أفعال بسيطة تكفي الأحباب، الاهتمام يصل فيمنحهم السعادة، لذا حين فكرّ الشاب أحمد عبدالرحمن في إدخال السرور على قلب جدته التي تعيش ببيت ريفي في بنها، اختار رسم جدارية بألوان مريحة ومبهجة في "مصطبة" المنزل "من ساعة وفاة جدي والمصطبة بالنسبالها أهم من البيت نفسه، لأنها بتقعد بتشوف الجيران طول الوقت فحبيت أحلي المكان عشانها". منذ أيام، استيقظ طالب الهندسة صباحًا، اشترى مواد طلاء وقام بتجهيز أدواته، انطلق إلى جدته التي تبعد عنه نحو 15 دقيقة بالمواصلات "وبدأت أشتغل من الصبح بدري وفضلت 5 ساعات متواصلة عشان أخلصها" الجدارية عبارة عن وردة كبيرة وموتيفات شبيهة بالنوبة "ودهنت الحيطة باللون اللبني واهتميت أعمل بألوان مختلفة عشان تبقى حاجة حلوة في العيد". خلال انهماكه في صنع الجدارية، اقترب اثنين من أعمامه "سألوني بعمل إيه ولما عرفوا كانوا متحمسين" جلسوا لنصف ساعة يتابعونه باهتمام بالغ "وبعد كدا بدأوا يشاركوا معايا" أحدهم ساعده في الرسم والآخر في طلاء الجدار "واتبسط انهم مستغربوش اللي بعمله وحبوا الفكرة اللي هتسعد جدتي". مع كل لمسة على جدار لإتمام جزء من الرسومات، كان قلب عبدالرحمن يخفق بذكرى جميلة جمعته مع جدته "تُعتبر والدتي التانية، من زمان بحب أروحلها وأقعد معاها، أتفرج عليها في الغيط أو هي بتخبز، وياما دعتلي وفرحتني" كان يعلم أنها بسيطة وستتلقى فعلته بكل طيب. أتم الشاب العشريني فكرته بصورة جيدة "طبعًا بإمكانيات بسيطة، الموضوع مكلفش أكتر من 75 جنيه" ثم استئذن جدته للخروج إلى المصطبة، تحركت السيدة السبعينية خلفه، وحين شاهدت رسوماته علت ملامحها الدهشة "فرحت جدًا لما عرفت إني اللي رسمتها، وباستني في رأسي ودعلتي، والدعوة أهم حاجة". بعد أن تأملت الجدة ما فعله الحفيد، وجلست قليلًا في "المصطبة" ذكرت له أمر لا ينساه "قالتلي إني رجعتها لأيام زمان تاني، لأنهم كانوا بيدهنوا بيوتهم بالجير اللبني" لمعت عيناها وهي تروي له عن أيام الشباب وحياتها في العشرينات، بينما يُرسل لوالده على الإنترنت صور الكان قبل وبعد الرسومات "قالي المصطبة نورت من تاني". نشر عبدالرحمن الصور على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" انتشر الأمر بسرعة كبيرة وتلقى ردود أفعال واسعة على فكرته، أغلبها تمدح التجربة وعلاقته بجدته، بينما اتهمه البعض بأنها "فوتوشوب" لذا رد عليهم بصورة تجمعه مع جدته أمام الجدارية "أصلي هاضحك على الناس ليه يعني؟". تلك ليست المرة الأولى التي يرسم فيها عبدالرحمن، لديه محاولات عديدة على مدار السنوات الأخيرة "اتعلمت مع نفسي كدا" لم يدرس الأمر "بس بدرس علاقة الألوان ببعضها في كليتي" لكنه يعمل على تطوير أدائه من خلال الرسم كثيرًا "ودلوقتي بقى بيطلب مني أرسم للناس "عملت في كأس العالم رسوم لمحمد صلاح على واجهة محل وأتمنى استمر في الحاجة اللي بحبها".
