الأسباب والظروف متفاوتة، لكن ثمة سمات عامة تتوافر في الطفل الذي يؤذي زملائه داخل المدرسة، أو ما يُعرف بفعل التنمّر. وفقًا لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) فالتنمّر هو أحد أشكال السلوك العدواني تجاه شخص بشكل متكرر ومتعمّد. "أزمة ثقة" هي أحد العوامل الرئيسية التي تدفع الطفل للتنمّر، حسب تعبير صفاء عراقي، استشاري الطب النفسي للأطفال. "الولاد مع بداية سن المراهقة عايزين يكونوا شخصية قوية عشان ميتضربوش أو حد يضايقهم"، تقول عراقي إن نظرة الطفل لنفسه تؤثر بشكل تام على سلوكه "لو شايف نفسه ضعيف هيؤذي التانيين عشان يحمي نفسه رغم إنه خايف"، تُطلق الطبيبة على ذلك "الحيلة الدفاعية". لا تُعزي عراقي تصرفات التنمّر إلى المرض النفسي "مصطلح المرض مُعقد جدا ولكن نقدر نقول إن التنمّر مرتبط أكتر بالمشاكل السلوكية والنفسية للأطفال"، والتي تعتقد أنه يمكن حلها ببعض الخطوات من قبل الوالدين. أما جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، فيرى أن منبع التنمّر هو الأسرة "الأطفال ملوك التقليد.. لو شاف حد كبير بيغلط هيغلط"، لذا يتفق مع عراقي أن الحل يأتي من قبل الأب والأم. "أولا لازم التأكيد إن مضايقة الآخرين شيء مرفوض تماما".. تقول عراقي إن بعض الآباء "مبيغلّطوش ولادهم"، فالتراخي في التعامل مع ذلك يدفع الطفل للمزيد من العنف "مش لازم النهي ده يبقى بزعيق بس بحسم". لا يتوقف الأمر عند النهي عن فعل الإيذاء "لازم الفعل الغلط يتبعه عواقب"، تُشدد الطبيبة النفسية أن "العواقب مختلفة عن العقاب، لا التعنيف هيجيب نتيجة ولا القسوة"، حتى إن ارتكب الطفل فعلا سيئا للغاية؛ تتذكر عراقي في إحدى المدارس أن طالبا أجبر زميله على خلع ملابسه أمام الآخرين "كانت مشكلة ضخمة، بس قعدنا مع الولد وكلمناه وفي نفس الوقت أخد عقاب من المدرسة عشان دة ميتكررش". تحتاج الأم التي قام ابنها بفعل التنمّر، لسؤاله عن سبب الفعل "يمكن الولد حد ضايقه أو ضاغط عليه"، ثم تبدأ في التركيز على المشاعر "لازم تتكلم مع الطفل وتقوله يتخيل إنه لو مكان الشخص اللي وقع على الاعتداء.. هل هيبقى مبسوط؟". في المقابل شددت عراقي وفرويز على ضرورة مكافأة الطفل حال التوقف عن التنمّر ولو جزئيا "هيحس إنه نتيجة فعله الإيجابي كويسة"، فيما ترفض الطبيبة فكرة "إن العيال مش فاهمة فمينفعش نكلمهم"، إذ يتمتع الصغار بنسبة ذكاء مرتفعة، لذلك تدريبهم ليكونوا أسوياء يبدأ من الطفولة المبكرة.