أسعار اللحوم في الأسواق اليوم الخميس 23-5-2024    أزمة بين الحكومة الإيطالية ومجموعة ستيلانتس بسبب علم إيطاليا    السعودية: إيقاف تصاريح العمرة.. ومنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة    استشهاد 9 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على مدرسة نازحين في غزة    مسيرة حاشدة تندد بإعدام الاحتلال طفل فلسطيني في جنين    أستاذ في العلوم السياسية: تباعيات داخلية كبرى على إيران بعد حادث رئيسي    "محاط بالحمقى".. رسالة غامضة من محمد صلاح تثير الجدل    شاهد موعد كأس السوبر الأوروبى سنة 2024    «الأرصاد»: انكسار الموجة الحارة غدا بسبب منخفض جوي    فيلم بنقدر ظروفك ل أحمد الفيشاوي يحقق 70 ألف جنيه خلال 24 ساعة    ماذا يعني اعتراف ثلاث دول أوروبية جديدة بفلسطين كدولة؟    العثور على ملفات حساسة في غرفة نوم ترامب بعد تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي    أخبار مصر: منع دخول الزائرين مكة، قصة مقال مشبوه ل CNN ضد مصر، لبيب يتحدث عن إمام عاشور، أسعار الشقق بعد بيع أراض للأجانب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 23 مايو 2024    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    نشرة «المصري اليوم» الصباحية..قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    شاب يطعن شقيقته بخنجر خلال بث مباشر على "الانستجرام"    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    ناقد رياضي: الأهلي قادر على تجاوز الترجي لهذا السبب    أول دولة أوروبية تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو.. ما هي؟    والد إحدى ضحايا «معدية أبو غالب»: «روان كانت أحن قلب وعمرها ما قالت لي لأ» (فيديو)    سيارة الشعب.. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيها    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    وأذن في الناس بالحج، رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا للركن الأعظم (صور)    أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 23 مايو 2024    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    بالأسم فقط.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2024 (الرابط والموعد والخطوات)    ضبط دقيق بلدي مدعم "بماكينة طحين" قبل تدويرها في كفر الشيخ    4 أعمال تعادل ثواب الحج والعمرة.. بينها بر الوالدين وجلسة الضحى    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    سي إن إن: تغيير مصر شروط وقف إطلاق النار في غزة فاجأ المفاوضين    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23 مايو في محافظات مصر    تشييع جثمان ضحية جديدة في حادث «معدية أبو غالب» وسط انهيار الأهالي    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    بالأرقام.. ننشر أسماء الفائزين بعضوية اتحاد الغرف السياحية | صور    عاجل.. حسين لبيب يتحدث عن حق رعاية إمام عاشور ومفاوضات ضم حجازي    محمد الغباري: مصر فرضت إرادتها على إسرائيل في حرب أكتوبر    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    ناجية من حادث معدية أبو غالب تكشف تفاصيل الواقعة    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    حظك اليوم| برج الأسد الخميس 23 مايو.. «تحقق ما تريد من أمنيات»    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف أثرت الأوبئة على شعائر المسلمين عبر التاريخ؟
نشر في مصراوي يوم 15 - 05 - 2020

هذا العام، يصوم المسلمون حول العالم في وقت استثنائي، تحت قيود أعاقت شعائرهم المعتادة خلال هذا الشهر، خشية انتشار وباء كورونا.
لكن هذه ليست المرة الأولى التي يحلّ فيها شهر الصوم بالتزامن مع وباء. فقد أثرت أوبئة كثيرة على المجتمعات الإسلامية خلال شهر رمضان، على اختلاف الظروف التاريخية، فمسّت جوانب الحياة على اختلافها، وليس الصوم والشعائر الدينية فقط.
أدلّة قليلة
من الأوبئة التي عرفها المسلمون خلال التاريخ الطاعون، والكوليرا، والجدري، والجذام، والملاريا وغيرها. وكان الطاعون الأشد وطأة بينها، لأنه انتشر على نوبات متكررة عبر عدة قرون، وأودى بحياة كثر، من مصر إلى الشام والعراق والحجاز.
إن أردنا العودة إلى المراجع التاريخية لنعرف كيف صام المسلمون في التاريخ في زمن الوباء، سنجد أنّ المؤرخين يعرفون كيف أثّرت الأوبئة على الصلوات الجماعية، والأنشطة الدينية عموماً، لكنهم لا يملكون ما يكفي من الأدلّة لتبيان كيفية انعكاسها على الصوم بالتحديد. لذلك فإنّهم يفترضون أنّ الوباء كان يجعل كلّ جوانب الحياة أصعب بالنسبة للمرضى ولمن كانوا يعتنون بهم، كما تقول لنا المؤرخة نكهت فارليك، أستاذة التاريخ في جامعتي روتجرز وساوث كارولاينا الأميركيتين.
تختصّ فارليك بتاريخ السلطة العثمانية، وتصبّ اهتمامها البحثي على تاريخ الأوبئة والطبّ والعلاج كما عرفه المسلمون عبر التاريخ. ألفت كتاباً عن تاريخ الطاعون في السلطنة العثمانية، وقد أجابت على أسئلة "بي بي سي" عبر البريد الالكتروني.
رمضان والطاعون: عداء قديم
هناك أحداث عدّة يمكننا العودة إليها، للحديث عن أوبئة وقعت خلال رمضان تاريخياً. تلخص فارليك بعضها في ما يلي:
الطاعون الأسود، في منتصف القرن الرابع عشر، كان من أكثر الأوبئة فتكاً بالبشرية. وتشير السجلات التاريخية، إلى أنّه كان قاسياً جداً في رمضان الذي حلّ بين شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول من عام 1348 للميلاد. وطال الوباء بشكل خاص سوريا ومصر، وتوفي الآلاف. في ذلك العام، مرّ الرحالة الشهير ابن بطوطة في الشام، ودوّن رؤيته لشعائر الصوم والمواكب الدينية التي كانت تهدف لدرء الطاعون.
طاعون 1420 الذي طال عدّة بلدان إسلامية، واستمرّ بشكل متقطّع لأكثر من عشر سنوات، فاتكاً بمئات الآلاف. في عام 1422، اشتدّ الوباء كثيراً في مكة، ما جعل الصلاة في الجوامع مستحيلة. وشهد ذلك العام فرض قيود على شعائر النساء الدينية خلال رمضان (صادف حلوله خلال شهر سبتمبر/ أيلول)، ومنعن في القاهرة من زيارة المقابر.
في العشريات الأخيرة من القرن السادس عشر، تأثرت الشعائر الدينية في الإمبراطورية العثمانية بالأوبئة بشكل ملحوظ. وتشير نكهت فارليك إلى كتابات المستكشف العثماني أوليا جلبي، حيث يرد ذكر لصوم شهر رمضان خلال تفشي الطاعون عام 1567، في عهد السلطان سليم الثاني. وقتل الوباء 3 آلاف شخص في اليوم الواحد، ما أثار قلق السلطان، وطلب رفع الصلوات في مسجد آيا صوفيا، في ليلة القدر. وجال المنادون في الشوارع لثلاثة أيام، لدعوة الناس للصلاة الجماعية، فاستجاب عدد ضخم.
في شهر رمضان عام 1579، حلّ وباء الطاعون في مناطق مختلفة من البلدان الإسلامية، ما أدى إلى تأجيل مواكب الحج الخارجة من مصر، وحركة التجار في البصرة. في ذلك العام، يفيد المؤرخون أن الوباء كان قاسياً لدرجة جعل جباية الضرائب مستحيلة، لأن عدد الوفيات كان ضخماً جداً.
في سنة ألف للهجرة، صادف رمضان في الصيف، وكان عام 1592 للميلاد. ضرب الطاعون إسطنبول مرة جديدة، واستمرّ لأشهر، فأمر السلطان حينها بالصلوات الجماعية وبتنظيم المواكب وذبح الأضحية وتوزيعها على المحتاجين، وأفرج عن السجناء.
في رمضان عام 1780، اشتدّ الطاعون في مكّة والمدينة، ويعتقد أنّه قتل نحو 12 ألف شخص.
بين عامي 1811 و1812 شهدت إسطنبول انتشاراً لوباء الطاعون، وتواصل خلال شهر رمضان، وبقي أهالي المدينة في بيوتهم، وامتنعوا عن الخروج إلا للضرورة.
في أواخر القرن التاسع عشر، هدّدت الكوليرا طرق الحج الإسلامي، خاصة بعد افتتاح قناة السويس، وسهولة انتشار الأمراض عبر البواخر والسكك الحديدية. وأجبر الحجاج على البقاء في الحجر الصحي 15 يوماً في السويس أو البحر الأحمر، قبل التوجه إلى الحجاز. لكن شروط الحجر الصحية كانت سيئة جداً، وكانت الأماكن المخصصة للعزل مكتظة بالآلاف.
تأريخ الأوبئة
تعمل نكهت فارليك مع فريق من الباحثين على تطوير الأرشيف الرقمي للطاعون الأسود، لتوثيق حقب الأوبئة عبر التاريخ. وتقول إنّ مصادرهم لتدقيق تاريخ الأوبئة تتنوع، ولا تقتصر فقط على كتب المؤرخين، بل تطال كل أنواع الوثائق من رسائل، والتماسات رسمية، وسجلات محاكم، وكتب ألفها علماء الحقبة التي يدرسونها. كلها مصادر تعطيهم عبر مقاطعتها فكرة عن عدد الوفيات خلال الأوبئة، وكيف تأثرت بها المجتمعات.
وإلى جانب محاولة فهم تأثير الأوبئة تاريخياً على الشعائر الدينية والعادات الاجتماعية، تهتم الأستاذة الجامعية بدراسة إرث الأطباء المسلمين وعملهم للوقاية من الطاعون أو البحث عن علاج له.
الخلّ، والليمون، والانقطاع عن الجنس
وتقول فاريك إنّ الأطباء نصحوا الناس عبر العصور برشّ الخلّ في البيوت، إلى جانب تطهير الهواء بالدخان. كما نصحوا الناس بالتقليل من الأنشطة الجسدية، والذهنية، والعاطفية، مثل الحركة المكثفة، والإفراط بالأكل، وممارسة الجنس.
كما أنّهم لم يشجعوا على الاستحمام خلال الوباء، وطلبوا من الناس ألا ينغمسوا بالقلق، والخوف، ويستبدلوهما بأفكار إيجابية، لأنّها تساعد الجسم على مقاومة المرض.
بالنسبة للعلاج، شاع إخراج الدم الفاسد من الجسم، واستعمال المسهلات، ولف الغدد الملتهبة بقطع القماش، أو وضع مراهم عليها لتخفيف الألم والتورّم. بحسب نكهت فارليك، نصح الأطباء بتناول الفاكهة الحامضة، والعصائر، مثل الرمان الحامض، وعصير الليمون. وكانت الأدوية تحتوي على أعشاب، ومعادن، ومواد حيوانية، وعدد من الترياقات.
الصوم لدرء المرض
تلفت نكهت فارليك إلى أنّ الطب لم يكن المرجع الوحيد في المجتمعات الإسلامية عبر التاريخ، لمواجهة الأوبئة. فقد كان الناس ينظمون الصلوات الجماعية، إلى جانب الصوم، والمواكب، وتلاوة القرآن، وتقديم الأضحية، والصدقة، وإطعام الفقراء، والعفو عن السجناء.
تقتبس عن المؤرخ التركي طاشكبري زاده ذكره للصلوات في ليلة القدر، والإيمان بالقدرة الشفائية للقرآن، ولتلاوة "أسماء الله الحسنى" وصلوات أخرى. وكانوا ينصحون بكتابة الآيات على قطعة ورق، وتذويب الحبر في الماء، ومنحه للمريض كي يشرب.
"الشرقي المتسخ المريض"
بحسب فارليك، فإنّ الأوبئة المتلاحقة، تركاً أثراً في بناء المجتمعات في البلدان التي عصفت بها، وخلفت نوعاً من الخبرة لدى الناس، انعكست لاحقاً في النظم الصحية، والبنى التحتية والصرف الصحي.
وترى فارليك أنّ إرث الأوبئة في البلدان الإسلامية، لا يزال حاضراً إلى اليوم، مع ما خلفه من نظم تفكير في أوروبا الحديثة المبكرة (فترة من التاريخ الأوروبي امتدت من نهاية القرون الوسطى وحتى بداية الثورة الصناعية).
وتقول: "تخيّل الأوروبيون في تلك الحقبة 'الشرق' والأجساد الشرقية، كمكان للمرض. في كتاباتهم، يصوّر كتاب تلك الحقبة المسلمين كناس متسخين، جهلة، ينقلون الأمراض. تخيلوا أن الطاعون ينشأ في مدن شرقية غريبة، ثم يتفشى في المدن الأوروبية. تلك السرديات، التي أسميها استشراق علم الأوبئة، سمحت للأوروبيين بتوجيه أصابع الاتهام الى الشرق. وفي الواقع، لا يزال استخدام مزاج الشرق المريض، شائعاً، ولا زال يستخدم بشكل متكرر إلى يومنا هذا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.