لم يكن الأربعاء الماضي كسابقيه لأسرة أحمد صبحي، تلقى الأب اتصالا هاتفيا من إدارة مستشفى الزهور بوصول ابنته جثة هامدة إثر تعرضها للدهس أمام المنزل في الحي السابع بمدينة السادس من أكتوبر. أسرع والد الطفلة مليكة، ذات الثلاثة أعوام إلى المستشفى أملا أن يكون الأمر محض مُزحة أو كابوس سرعان ما سيستفيق منه، لكن فور وصوله اصطدم بالحقيقة الموجعة بأنه لن ير فلذة كبده مرة أخرى. رويدا رويدا، بدأ الأب يجمع قواه محاولا استيعاب الفاجعة التي ألمت به، ليستشيط غضبا فور علمه بكواليس الوفاة، وأن طفلته تعرضت للدهس تحت عجلات حافلتها المدرسية أثناء توصيلها للمنزل. جن جُنون الأب، وتوجه إلى محل الواقعة -على بعد خطوات من منزله- ليتأكد من صحة المعلومات التي تلقاها بعد مطالعة كاميرات المراقبة المتاخمة لموقع الحادث والتي رصدت لحظة دهس ابنته عقب نزولها بمفردها من الحافلة المدرسية، ليتوجه إلى ديوان قسم شرطة أول أكتوبر. لم يتردد أحمد صبحي في طلب مقابلة رئيس المباحث المقدم إسلام المهداوي ليخبره: "بنتي راحت مني في غمضة عين.. عاوز حقها.. دي ماليش غيرها"، مناشدا إياه بضرورة محاسبة المتسببين في الواقعة، ليطالبه الضابط بأن يروي له تفاصيل ما حدث، ثم التوجه لإنهاء إجراءات تحرير المحضر الذي حمل رقم 29 لعام 2019. فور وصوله، وجه المقدم إسلام المهداوي بتفريغ كاميرات المراقبة بمحيط موقع الحادث، وأظهرت إحداها أن أتوبيس تابع لمدرسة خاصة، توقف أمام منزل الطفلة، وعبر شقيقها "عبد الرحمن" من أمام الأتوبيس ولدى عبور "مليكة" تعرضت للدهس، لتنطلق مأمورية تحت إشراف العميد عاصم أبو الخير، رئيس مباحث قطاع أكتوبر، لضبط السائق والمشرفة. في أقل من ساعة، تمكن رئيس مباحث قسم أول أكتوبر من ضبط المتهمين، واصطحبهما إلى ديوان القسم، إلا أن المشرفة أنكرت ما نُسب إليها بقولها: "ماحدش عمل لها حاجة.. دي وقعت على رأسها لوحدها"، لكن بتطوير مناقشتها ومواجهتها بمحتوى الكاميرات انهارت بالبكاء وأدلت باعترافات تفصيلية عما حدث، متهمة السائق بالإهمال: "أنا المرة دي موصلتهاش وأخوها لباب البيت.. بس السواق السبب لأنه كبير في السن"، مختتمة قولها: "السواق ماخدش باله"، وتم إحالتهما للنيابة العامة للتحقيق. لم يكتف الأب المكلوم بإبلاغ الشرطة، ودشن هاشتاج عبر صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك" تحت عنوان: "#حياة_اطفالنا_مهدرة / #اهمال_المدارس / #حق_مليكة"، والذي حظي بتفاعل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بأخبار مدينة السادس من أكتوبر. وكتب والد الطفلة: "لما أتوبيس المدرسة اللي أنا مستأمنه يوصل بنتي هو اللي يدوس بنتي ويموتها، لما مشرفة الباص اللي بديها فلوس زيادة كل شهر علشان تاخد بالها من بنتي تهملها وتسيبها تنزل تعدي الشارع لوحدها، يارب أنا مؤمن بقضائك وبحمدك.. بس يارب القصاص". بدوره، أمر الدكتور طارق شوقى وزير التعليم، بالتحقيق الفوري في الحادث، موجها بانتقال لجنة من الوزارة إلى مدرسة الرضوى الحديثة الخاصة التابعة لإدارة أكتوبر التعليمية؛ للوقوف على أسباب الحادث. وأكد شوقي -بحسب بيان للوزارة-، أنه لا تهاون فى حق الطفلة المتوفية فور استكمال التحقيقات ومحاسبة المهملين فور ثبوت ذلك، حيث يعاقب كل من أخطأ، لأن حياة أطفالنا وسلامتهم مهمتنا الأساسية. ونعى شوقي الطفلة، وقدم خالص التعازي والمواساة لأسرتها، راجيًا المولى عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته، ويلهم أهلها الصبر والسلوان. وبعد ساعات من التحقيق، أمرت نيابة أكتوبر، بحبس السائق والمشرفة 4 أيام على ذمة التحقيقات في اتهامهم بالتسبب في وفاة الطفلة.