منذ أيام احتفت مصر والعالم العربي أجمع بالذكرى ال46 لنصر أكتوبر المجيد في عام 1973، تلك السنة التي وُلد فيها "باسم" في حي بولاق الدكرور غربي محافظة الجيزة، وشاء القدر أن تدور أحداث الفصل الأخير في حياة "الجوكر" -كما عُرف بين الأهالي- في ذكرى احتفالات أكتوبر؛ إثر جريمة قتل أضحت حديث الساعة بين قاطني الحي الشعبي. "باسم" شاب بسيط، انحصرت أحلامه في حياة هادئة وتكوين أسرة يسودها الحب والتفاهم، واصل العمل ليل نهار حتى بلغ أمله المنشود، وتزوج من فتاة واستقر بهما الحال في شقة بشارع (10)، ورُزقا ب4 أطفال. على مدار عقدين كاملين (20 سنة)، عمل "باسم" في أشهر مكتبة بالمنطقة وتحمل اسم "الجوكر" حتى عُرف بين قاطني المنطقة ب"باسم الجوكر"، حظي بحب واحترام الجميع نظرا لدماثة خلقه ووجه البشوش، إذ لا تفارق الابتسامة وجنتيه. مؤخرا، اتخذ "الجوكر" قرارا هو الأصعب طيلة حياته، ترك عمله في المكتبة التي اقترن اسمه بما كُتب على لافتتها، اشترى مركبة "توك توك" بنظام القسط، أملا في زيادة دخله الشهري لتوفير احتياجات أسرته. يخرج رب الأسرة مع الضوء الأول للشمس معلنة نهار يوم جديد، يتجول بدراجته ذات الثلاث عجلات بين الشوارع بحثا عن رزق حلال يعينه على غلاء المعيشة، يعود في المساء لتناول وجبة الغداء مع رفيقة دربه وأطفاله الأربعة، ومن ثم الخلود إلى النوم لأخذ قسط من الراحة يمنحه القدرة على مواصلة العمل في اليوم التالي لاسيما أنه لم يسدد سوى قسطين من إجمالي المبلغ المستحق عليه لصاحب المعرض. الخامسة فجرا، ودع "باسم الجوكر" زوجته قبل الخروج بحثا عن الرزق في سيناريو يومي تبدلت أحداثه تلك المرة، لم تدر "أم العيال" أنها لن العائل الوحيد لأسرتها ثانية. استوقف صاحب ال46 سنة شخصين طلبا منه توصيلهما إلى كفر طهرمس، دون أن يشك برهة في ما يدور برأس الراكبين. على بعد خطوات من أحد بيوت الرحمن، عُثر على "باسم الجوكر" جثة هامدة على الأرض غارقا في بركة من الدماء، فاضت روحه إلى بارشها بعد تلقيه 5 طعنات في الظهر وختفاء مركبته "توك توك" ليستنجدوا بالنجدة التي أخطرت قسم شرطة بولاق الدكرور. منذ وصولهم مسرح الجريمة، عكف رجال المباحث على فحص المكان بحثا عن كاميرا مراقبة تجيبهم عن السؤال الأبرز "ماذا حدث للجوكر؟"، وإذ بكاميرا رصدت توقف التوك توك في الطريق المؤدي إلى كفر طهرمس، ونزول شخصين يحملان جثة القتيل، وتخلصا منها بمكان العثور عليها وفرا هاربين بعد الاستيلاء على المركبة. الكاميرا رصدت أحد المتهمين، لكن جودة الصورة ليست بالدرجة الكافية التي تسمح بتحديد ملامح صاحبها، ليوجه العميد عاصم أبو الخير مدير المباحث الجنائية بالجيزة، بتشكيل فريق بحث رفيع المستوى لكشف لمابسات الواقعة، وضبط الجناة وإعادة الدراجة المسروقة. بالعودة إلى شارع (10)، سكن الحزن القلوب قبل البيوت، صدمة ممزوجة بحسرة سيطرت على الأهالي، بينها خارت قوى الزوجة المكلومة بعد حصولها على لقب أرملة، تبحث السبيل عن كيفية مواصلة العيش بعد وفاة "رب الأسرة" وعائلها الوحيد. ودشن مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي من قاطني المنطقة هاشتاج عبر صفحات مهتمة بأخبار بولاق الدكرور حمل عنوان "حق باسم.. شهيد لقمة العيش"، وطالب الأهالي رجال الشرطة بقيادة اللواء محمد الشريف مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة، واللواء محمود السبيلي مدير المباحث، بسرعة ضبط المتهمين والقصاص العادل منهما، وإعادة الدراجة النارية المسروقة.