لم ترَ ياسمين والدتها إلا وكانت مطمئنة الملامح؛ لا تُغادر علامات الرضا وجهها. فقدت الأم "فينار سليمان" اثنين من أبنائها، آخرهم في حادث الروضة الإرهابي، تُوفي زوجها قبل ست سنوات "ورغم كدة مشفناهاش بتقول إلا الحمد لله وإن عوض ربنا دايما أفضل". حين تقدمت ياسمين ببيانات والدتها لوزارة التضامن "متخيلتش إنها هتكسب"، لكن قبل عدة أيام اتصلت بهم أكثر من جهة رسمية لتقديم التهنئة للوالدة بعد فوزها بالأم المثالية الأولى على محافظة شمال سيناء "الفرحة مش سايعاها ومش قادرة تعبر عن دا.. ولو مكنتش كسبت هي بالنسبة لنا أم مثالية". للسيدة "فينار" ستة أبناء، تُوفيت واحدة منهما في سن صغيرة، لتتبقى ياسمين صاحبة ال22 عاما وشقيقان وشقيقتان، دائما ما شجعتهم الأم والأب قبل وفاته على التعليم، حتى حصلت ياسمين على الشهادة الثانوية في التمريض ثم أتمت دراستها في معهد فني صحي "و أخواتي البنات واحدة في نظم ومعلومات والتانية في هندسة وأخويا التالت في ثانوية عامة السنة دي.. معندناش في البيت فكرة إن البنت تقعد والولد يتعلم"، رغم بساطة الحياة في مدينة الروضة بالعريش "بس مكنش الحمد لله عندنا مشاكل والدنيا ماشية كويس". بعد وفاة الأب لم تُغير الأم دفة دعمها للأبناء "فضلت عند قولها إننا لازم نكمل تعليم.. حتى لو هي مش عارفة التخصصات بس كانت بتقولنا المهم تعملوا اللي بتحبوه"، إلا أن حادث الروضة الذي وقع في نوفمبر 2017 "قسم ضهرنا كلنا مش هي بس"، كما تقول ياسمين، إذ اسُتشهد شقيقها بيد تنظيم داعش الإرهابي قريبا من المنزل رفقة ثلاثة آخرين من أبناء عمومته، تحولت الروضة من مكان يضم عائلة كبيرة لمدينة شبه مهجورة رحل عنها 305 شخص وأٌصيب أكثر من 100 آخرون. حادث الروضة أفرغ المدينة من رجال كثيرين "مبقاش فيه مدرسين حتى.. كنا بنروح مدينة بير العبد ناخد الدروس هناك"، تتذكر ياسمين كيف استمسكت الأم بنصيبها من الصبر "وفضلت مصرة تهتم بينا وتوفر أفضل بيئة لينا عشان ندرس.. ولما نسألها عايزة إيه أو نرد لك دا إزاي مبيكونش نفسها في حاجة". سعادة بالغة تعيشها الأم والابنة ياسمين "قالولنا إننا بكرة ماما هتتكرم وهتشوف الريس.. مظنش فيه حاجة هتسعدها أكتر من كدا"، لم تفكر السيدة "فينار" في مغادرة مدينة الروضة بعد ما حدث "هي عندها 53 سنة وعمرها ما خرجت منها، لما كنا بنروح بير العبد بتبقى متضايقة وعايزة ترجع".