التعرض للإيذاء اللفظى أو إيذاء المشاعر بأحدث صوره من خلال مواقع التواصل الاجتماعى أمر لم يعد مستغربا ولا قليلا فقد أصدرت الأكاديمية الأمريكية للطب النفسى للأطفال والمراهقين بيانا جاء فيه أن نصف الأطفال الأمريكيين قد تعرضوا للتنمر فى مرحلة ما فى حياتهم بأى وسيلة بينما يتم تعريض 10% من الأطفال لإحدى وسائل الإيذاء النفسى. د. محمد البحيرى أستاذ علم النفس بمعهد دراسات الطفولة يوضح: فى مدارسنا تتراوح نسبة التنمر فى المرحلة الإبتدائية ما بين 15% إلى 20% ينخفض بعد ذلك فى المراحل التى تليها ويكثر فى المدارس بسبب ضعف الإشراف خاصة فى أوقات الفسحة المدرسية.. والتنمر مشكلة سلوكية يعانى منها بعض الأطفال وهو سلوك عدوانى ومتكرر تختلف درجته، فمنه اللفظى أو النفسى أو الجسدى، وهو سلوك متعمد ومقصود يبدأ كمزاح أو كمحاولة لإلقاء النكات أو اللهو الخشن ضد الآخرين، ويمتد ليشمل ألفاظا أكثر عنفا وقسوة أو أفعالا أكثر خشونة كالدفع العنيف وغيره. وهناك فرق بين التنمر والسلوك العدوانى فالتنمر هو سلوك مخطط ومقصود يعكس نية مبيتة للإيذاء تجاه ضحية بعينها وليس عشوائيا.. ومن أشكال التنمر المباشر الإغاظة، المكايدة، التوبيخ، السخرية والتحقير، إطلاق الألفاظ المسيئة.. وهناك أفعال تستهدف الإساءة غير المباشرة مثل نشر الشائعات ونشر قصص مزيفة ومشينة عن الضحية.. والغيبة والنميمة تكون من صور التنمر الإجتماعى المقبولة عند قطاعات عريضة من البشر، وقد ظهر مؤخرا التنمر التكنولوجى والمقصود به استخدام مواقع التواصل الإجتماعى فى القيام بأفعال التنمر مثل إرسال صور خادشة للحياء أو رسائل تحمل عبارات مسيئة وغير ذلك. التنمر يحدث تدريجيا، وضحايا التنمر أنواع فمنها من يكون مستفزا ومنها من يكون ضحية هادئة يبكى بسهولة وينهار بسرعة، وأكثر الأطفال تعرضا للتنمر هو الطفل المتفوق أو المختلف عن أقرانه كأن يكون مهذب جدا أو له خلفية اجتماعية أو اقتصادية متواضعة أو طفل مميز جدا وهناك سمات تجمع ضحايا التنمر منها أنهم الأكثر معاناة من القلق الإجتماعى ويشعرون بالوحدة دائما، كثيرو البكاء، معرضون لحماية زائدة، لديهم تقدير منخفض لذواتهم. وأضاف د. البحيرى أن من أسباب سلوك التنمر ما هو بيلوجى وما هو نفسى خاص بالفرد المتنمر، فكثير ممن يقومون بالتنمر يعانون من أمراض ما وبعضهم عدوانيون بصفة دائمة ومنهم من يستمتع بإيذاء الضعفاء، بينما تلعب الظروف الأسرية دورها فى دفع الأطفال للتنمر والمشاغبة.. فقد ينتج التنمر عن ظروف اقتصادية تعانى منها الأسرة، نقص فى الوعى التربوى أو ينتج عن نظام أسرى قاس لا يلبى احتياجات الطفل أو عدم اهتمام الوالدين به، وقد يكون التنمر سلوكا ناشئا عن نقص الإشراف المدرسى وتقليد الأطفال بعض ما يرونه أو يعانون منه فى المدرسة من أقرانهم. ويوضح أن معالجة الطفل الضحية الذى يعانى من الإغتراب والإنعزال، يجب على المدرسة إشراك الطفل فى أنشطة اجتماعية لتعزيز قدراته وزيادة الدافعية لدية للإنجاز. وهناك دور لوسائل الإعلام فى مجال توعية المجتمع خاصة الأسرة والمدرسة بأساليب معالجة سلوكيات الطفل المتنمر وتدعيم الطفل الضحية وعلى الخطباء فى المساجد ورجال الدين توعية الأسر بضرورة النهى عن ممارسة تلك السلوكيات التى تترك آثارا سلبية على حياة المتنمر والضحية معا وعلى