مياه ملوثة وعذاب لمرضى الفشل الكلوي.. "السدة الشتوية" أزمة كل عام بالبحيرة (صور)

بات شهر يناير يشكل أزمة حقيقية متكررة كل عام لأهالي المراكز الواقعة على فرع نهر النيل برشيد، بمحافظة البحيرة، بسبب السدة الشتوية وما يترتب عليها من آثار من انخفاض لمنسوب المياه وارتفاع لنسب التلوث، فيحدث نفوق جماعي للأسماك وتتغير خواص مياه الشرب، وفي بعض الأحيان تنقطع تمامًا لأيام متواصلة نتيجة لعجز شركات المياه عن التعامل مع نسب الملوثات بها، كما حدث هذا العام بمركز رشيد والمحمودية.
يقول وليد عمران - محاسب: "كل عام في نفس الميعاد نعاني من تلوث مياه الشرب نتيجة مخلفات مصانع كفر الزيات والتي تظهر بوضوح مع السدة الشتوية، ورغم تكرار المشكلة عام بعد الآخر والوقوف على أسبابها، فلا أحد يحاول وضع حلول جذرية لها".
ويوضح محمد زيتون: "تلوث مياه النيل، مستمر على مدار العام كله، بسبب المصانع المنتشرة والتي تصب مخلفاتها به وليس مقتصر على توقيت معين في العام كما يظن البعض، لكن يظهر تأثير التلوث بشكل واضح ومضاعف في هذا التوقيت، بسبب قلة منسوب المياه بسبب السدة الشتوية فيزيد تركيز التلوث، وتموت الأسماك نظير وصول تلوث المياه لمرحلة السمية المباشرة، فما بالك بما يمكن أن يحدث للإنسان".
وتسبب تلوث المياه في ظهور كميات كبيرة من الأسماك النافقة بمياه فرع النيل، خاصة بنطاق مركز شبراخيت، حيث جرى ضبط 6 أطنان من الأسماك النافقة داخل سيارة، و3 مخازن، وعدد من مراكب الصيد قبل طرحها وتداولها بالأسواق.
وتسببت السدة الشتوية أيضًا في لجوء شركة المياه إلى زيادة نسبة الكلور في مياه الشرب ببعض المناطق لمواجهة ارتفاع نسب التلوث، وهو ما تسبب في مشكلة بقسم الغسيل الكلوي بمستشفى كفر الدوار.
وقال الدكتور ياسر زايد مدير المستشفى: "نسب الكلور في المياه كانت مرتفعة، بما لايسمح بإجراء عمليات الغسيل الكلوي، وحاولنا علاج ذلك بإضافة فلاتر جديدة بوحدة معالجة المياه دون جدوى، فاضطررنا لاتخاذ إجراءات بديلة لضمان غسيل المرضى في مواعيدهم بتوفير أتوبيسات من مجلس مدينة كفرالدوار ونقلهم لأقرب مستشفى للغسيل، وبالتوازي مع ذلك عملنا على حل المشكلة مع شركة المياه التي عرضت إرسال سيارات مياه لحين تحسن خواص ماء الشرب".
وتقدم عدد من أهالي المحمودية ببلاغ جماعي إلى المحامي العام لنيابات شمال دمنهور، ضد رئيس الوزراء، ووزير الري، ومحافظ البحيرة، ووكيل وزارة الري بالمحافظة ورئيس شركة المياه، ومدير فرع شركة المياه في المحمودية، بسبب تلوث المياه وانقطاعها المتكرر، عن المدينة وعدد من القرى التابعة لها.
وقال جمال خطاب، محام - أحد مقدمي البلاغ، إنهم حملوا المشكو في حقهم، مسؤولية تلوث مياه نهر النيل فرع رشيد، حيث إن نسبة الأمونيا مرتفعة بأكثر من الحد المسموح له، ما يؤثر على صحة الإنسان والحيوان والأسماك، وعدم تشغيل محطات المياه بكل طاقتها، ما أدى لانقطاع المياه لفترات طويلة وطالب بتشكيل لجنة للوقوف على أسباب تلوث نهر النيل.
وذكرت وزارة الموارد المائية والري، في بيان صدر الشهر الجاري، إن الهدف الرئيسي من موسم السدة الشتوية، بالتزامن مع موسم أقل الاحتياجات ليس فقط ترشيد المياه في هذه الفترات التي لا تحتاج الزراعات فيها إلى مياه ري كبيرة، ولكن أيضًا لتنفيذ العديد من أعمال الصيانة والتطهيرات والأعمال الصناعية التي يتطلب تنفيذها عدم وجود مياه بالمجاري المائية، ما يمثل ضرورة ملحة لشبكات ومرافق الري للارتقاء بالمنظومة وتحسين إدارة وخدمات توصيل المياه على مدار العام.
وصرح اللواء هشام آمنة، محافظ البحيرة أنه جرى التنسيق مع وزير الموارد المائية والري لتحريك المياه الراكدة أمام قناطر إدفينا بفرع رشيد لتقليل نسب التلوث بالمياه بالتزامن مع السدة الشتوية.
وأكد المحافظ رفع درجة الاستعداد بكافة محطات مياه الشرب بمراكز رشيد، وشبراخيت، والمحمودية، وتزويد المناطق التى تتطلب مياه بسيارات مياه نظيفة، وتزويد المستشفيات بالمياه اللازمة النظيفة لتشغيل وحدات الغسيل الكلوي، وتوصيل المياه كذلك لجميع التجمعات والوحدات السكنية المتضررة بالتنسيق مع شركة مياه الشرب والصرف الصحي.
وأشار آمنة إلى أنه جرى تشغيل جميع المحطات مياه الشرب بكامل طاقتها ما عدا محطة رشيد بنسبة 65% ومحطة الجديه بنسبة 75% وسيتم تشغيل سيارات المياه بالمناوبة على مدار 24 ساعة استجابة لكافة الشكاوى الواردة في هذا الشأن.
وأضاف المحافظ أنه جرى التنسيق أيضًا لدفع تزويد المياه بترعة الخندق وساحل مرقص لتشغيل المأخذ البديل لمحطة مياه شرب شبراخيت، عوضًا عن مأخذ المحطة على النيل لانخفاض نسبة الأمونيا في ساحل مرقص عنه في فرع رشيد.
وشهدت الأيام الماضية التنسيق مع وزارة الري للقضاء على انخفاض التصرفات المائية بفرع رشيد وزيادة المياه بالفرع لتحسين نوعية المياه، الحفاظ على المناسيب اللازمة من المياه أمام محطات مياه الشرب الواقعة على فرع رشيد وضمان سريان مستمر للمياه للتغلب على أي ملوثات وتقليل نسبة الأملاح في هذا التوقيت من كل عام خلال السدة الشتوية.