مؤخرًا أنتشرت عدة صور لبعض لاعبي كرة القدم بعد إجرائهم العلاج بالحجامة، وهو ما جعل الحديث حول مشروعية الحجامة ومدى كونها سنة من عدمه يعلو مجددًا، فمنذ عدة أيام، نشرت صورة لأحد لاعبي كرة القدم في مصر أثناء جلسة العلاج بالحجامة، وليس لاعبي كرة القدم العرب أو المسلمين وحدهم، بل فعلها أشهر لاعبي أوروبا وممثلي هوليود سابقًا.. فهل هي سنة وما مشروعية الطب النبوي؟ " خير ما تداويتم به الحجامة" حديث نبوي شهير تداوله الألسنة عن الحجامة، وأيضًا ما روي عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم، فعلى الرغم من أنه حديث صحيح إلا أن هناك غيره من الأحاديث المغلوطة والمعلومات غير الصحيحة الخاصة بكون الحجامة "سنة" من عدمه.. وفي التقرير التالي يرصد مصراوي آراء العلماء في الحجامة وحكمها الشرعي.. علي جمعة: الحجامة من المباحات أكد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء في أكثر من موضع، أن الحجامة من المباحات، حيث أكد جمعة أن الحجامة من الأمور التي أجازها الشرع، ووقعت في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينكرها، بل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجم، وتُسمى الفصد، وهي نوع من أنواع العلاج الذي كان مستعملًا إلى عهد قريب، وبذلك تفتي دار الإفتاء المصرية وتنصح سائليها باللجوء إلى الأطباء الثقات، وأخذ رأيهم والالتزام بمشورتهم في هذا الموضوع. الإفتاء: أصلها غير عربي أو إسلامي وفي فتوى أخرى نفت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن يكون أصل الحجامة إسلاميا، أو عربيا، حيث ذكرت أن الحجامة من الوسائل العلاجية التي عرفتها الحضارات البشرية القديمة؛ كالآشوريين والفراعنة والصينيين والإغريق، وذكرت أن المؤرخون قالوا أن الحكيم اليوناني أبقراط الملقب بأبي الطب الحديث كان يستخدمها بشكلَيْها الجافة والرطبة. أما عن حكمها الشرعي، فأكدت امانة الفتوى أن الحجامة من وسائل الاستشفاء الموروثة الواردة في السنة النبوية، "إلا أن تغيُّر البيئة والزمن مع تنوع الأمراض وتعقدها مع تطور سبل العلاج في عصرنا الحاضر يوجب الرجوع في معرفة نفعها وكيفية ممارستها إلى الأطباء المختصين المؤهلين المرخص لهم فيها من قِبل الجهات الطبية المعتمدة". خالد الجندي: الحجامة من وسائل تضليل الناس يرى الدكتور خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الحجامة كالرقية الشرعية والطب النوي أوهام لا صحة لها، ينتحلها بعض من يدعون أنهم رجال دين ويكسبون منها أموال الناس بالباطل حسب تعبيره، ففي إحدى حلقات برنامجه"لعلهم يفقهون"، قال الجندي: "بقى في عيادات للرقية الشرعية والحجامة والطب النبوي، وكل من يقوم على هذا يأكلون أموال الناس بالباطل، وكمان تلاقى اللى بيفك عمل وسحر، دول ناس بيضللوا الناس وينهبوا اموالهم، تحت مسمى انهم شيوخ، ودول سدنة يأكلون اموال الناس بالباطل"، وأكد الجندي أن كون النبي يحتجم ليس يعني هذا أنها من الطب النبوي، فالحجامة ليست طبًا نبويًا وإنما "طب عربي بدوي". أحمد كريمة: لا يوجد ما يسمى بالطب النبوي في تصريحات سابقة لمصراوي، أكد كريمة أن ما ورد في السنة من أخبار عن "الطب" جاء على سبيل العادات وما كان يستخدمه العرب في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وربما قبله في التداوي، وقال كريمة أن الحجامة كانت موجودة قبل أن يولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان العرب كذلك يتداووا بالتلبينة وما نسميه نحن الآن بالعطارة، فهذه الأمور ليست تشريعًا، ويروي كريمة عن السيدة عائشة رضي الله عنها ما ذكرته عن الرسول صلى الله عليه وسلم لما كبر سنه وكثرت أوجاعه وكانت وفود العرب تقدم عليه للمبايعة وهذه الوفود كان بها أطباء، وهم الأطباء العشبيون، فكانوا يصفون للمسلمين أوصافًا، وهي العلاج بالأعشاب، "فهو وصفات الأطباء العرب من البادية بحكم التجربة آنذاك وكانوا ينقلونها للسيدة عائشة رضي الله عنها وتستخدمها في علاج النبي صلى الله عليه وسلم حسب الأمكانات المتاحة وقتها". ومع مرور الزمن، يتأسف كريمة على ذلك، ألبس بعض الناس هذه الوصفات المجتمعية ثوب أنها أخبار تشريعية وهنا مكمن الخطر، "فقول الناس ان هناك طب نبوي يعني انه تشريع وهذا خطأ، فمثلا التداوي ببول الإبل وما فعله السلفيون في ذلك الأمر قد أضروا الإسلام ضررًا بالغًا"، يرى كريمة أنهم قد استندوا إلى أخبار "معلولة"، وبعض المجاملين لهم أصدروا دراسات تتحدث بول الإبل وعن الحجامة وأصبحت إعلاناتها تملأ شوارع القاهرة، ويؤكد كريمة أن هذه الأخبار – الأحاديث والآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم- ليست تشريعًا وأنه يجب تنقية التراث النبوي من هذه الأمور، فرسالة النبي الأصلية والأصيلة تتمثل في قوله تعالى: " ولينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين "، وايضًا قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا "، فالترويج للأعشاب والعطارة والوصفات وإلصاق ذلك بالسنة النبوية أو الحديث النبوي امر يراه كريمة معيبًا. علماء بالسعودية: الحجامة ليست سُنة "الحجامة ليست سنة، الحجامة دواء إن احتاج الإنسان إليه احتجم، وإن لم يحتج إليه : فلا يحتجم"، هكذا أفتى علامة السعودية "العثيمين" في مجموعة فتاويه، وهو ما أكده ابن باز أيضًا قائلًا أن "الحجامة فيها مصالح لمن اعتادها في تخفيف الدم عنه الفاسد ، فإذا حجمه من يعرف هذه الأمور يستفيد منها في الحال".