حكايات التعب والشفاء.. في كتاب طبيب يقدم "روشتة علاج" للصحة النفسية

ربما يعاني فردًا من كل أربعة أفراد يعيشون حولنا من اضطراب نفسي، وهذا الإنسان قد يكون من أفراد أسرتك أو جيرانك أو زميلك في العمل أو الجامعة، وفقًا لما أكده دكتور نبيل القط استشاري الأمراض النفسية في كتابه "حكايات التعب والشفاء"، أى أن مئة مليون إنسان في العالم العربي وعشرين مليونًا في المجتمع المصري يعانون من اضطراب نفسي ما، ونصف هؤلاء تقريبًا يعانون من الاكتئاب وغالبهم لا يتلقى الرعاية النفسية المتخصصة، لذلك قدم القط كتابه كدليل لمن يعانون من اضطرابات نفسية ولمن لا يعانون منها لمساعدة غيرهم.
أصدر الطبيب نبيل القط كتابه "حكايات التعب والشفاء" في عام 2020 عن مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات في 336 صفحة، مُقسم إلى أربعة فصول، تحدث خلالها عن ماهية الاضطرابات النفسية وأعراضها، كما قدم توجيهات للأهل والأصدقاء لكيفية التعامل مع تلك الاضطرابات وتخطيها ببساطة وأمان.
كان "سامح" زميل القط في في كلية طب المنصورة هو من دله على طريق الطب النفسي، والذى أهدى الكتاب إليه؛ حيث تبدلت أحوال سامح من شخص محبوب ومتفوق إلى شخص يتصرف بعدوانية ويصرخ في المدرج، يأتي الكلية بملابس متسخة ويتراجع في دراسته، وبعد محاولات كثيرة من د. نبيل لاصطحابه إلى طبيب نفسي استجاب ولكنه لم يلتزم بالدواء واستمرت حالته في التأرجح بين الانتظام والانتكاس حتى وجد ميتًا في سكن الأطباء بأحد المستشفيات في المنصورة بعد عدة محاولات للانتحار.
"كيف يعمل العقل البشري؟".. هذا ما شرحه الطبيب النفسي في الفصل الأول "مدخل الى الاضطرابات النفسية " مع تعريفه بالخلل الذي يصيب العقل ويؤدي إلى أنواع محددة من الاضطرابات النفسية؛ ووصف وظائف المخ وعلاقتها بالتفكير والمشاعر والسلوك، وإلى أي مدى تؤثر الاضطرابات النفسية في المجتمع ككل، كما يهتم الفصل بتوضيح كيفية التعرف على الاضطرابات النفسية من خلال عدد من الأعراض كالمظهر العام والأعراض السلوكية والأعراض الجسدية وغيرها.
قسّم القط الاضطرابات النفسية وأنواعها المختلفة في الفصل الثاني "دليل الاضطرابات النفسية"، واعتمد طريقة التقييم الامريكية الواردة في الدليل الامريكي الخامس لتشخيص الامراض النفسية وكان ابرزها؛ الاضطرابات النفسية في الطفولة والمراهقة حيث يعانى الأطفال من الاضطرابات النفسية مثل الكبار ولكنهم يعبرون عن معاناتهم بطريقة صعبة الفهم.
أوضح القط في تقسيمه للاضطرابات النفسية أن "الذهان" هو اضطراب نفسي شديد يعاني الشخص المصاب به من اضطراب وخلل في الوظائف النفسية الرئيسية مثل الادراك الحسي والتفكير الواقعي والمنطقي، أما عن اضطراب "الوساوس والسلوكيات القهرية"، فأشار إلى انه طريقة لا إرادية في التفكير والسلوك تحاكي سيناريوهات مستقبلية لتجنب خطر قادم وذلك دون التعرض لمخاطر واقعية.
"مزاج البشر" يتغير على نحو مستمر ويختلف عبر الفصول كما تتغير الطبيعة وفصولها، ولكن أوضح الطبيب في كتابه أنه عندما تزداد تلك التغيرات المزاجية في الشدة وتستمر لفترات طويلة لدرجة تضغط علينا وتؤثر سلبًا في حياتنا تعتبر "اضطراب وجداني" بما يؤثر على حياة الإنسان الفكرية والسلوكية، وهي ثاني أكثر الاضطرابات النفسية انتشارا وقابلية للعلاج بعد "اضطرابات القلق"؛ والتي يعاني منها أكثر من 18% من البشر، وهي أكثر الاضطرابات النفسية قابلية للعلاج.
"الاضطرابات الجنسية" كانت ضمن تصنيفات الاضطراب النفسي، والتي قسمها القط إلى ثلاث أنواع، النوع الأول هو الخلل في الوظيفة الجنسية والتي يترتب عليها صعوبة في الحصول على المتعة الكافية من النشاط الجنسي الطبيعي، والنوع الثاني هو الإنزعاج من الجندر والذي يحدث عندما تتعارض الهوية المفترضة للشخص كونه (ذكر أو انثى) مع ما يعتقده عن نفسه كونه (ذكر أو أنثى)، أما النوع الثالث هو اضطرابات الولع الجنسي والتى تحدث تجاه موضوعات غير طبيعية أو غير جنسية.
وجه القط الفصل الثالث "المقابلة النفسية" للعاملين في مجال الصحة النفسية؛ وهو مخصص لكيفية عمل المقابلة النفسية مع المريض، وهى تقنية شديدة الأهمية للحصول على المعلومات المفيدة والمهمة للتشخيص والعلاج.
يختلف نوع التدخل العلاجي باختلاف الاضطرابات النفسية وأيضا باختلاف شدتها ؛ وذلك ما تناوله دكتور نبيل القط في الفصل الرابع "التدخلات العلاجية"، حيث يوجد العلاج النفسي غير الدوائي من جلال جلسات العلاج النفسي لمعالجة الخلل الذي يعاني منه الشخص، ويوجد العلاج الدوائي للحالات التي تستوجب الدواء كمضادات الذهان والاكتئاب ومثبتات المزاج وهي أكثر الأدوية النفسية استخداما، كما تُعالج بعض الحالات بالصدمات الكهربية والتي تتم للمريض وهو تحت التخدير الكلي مع باسط للعضلات ويستخدم في حالات الاكتئاب الشديد المصحوب برغبة في الانتحار أو إيذاء النفس.
أنهى دكتور نبيل القط كتابه بتقديم نصائح عامة لرعاية وحماية النفس من الإجهاد مثل المشي ولعب الرياضة والنوم جيدًا والإستماع إلى الموسيقى المحببة، كما أوصى بالقراءة والإستعانة بالكتابة لكي تخرج ما يدور في رأسك، مع الإشارة إلى أهمية ممارسة تمارين التنفس والاسترخاء والتي تعمل على تفريغ العقل من الإنشغالات وتعالج الأرق والتوتر.