مساء الاثنين الماضي، جذبت «بسمة هاني بشاي» اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بموقفها تجاه متحرش، كان يلتقط لها صورا دون علمها، صار يعرف باسم «متحرش المطار» وانتهى أمره بالحبس. في خلفية ذلك المشهد، مشهد آخر قديم يعود إلى 10 سنوات، حين تعرضت الشابة أثناء عملها في منطقة شعبية لتحرش، سرعان ما لاذ صاحبه بالفرار، ولم تستطع أن تتخذ موقفا، أو أن تنبس ببنت شفة، ليكون ذلك الموقف محركا لها على مدار سنوات، للتصدي بقوة لأي متحرش يتعرض لها. كانت بسمة عائدة من بيروت إلى القاهرة، بصحبة زوجها وصديقتها وزوجها، وأثناء انتظار حقائبها، أخبرتها صديقتها أن شخصا ما يصورها، دون أن تستوعب الأمر، وحين اختفى رفاقها من أمامها، لملاحقة ذلك الشخص، ظلت في مكانها تنتظر الحقائب، حتى وجدت تجمعا كبيرا والتفاف الناس حول الذين كانوا معها، ليصل مندوب لها لحراسة الحقائب، وتتجه هي إلى الآخرين، لتصدم بالأمر: «لما صاحبتي لاحظت تصرفه، هو هرب من قدامها لكنهم مشيوا وراه وأنا مش فاهمة في إيه بيحصل، لحد ما شفت الصورة» تحكي ذات ال29 عاما، والتي نشرت مقطعي فيديو توضح فيه ما حدث معها، حازا على ملايين المشاهدات وآلاف من التفاعل والمشاركات. ما دفع بسمة لنشر الفيديوهين، ما وجدته من قصور وبطئ في الإجراءات، كانت صورتها تتداول بين نحو 12 رجلا بأحد المكاتب، فيما كان الهاتف المحمول للمتهم بالتحرش يضم صورا أخرى مشابهة لأخريات: «عملت الفيديو في أكتر لحظة ضعف، صورتي بتتباصى من واحد للتاني، ومحدش خد إجراء، وناس قالتلي روحي فقلت لازم أعمل الفيديو عشان الدنيا تتحرك». كانت تلك الأحداث تدور في الساعة التاسعة ونصف من مساء الاثنين الماضي، وبعد انتشار الفيديوهات تغير كل شيء، ببدء تحقيق مع ذلك الشخص داخل المطار. لم تشعر الشابة، خريجة كلية الآداب بالجامعة الأمريكية، بأي انتصار في تلك اللحظات، لكنها حين استشعرت أن التحقيقات جادة، ودون المحضر في نحو 15 صفحة، ذكرت فيها أدق التفاصيل التي حدثت معها، ووضع الأصفاد في يد المتهم بالتحرش، شعرت ببعض الانتصار: «في الأول كانت الناس واخدة صفه، لكن لما حصل التحقيق على الساعة 11 كده ولقيت المحقق مهتم بكل تفصيله حسيت إنه الوضع مختلف». تعمل بسمة في مجالي الزيوت والبترول، رفقة والدها، ولديها مدونة تكتب فيها تفاصيلها اليومية، ولذلك كان اختيارها لنشر ما حدث معها على موقع انستجرام سريعا ودون تردد: «وفي الفيديو الأول كنت منهارة جدا، وحسيت إني مقلتش كل حاجة صح، فعملت فيديو تاني وضحت فيه تفاصيل أكتر». تحكي بسمة التي استعارت من زوجها «البروفل» الذي كان معه، لشعورها بأن حيائها قد خدش، وأنها تحتاج إلى تغطية جسدها: «مع إني أصلا لابسة كويس جدا، بنطلون جينز وتي شيرت، لكن حسيت إني اتعريت في نظر الراجل ده فكنت متضايقة جدا». شعور تقول عنه الشابة إنه «قاتل لأي امرأة». تتابع الشابة تفاصيل محضر التحرش، في نيابة النزهة، وعرفت بخبر إيقاف العامل، وسحب تصريحه الجمركي، لحين الانتهاء من التحقيقات معه، كما أفادت الصفحة الرسمية لشركة ميناء القاهرة الجوي، على حسابها بموقع فيسبوك. وتعرف بشأن الحبس الذي تعرض له ذلك العامل لأربعة أيام على ذمة التحقيقات لاتهامه بالتحرش براكبة وتصويرها دون علمها. تشعر بأن ذلك انتصارا لها، على الرغم من الأذى الذي قد يلحق به: «مش بيسعدني أبدا إنه شخص اتأذى، أو إن عياله يشوفوه في موقف وحش، لكن الانتصار في إن الدولة واقفة في ضهري وضهر المرأة، وصوتنا مسموع». ثمة أشخاص تدين لهم بسمة بالفضل في موقفها، وإصرارها على أخذ حقها بشكل كامل، فترى في صنع زوجها الحكمة البالغة، كونه لم يسب المتحرش أو يضربه: «كان متمالك نفسه كده رغم انفعاله، دي حاجة أنا فخورة بيها». وتحكي عن أسرتها أنها كانت داعمة لها منذ صغرها على البوح بأية مشكلة تتعرض لها، وألا تخش أحدا طالما أن الحق كان معها: «بابا وماما وطريقة تربيتهم لي، السبب إني مسبش حقي أبدا». وتنصح الشابة كافة الفتيات اللائي يتعرضن لتحرش ألا يسكتن أبدا وأن يبحثن عن كل الوسائل لأخذ حقهن، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي.