه على اللاعب الإسرائيلي في بطولة كندا للإسكواش    السياحة: استعدادات مكثفة داخل المتحف المصرى الكبير تمهيدا للافتتاح المرتقب    إسلام عباس يكشف عن تمثال شخصية الملك لير ويؤكد: نال إعجاب يحيى الفخرانى    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    وجبة الإفطار مرآة جسمك.. ما لا يخبرك به فقدان الشهية الصباحية عن حالتك الهرمونية والنفسية    مجلس الوزراء يعلن بدء العمل بالتوقيت الشتوي اعتبارا من الجمعة المقبل    بعد تسريب بيانات 183 مليون حساب.. تحذير عاجل من الهيئة القومية للأمن السيبراني لمستخدمي Gmail    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    «تعمير» تعلن عن شراكة استراتيجية مع «The GrEEK Campus» بمشروع «URBAN BUSINESS LANE»    ماليزيا تعلن استعدادها للانضمام إلى "بريكس" فور قبولها    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    الداخلية تعلن البدء فى إجراء قرعة الحج بعدد من مديريات الأمن بالمحافظات    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    طارق قنديل: ميزانية الأهلي تعبر عن قوة المؤسسة.. وسيتم إنشاء فرعين خارج القاهرة    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    بعد خسائر 130 دولارًا| ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" القصة مش فلوس".. حكاية "محمود العربي" الذي بدأ التجارة طفلاً (بروفايل)
نشر في مصراوي يوم 10 - 09 - 2021

في 1942، حطّت أقدام محمود العربي في منطقة الحسين، طفلاً يافعاً لا يحمل في جعبته سوى شهادة الكتاب، وناظراً إلى آمال قد تهديها له قاهرة المعز، التي لا تعطي بلا مقابل.
كان العربي، صاحب العشرة أعوام، قادماً من منطقة ريفية فقيرة في قرية أبو رقبة بمحافظة المنوفية ولد بها عام 1932، ليعمل بائعاً في محل أدوات منزلية.
لم يكن والد العربي، رجلا مرفهاً، فيحكي عنه "كان والدي فقيراً لا يمتلك الأراضي لكن يزرعها مستأجراً، ألحقني بالكتاب وأنا في عمر 3 سنوات، حفظت القرآن الكريم، وعرفت الفرق بين الحلال والحرام، وسرت بهذه التعاليم للنهاية".
كان محمود، يمارس ذلك منذ كان في الخامسة من عمره على أقل تقدير، يستقدم بضائع القاهرة إلى بلده بمساعدة أخيه غير الشقيق، في موسم الأعياد، ويستعد كل مرة إلى الموسم المقبل، فيتاجر بأصل المبلغ وأرباحه.
في لقاء تليفزيوني ببرنامج العاشرة مساء، مع الإعلامية منى الشاذلي، قبل سنوات، يحكي الحاج محمود العربي، عن طفولته وفرصته الأولى ليكون تاجراً، قائلا :"أنا أُحب الناس، أعرف أن الناس لها حقوق عندي، عملت في محل وكان عملائي في هذا الوقت طلاب المدارس، الناس تشتري فقط وأنا موجود، فقرر صاحب المحل تركه لي للحفاظ على مكسبه، وكنت أتقاضى 120 قرشاً شهرياً، وبعد 7 سنوات وصل أجري إلى 3.20 جنيه".
لم ينضب طموح العربي، وأراد أن يعمل في تجارة الجملة، وبدأ في محل براتبٍ 4 جنيهات، ولم يكن للعربي أن يلتحق بالخدمة العسكرية، لأن مواليد سنة 1932 لم يكن لهم جيش، لكنه أصبح الوحيد من بين أقرانه الذي أدى خدمته، لمدة 3 سنوات قضاها مجنداً.
أنهى خدمته في أغسطس 1957، وعاد محمود شاباً يستكمل عمله في محل تجارة الجملة، تزوج وأنجب 6 أبناء، لتصل مدة عمله تاجراً للجملة إلى 15 عاماً، حتى وصل راتبه 27 جنيهاً في عام 1963، وحينها قرر أنها خطوة اكتملت.
اتجه العربي، لشراكة مع ممول لافتتاح محل خاص بالموسكي، وبدأ برأسمال 4 آلاف جنيه، مقابل 50% من الإيرادات للشريك، واشترى بضائع بالآجل، مستفيداً بعلاقاته الطيبة مع التجار، واعتمد سياسة زيادة المبيعات بهامش ربح منخفض.
بعد سنوات الجيش وما يمكن تعلمه من العمل والحياة، استجمع العربي قوته، فتح شركة خاصة مع عائلته وأخوته، تاجر في الأدوات المكتبية، وأصبحت شركته متفردة، لكن قرار الحكومة بوقف تجارة الجملة وتسليم الطلاب أدواتهم مباشرة أوقفت عملهم مع المصانع.
"حصص إخواتي في الشركة كانت وفق الشرع، الثلاثة رجال مثل بعض، والبنات مثل بعض بنصف حصة الرجال، لم نفكر أن نستبعدهم بسبب أزواجهم، أحنا آمنّا الأزواج على حتة مننا" وفقاً لما قاله.
اضطرت الشركة إلى التجارة في ما يتم عرضه في السوق من البضائع القادمة من ليبيا ولبنان، كانت بينها تلفزيونات ومع الوقت أصبحت الأدوات الكهربائية هي تجارته الرابحة التي واصل عمله فيها، وخدمه الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، لبناء إمبراطوريته.
بعد عام من التعامل مع تجار يابانيين، جاءت زيارة العربي لليابان في 1975، نقطة تحول وانطلاقة العربي، فاليابان التي كانت رائدة في الصناعة، فتحت للعربي طريقاً لنشاط توكيلات الأجهزة المنزلية، وباتت التجارة أكبر وأشمل، ثم دخل الصناعة ليخدم التجارة.
لكن العربي لم يكتف بكونه تاجراً، فأحب أن يكون طرفاً في القصة، وافتتح أول مصنع له في المنوفية، ليصبح واحداً من الذين غيروا ثقافة البيع بالوكالة في مصر، وصعدت على أكتافه علامات تجارية عالمية لم تكن لتحظى بمثل هذا في مصر لولاه.
يقول العربي "عندما رأيت مصانع اليابان شعرت إني لا أستحق ما آكله، وقلت لماذا لا نفتح مصنعاً في مصر، وعدت مقتنعا بالفكرة، واشتريت 3 أفدنة في بنها، وبنيتها، وتوصلنا في آخر السبعينات بعقد 40% تصنيع محلي لمراوح توشيبا، ثم الشفاطات والمسجلات ثم التلفزيونات".
يرى العربي، أن البرلمان والسياسة مضيعة للوقت، مقارنة بمكسب تجارته ومصنعه، كما يؤمن ب"عتبة الخير" فاحتفظ بأول محل فتحه في الموسكي، فيما يتمسك بأنه لا تجارة مع إسرائيل.
يقول العربي "إسرائيل تذبح أبنائي كيف يمكن لواحدٍ منهم أن يقابلني ليتحدث عن تجارة وصفقات.. لن أقدم على ذلك إلا في حال وجود دولة فلسطينية، أنا لا أحب إسرائيل".
لم يحب العربي توصيف نفسه كرجل أعمال ويراها مسمى ترفيهي، لكنه يفضل لقب "تاجر" وهي مهنة الأنبياء، كما يرى أن التجارة منافسة، وأن "التاجر اللي ميخسرش عمره ما يكسب، العرض والطلب هو سيد الموقف، طالما مفيش احتكار يبقى أخدم الزبون أكثر وأجيب بضاعة أحسن".
يقدم العربي، حقوق الدولة على نفسه، ويرى "أموال الحكومة والضرائب والجمارك هي بالأساس أموال الناس"، كما يرى أن موضع الأموال لا يجب أن يكون القلب "اللهم أجعلها في يدي وليس في قلبي، المادة إذا دخلت القلب أصبحتُ عبداً للفلوس والفلوس هي اللي تسيّرك".
كان يأمل العربي، أن يعمل معه كل عام ألف موظف جديد، فيقول "بدأ العمل معي شخص واحد وتمنيت حينها أن يكون معانا 10.. في عام 2000 كان وصل عدد العاملين معي ألفي عامل، دول معانا لا أقول أن أحد يعمل عندي، لأن الحقيقة أنه يعمل معنا ونعمل معه، ونزيد كل سنة ألف شخص، كل ما نوسع في العمالة ربنا بيكرمنا، القصة مش فلوس".
ولأن القصة ليست أموالاً، كان رحيل "العربي" بعد نحو 80 عامًا من الكفاح، في شوارع المحروسة، محملاً بالدعوات، ليرافقه إلى مثواه الأخير في مقابر العائلة بالمنوفية، بعدما فارق الحياة في 9 سبتمبر 2021، عن عمر ناهز ال 89 عامًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.