كسب النجم التلفزيوني السابق الوسطي يائير لابيد مصداقية متزايدة منذ بداياته في السياسة، إلى أن أصبح الخصم الرئيسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واختاره الرئيس الإسرائيلي الأربعاء لتشكيل الحكومة المقبلة. حين اعتزل الصحفي السابق العمل في التلفزيون عام 2012 لتأسيس حزبه "يش عتيد" (هناك مستقبل)، اتهمه منتقدوه باستغلال شعبيته كمقدم برامج ناجح لكسب تأييد الطبقة الوسطى. وبعد حوالى عشر سنوات، يواصل يائير لابيد مسيرته السياسية، إذ كلفه رؤوفين رييفلين الأربعاء بتشكيل الحكومة المقبلة بعدما أخفق نتنياهو في المهمة. وبعد حلول حزبه الوسطي في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية في 23 مارس حاصدًا 17 مقعدًا نيابيًا، حدد لابيد لنفسه هدفًا معلنًا هو طرد رئيس الوزراء الأطول عهدا في تاريخ إسرائيل من منصبه بعدما وجهت إليه التهمة في قضية فساد. وخاض لابيد الانتخابات التشريعية السابقة في مارس 2020، ضمن الائتلاف الوسطي "أزرق أبيض" بزعامة الجنرال بيني جانتس، غير أنه انسحب منه بعد إبرام جانتس اتفاقا مع حكومة نتانياهو. وتراجع التأييد لجانتس فيما أصبح لابيد زعيم المعارضة. وروى لابيد لوكالة فرانس برس قبل بضعة أشهر "قلت لبيني جانتس، سبق وعملت مع نتنياهو هو لن يدعك تمسك بالمقود". وتابع لابيد الذي تولى وزارة المالية في إحدى حكومات نتانياهو بين 2013 و2014 "قال لي جانتس، إننا نثق به، لقد تغير. فأجبته الرجل عمره 71 عاما، لن يتغير. وللأسف من أجل البلاد، كنت على حق". صحافة وروايات بوليسية ولد لابيد في نوفمبر 1963 في تل أبيب حيث يتركز الدعم له، وكان والده تومي لابيد صحفيًا ووزيرًا للعدل. أما والدته شولاميت، فهي كاتبة روايات بوليسية شهيرة في إسرائيل أصدرت سلسلة تحقيقات بطلتها صحافية. بدأ يائير لابيد العمل في صحيفة معاريف، وبعدها في صحيفة يديعوت أحرونوت الأوسع انتشارا بين الصحف الإسرائيلية، ما سمح له أن يصبح اسمه معروفا في إسرائيل. وبموازاة ذلك، واصل نشاطات متفرقة فكان يمارس الملاكمة كهاو ويتدرب على الفنون القتالية، كما كتب روايات بوليسية ومسلسلات تلفزيونية، وألف وأدى أغنيات، ولعب حتى أدوارا في أفلام. لكن التلفزيون هو الذي سمح له بفرض نفسه نموذجا للإسرائيلي العادي. وحقق برنامجه التلفزيوني الحواري في سنوات الألفين أكبر جمهور. وتمكن لابيد الذي يقدم نفسه على أنه وطني وليبرالي وعلماني، من رص صفوف الوسط، فيما يلقى تنديدا في أوساط اليهود المتشددين. "تواضع" وكتب الصحافي يوفال كارني في يديعوت أحرونوت قبل الانتخابات "إنه يمتنع عن أي تمجيد للذات وهو الأقل مطابقة لمواصفات المرشح، من بين جميع المرشحين لمنصب رئيس الوزراء"، مشيرا إلى أن الإسرائيليين "يقدرون" تواضعه. وحين تظاهر آلاف الإسرائيليين كل أسبوع ضد نتانياهو أمام مقره الرسمي في شارع بلفور في القدس وفي مواقع أخرى من إسرائيل، بقي يائير لابيد بعيدا عن الأضواء. وقال في ذلك الحين "شعرت بأن ثمة مشكلة إن تظاهرت كزعيم للمعارضة أمام مقر رئيس الوزراء". وأكد أنه لا يسعى إلى المنصب، بل يريد التحالف مع أحزاب أخرى بهدف إزاحة "الملك نتنياهو" عن عرشه. وبعد الانتخابات الأخيرة، كان قد عرض على زعيم اليمين المتطرف نفتالي بينيت تقاسما للسلطة يقوم على التناوب، غير أن عرضه قوبل بالرفض. وواصل لابيد الدعوة إلى "إزالة الحواجز التي تقسم المجتمع الإسرائيلي" من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية "مستقرة".