منتخب سلة سوهاج بطلاً لدوري الجامعات والمعاهد بدورة الشهيد الرفاعي ال53    اليورو يغلق التعاملات على تراجع اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025 بالبنوك المصرية    "التخطيط" تترأس اجتماعًا تحضيريًا للجنة المصرية–البلغارية للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني    محافظ الغربية يتابع إجراءات تشغيل وإدارة مرفقي النقل الداخلي بطنطا والمحلة الكبرى    محافظ المنيا: إزالة 2171 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية ضمن الموجة 27    رئيس الوزراء يُتابع تطور الأعمال بالتجمع العمراني الجديد td جزيرة الوراق    مصر تواصل دفع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة رغم التعنت الإسرائيلي    مصر ضد الكويت.. الأزرق يعلن تشكيل ضربة البداية في كأس العرب 2025    الأمين العام يحذر: المستحقات غير المسددة للأمم المتحدة تقارب 1.6 مليار دولار    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    تشكيل هجومي للكويت أمام منتخب مصر    قميص أحمد رفعت يزين غرفة ملابس منتخب مصر الثانى قبل مباراة الكويت    موعد مباراة توتنهام ونيوكاسل والقناة الناقلة    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    تحرير 11 مخالفة تموينية خلال حملة على الأسواق بمغاغة    جامعة سوهاج الأهلية تنظم أولى رحلاتها إلى المتحف المصري الكبير    فتح باب التسجيل فى دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    العربية للمسرح تعلن أسماء العروض المشاركة في مهرجان الهيئة لعام 2026    رمضان 2026| مى عز الدين تشارك ريم البارودي في مسلسل «قبل وبعد»    الصحة تطلق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات.. موعد تحقيق الاكتفاء الذاتي    السيسي يبعث برقية تهنئة لرئيس الإمارات بمناسبة ذكرى الاحتفال باليوم الوطني    بابا الفاتيكان يدعو اللبنانيين إلى عدم الإحباط والرضوخ لمنطق العنف    المحكمة الإدارية العليا تتلقى 8 طعون على نتيجة انتخابات مجلس النواب    فى زيارته الأولى لمصر.. الأوبرا تستضيف العالمي ستيف بركات على المسرح الكبير    رئيس جامعة الأزهر: العلاقات العلمية بين مصر وإندونيسيا وثيقة ولها جذور تاريخية    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    موعد مباراة مانشستر سيتي وفولهام بالدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    رئيس اقتصادية قناة السويس: المنطقة منصة مثالية للشركات الأمريكية لعمليات التصنيع والتصدير    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء شخص على حيوانات أليفة: مريض نفسي    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    مصرع طفل إثر اصطدام سيارة ملاكي به في المنوفية    مكتب نتنياهو: إسرائيل تستعد لاستلام عيّنات من الصليب الأحمر تم نقلها من غزة    زيلينسكي: وثيقة جنيف للسلام في أوكرانيا تم تطويرها بشكل جيد    مدير الهيئة الوطنية للانتخابات: الاستحقاق الدستورى أمانة عظيمة وبالغة الحساسية    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    الأمم المتحدة: 50 مليون شخص حول العالم ضحايا الرق الحديث    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    6 نصائح تمنع زيادة دهون البطن بعد انقطاع الطمث    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    "الأوقاف": حجم مشاركة غير مسبوق في مسابقة القرآن الكريم العالمية    محمود ناجى حكما لنهائى كأس ليبيا بين أهلى طرابلس وبنى غازى غدا    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    بعد جريمة التحرش بالأطفال في المدارسة الدولية، علاء مبارك يوجه رسالة قوية للآباء    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    اليوم .. إعلان نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخبار قد تهمك
نشر في مصراوي يوم 25 - 11 - 2018

بعد إثارة موضوع المساواة في الميراث الجدل مؤخراً، ومطالبة بعض الإعلاميين ونواب الشعب وبعض الدعاة والمنتسبين للأزهر بالمساواة بدعوى الحفاظ على حقوق المرأة، باعتبارها حقوقاً منقوصة بحكم تطبيق المبدأ القرآني في الآية الكريمة: "وللذكر مثل حظ الأنثيين"، فنّد مركز الأزهر الالكتروني للفتوى والرصد - في رد واضح وحاسم- تلك الدعاوى، مؤكداً ضعف منطقها، وموضحاً كيف حافظ نظام المواريث في الإسلام على حقوق المرأة وميّزها في بعض الأحيان على الرجل، وكيف دعا إلى صونها وحمايتها.
قال مركز الأزهر، في بيان أصدره اليوم الأحد، إن الشريعة الإسلامية تميَّزت بصلاحيتها لكل زمان ومكان، ومراعاتِها جميعَ أحوال الناس على تنوعِهم واختلافِهم؛ لما تمتَّعَتْ به من مُرُونة، ولكنَّ هذه المُرونة ليست سمةً لجميع نصوص الشريعة، فبعضها ثابتٌ راسخٌ لا مجال للاجتهاد فيه، كالنصوص التي تُقرِّر جوانب العقيدة والعبادة والأخلاق؛ حتى تجمع الشريعة بين رسوخ الأصول الذي يُكَوِّن هُوية المسلم وشخصيته، وبين مرونة التعامل مع الواقع ومتغيراته في آن واحد.
وجاء نص بيان مركز الأزهر، موضحاً كيف حافظ الشرع على حقوق المرأة، مفنّداً دعاوى المساواة الباطلة:
إن النصوص المتعلقة بعلم الميراث في الإسلام لَمِن هذا القسم الراسخ الذي لا يقبل الاجتهاد أو التغيير، فقد تَولَّى الله عز وجل وضْع أُسسه وضوابطه بنفسه؛ لأهميته، وعِظَم خطره؛ فلا يخفى على أحدٍ أن الظلم في الميراث ربما يتعدى لأجيال متتابعة، أو تُقَطَّع لأجلِه الأرحام، بل وقد تُرتكَب بدافعه الجرائم.
ورغم أن الشرع الشريف قد ضَبَط هذا الباب، وأزال منه أسبابَ النِّزاع والشِّقاق إلَّا أنَّه لم يسلم من المعارضات، بل والاتهامات بالتحيُّز والظلم وانتقاص الحقوق.
وقبل أن نوضح فلسفة توزيع الميراث في الإسلام؛ لا بد من بيان النقاط الآتية:
أولًا: إن المُسلم الذي استسلم لله عز وجل، ورضي به ربًا، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا، يكفيه لالتزام أمرٍ ما؛ أن يعرف أن الله عز وجل هو الآمر به؛ لما عَرَفَ من صفاته سبحانه، فهو الحَكَم العدل المُحيط، الذي يعلم خلقه، ويعلم ما يُصلحهم.
ثانيًا: التفرقة بين العدالة والمساواة؛ لتصحيح مغالطة تدَّعي ألَّا فرق بينهما، أو بصيغة أخرى تدَّعي أن: تحقيق العدالة مُتوقف على تحقيق المساواة.
والصواب: أن العدل لا يقتضي التسوية، فقد تعدل بين شخصين دُون أن تسوي بينهما؛ لأن العدل هو: وضع الشيء في مَوضِعه، مع مراعاة الحال.
فإن كان لك -على سبيل المثال- وَلَدَان: أحدهما في التعليم الثانوي، والآخر في الابتدائي، هل ستُسوي بينهما في النفقات متغاضيًا عن كثرة حاجات ومتطلبات ابنك الأكبر؟ فإن كان جوابك: أنك ستعطي الأكبر أكثر من أخيه، هل يعني هذا أنك لن تحقق العدل بينهما؟ أم أن تلبية حاجات كلٍ منهما عدل، وإن لم تسوِّ؟!
ألَا ترى معي أن المساواة بينهما في النفقات مع تفاوت متطلباتهما من الظلم؟! مما يدل على أن المساواةَ قد تكون عدلًا، وقد تكون هي الظلم بعينه.
ثالثًا: إذا أردنا بيان فلسفة الميراث في الإسلام -لا سيما ميراث المرأة- لا ينبغي أن نغفل الواقع الذي نزل فيه، وواقع الأمم الأخرى في القضية نفسها.
فلم يكن للمرأة حق في الميراث أو امتلاك المال لدى كثير من أصحاب الحضارات القديمة، ولا يختلف الأمر كثيرًا عند بعض الديانات السماوية التي قررت قاعدةً تقول: لا إرث للإناث إلا عند فَقْد الذّكور.
أمَّا عن الواقع الذي نزل فيه الإسلام -وهو المُجتمع الجاهليّ- فلم يكن الميراث فيه إلا للرجل القادر على القتال والضرب بالسيف فقط، ولا إرث للصغار أو النساء، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد كانت المرأة نفسها جزءًا من الميراث، ولوَارِثِها الحق في الزواج منها، أو عَضْلِها عنده إلى أن تدفع له مبلغًا من المال.
ولِمَ الغَوص في أعماق التاريخ، ونظرة واحدة على الماضي القريب لأوروبا وغيرها لتُطلِعُنا على واقعٍ مشابه؟! حيث كان الابن الأكبر هو المالك الوحيد لتركة أبيه أو -على الأقل- أكثر الوارثين حظًا، من خلال نظامِ إرثٍ أُطْلِق عليه: (أبويّ البكورة).
رابعًا: سَبَقَ الإسلامُ الشرائعَ والقوانين الوضعية إلى إنصاف المرأة، وكفالة حقوقها، وحقَّق لها ذلك من خلال الآتي:
(1) أبطل الإسلام جميع المُمارسات الظالمة ضد المرأة لا سيما ما يخصّ الميراث، والتي ذُكر طرف منها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ..). [النساء: 19].
(2) جعل لها ولاية على المال، وذمة مالية مستقلة، قال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا). [النساء: 32].
(3) أقرَّ لها حق مباشرة العقود بنفسها كعقود البيع والشراء والرَّهْن والشَّرِكة، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما.
(4) جعل لها نصيبًا في تركة المُتوفَّى، قال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا). [النساء: 7].
وخلاصة الأمر أن الإسلام قد سوَّى بين الرجل والمرأة في حقِّ كسب المال، والعمل، والأجرة، والذمة المالية.
أما الثروة المُكتسبة بغير جهد (الميراث) فلها فلسفة أخرى مُستقلة، يُمكننا التَّعَرُّف عليها من خلال النقاط الآتية:
أولًا: القول بأن فقه المواريث في الإسلام يُعطي الذكر ضعف الأنثى هو قول عارٍ عن الحقيقة، منافٍ للواقع؛ فالمُستقرِئ لأحوال ميراث المرأة في الإسلام يجد أنها قد ترث -في بعض الحالات- أكثر من الرجل، أو تساوي الرجل، أو ترث ولا يرث الرجل وذلك فيما يزيد على ثلاثين حالة.
وترث نصف ما يرثه الرجل في أربع حالات فقط.
ثانيًا: إن تفاوت أنصبة الوارثين في نظام الميراث الإسلامي لا علاقة له بذكورة أو أنوثة؛ ولكنَّه متعلق بأمور ثلاثة:
(1) درجة القرابة من المُتوفَّى، فكلما كان الشخص أقرب للمتوفَّى كلما زاد نصيبه من الميراث.
(2) موقع الجيل الوارث، فكلما كان الجيل الوارث صغيرًا مستقبلًا للحياة كلما زاد نصيبه أيضًا؛ لهذا كان نصيب ابن المتوفَّى أكبر من نصيب أبِ المتوفَّى ولو كان الابن رضيعًا؛ لأن حاجته إلى المال أكثر.
(3) التكليف والعبء المالي؛ فإذا تساوت درجة القرابة، وموقع الجيل الوارث؛ كان التفاوت في الأنصبة المستَحَقَّة على قدر تفاوت الأعباء المالية المُلقاة على الوارثين.
فلو مات رجلٌ وترك ابنًا وبنتًا متساويين في درجة القرابة وموقع الجيل الوارث؛ ورث الابن ضعف البنت.. لماذا؟!
لأنهما غير متساويين في التكاليف والأعباء المالية؛ فالنفقة واجبة على الرجل، أما المرأة فمالُها ثروة مُدَّخرة، ولا تلزمها النفقة على أحد، ولا نفقتها على نفسها في الغالب.
والقاعدة الفقهية تقرر: أنَّ الغُنْمَ بالغُرْمِ، أي على قدر المغانم تكون الأعباء والتكاليف من الشرع.
ثالثًا: إن الإسلام لمَّا نزل راعى واقع الناس، واستطاع إصلاحه؛ فحوَّل الأمة الجاهلية إلى أمةٍ تحفظ العُهود، وتُؤدِّي الحقوق، وتُوَرِّث المرأة من خلالِ نظامٍ تَشريعيٍّ عَادِلٍ ومُتكاملٍ.
ومثيرٌ للدهشةِ أن نرى كثيرًا من النساء -في زماننا- لا يستطعن الوصول إلى ميراثهن أو جزء منه في حين تعلو صحيات مساواة المرأة بالرجل في الميراث؛ مما يدل على أن المشكلة التي جاء الإسلام لمعالجتها -ومعالجة غيرها- لا زالت موجودة بعد أربعة عشر قرنًا من الزمان، وبديلًا عن الالتفات إلى حَلِّها أشارت أصابع الاتهام إلى الإسلام وتشريعاته.
ولا يفوتُنا -في هذا الصدد- التأكيد على أنَّ حرمان المرأة من إرثها، أو مَنْعَه عنها، أو إجبارها على التنازل عنه مقابل مبلغٍ من المال أو منفعةٍ عن غير طيبِ نفسٍ؛ مُحرمٌ في الشريعة الإسلامية، فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» أخرجه ابن ماجه، ولا شك أن حرمان المرأةِ من إرثها لَمِن قطيعةِ الرحمِ والظلمِ الذي توعَّد رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاعِلَه بتعجيل العقوبة له في الدنيا قبل الآخرة.
ولو نظرنا إلى أرقى النظم القانونية -كما يراها أصحابها أو المعجبون بها- المعمولِ بها اليوم؛ لوجدنا أنها قسَّمت الوارثين ورتَّبتهم، وحجبت بعضهم ببعض، وقَصَرت الإرث على طبقة واحدة دون غيرها على حسب كل واقعة.
فعلى سبيل المثال: إن كان للمتوفَّى زوجةٌ وابنٌ -ولو من التَّبَنِّي-؛ ورث ابنُه كلَّ ماله وحُرِمت الزوجة من الميراث.
وإن كان للمتوفَّى أُمٌ وزوجة؛ ورِثَت الزوجةُ وحُرِمَت الأم من الميراث.. إلى غير ذلك من الأمثلة.
فهل حرمان (الأم والأب والزوجة) من الميراث إن كان للمتوفَّى (ابنٌ وبنتٌ) عدالةٌ في التوريث؟! وهل هذا هو بديل نظام الميراث في الإسلام؟!
فإن قيل: يكفي أن الابن والبنت سيقتسمان التركة بينهما بالتَّساوي.
قلنا: ما فائدة إعطاء بعض الورثة أنصبة متساوية مع حرمان البعض الآخر؟! أو بمعنى آخر: ما فائدة المساواة إنْ لمْ تتحقق العدالة؟! وعلى أيّ أساس كان العطاء أو المنع؟!
وهل مساواة القانون -المذكور- من فراغ أم أنَّه سَوَّى في التكاليف والأعباء كذلك؟!
إن الإسلام لمَّا ألزم الرجل بالنفقة على أهل بيته قسَّم الأدوار، ووزع المهمات، وأسّسَ العِشرةَ على الرحمة والمعروف، وجعل قوامتَه مسؤولية، وعلاقتَه بامرأته تكامُلية، وجعل له حقوقًا وعليه واجبات في بيته وبيت أبيه ولكنَّ مسؤوليته أكبر، وجعل للمرأة حقوقًا وعليها واجبات في بيت زوجها وبيت أبيها ولكنَّ حقوقها أكثر.
وفي نهاية بيانه، أكد مركز الأزهر للفتوى أن الإسلام كُلٌّ متكاملٌ، لا يُغني جزء منه عن الآخر، وليس من الإنصاف أن نحكم على نتائجة دون أنْ نطبِّقَه كلَّه، وقضيةُ الميراثِ فيه مُتصلة بكثير من القضايا، ولم يكن هذا المقال -الذي بين أيديكم- إلا محاولة لإلقاء الضوء على بعض هذه الصِّلات؛ حتى نرجع خطوتين إلى الخلف، ونرى الصورةَ كاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.