هذه جلستها المفضلة، مصطبة متواضعة تجلس عليها أكثر الأوقات، وفى زمن مضى كانت «عطيات عبد الله» السبعينية، تجلس عليها برفقة الزوج، وحين غاب عنها، قرر حفيدها مواساتها على نحو مختلف بعد فترة من وفاته، ولما لم يكن يملك أحمد عبدالرحمن سوى مهارة الرسم، قرر طلاء الجدار الذى تستقر أمامه المصطبة بألوان مختلفة مبهجة، تدخل على جدته لأبيه السرور. بدأت علاقة الشاب بالرسم، حين أجرى إحدى العمليات، واستقر فى المنزل لفترة طويلة، فصار يعبث بالألوان، والأوراق التى بين يده، وساعده على الأمر كونه طالب فى كلية الهندسة بجامعة بنها، وحين قرر تقديم هدية لجدته، احتار فى البداية، حتى اهتدى إلى تلك الفكرة، التى ساعده فيها أقاربه جميعا: «هيا طول قعدتها على المصطبة، وبتمثلها جزء قد يكون الاهم فى البيت، فقلت أنا لازم أعمل حاجة ليها علاقة بالمصطبة». لم تكن تجربة طلاء الحائط الخاص بجدته، أول تجربة للشاب، فالأولى كانت عندما قام برسم صورة للاعب المصرى محمد صالح، على جدار أحد المحلات مقابل مبلغ معين، التجربة التى أعطته ثقة فيما بعد ليقوم بطلاء جدار جدته على نحو مميز. تستيقظ جدة الشاب التى تسكن فى بنها، فى تمام ال7 صباحا، ولذلك فهو مضطر إلى العمل على تلك المصطبة فى الليل، حتى يكون شكلها الجديد مفاجأة لها فى الصباح، فجهز ألوانه وفرش الألوان، وانطلق فى الطلاء طيلة الليل، فى تكلفة لم تتخط 80 جنيها، وفى الصباح كانت المصطبة فى شكلها الجديد بانتظار الجدة، التى اندهشت حينما وقعت عيناها عليها: «فرحت جدا وفرحتها دى كانت أجمل حاجة حصلت ليا، وحضنتنى وأنا بوست إيديها، ودى كانت أجمل هدية أنا قدمته لحد طول حياتى» يحكى الشاب، الذى التقط لجدته صورا فى الصباح، بينما وقفت هى وعلى وجهها ابتسامة كبيرة، والدعوات لا تنقطع عن لسانها: «قعدت تدعيلى كتير واتبسطت من الألوان جدا». اختيار الألوان أحد الأمور التى اهتم بها الشاب، ولأن دراسته فى الهندسة تحتم عليه معرفة التناسق بين الألوان إلى جانب ممارسته الطلاء على الجداريات أحيانا فإنها حازت إعجاب جدته وكثيرا من الجيران: «والحمد لله إنى قدرت أخليها مبسوطة حتى لو بحاجة بسيطة».